قبل نهاية الأسبوع الماضي سمّى شادي سعد مدير مركز التحكيم الرياضي المحامي، رندا عبود لتكون المُحكّمة في الاعتراض المقدّم من نادي العهد ضد قرار لجنة استئناف الانضباط الذي أعاد أزمة كرة القدم اللبنانية إلى النقطة الصفر، والتي علّقت بطولة الدوري العام، وتركت اللعبة كلّها في مهبّ الريح والخطر بعدم استكمال الموسم.وفي موازاة ترقّب بدء عبود لعملها في هذا الملف، يبدو جليّاً أن متصدر ترتيب الدوري العام ورغم حضور رئيسه المحامي تميم سليمان لاجتماع الاتحاد اللبناني بأندية الدرجة الأولى، لن يقبل بأي تسوية «على الطريقة اللبنانية» بل ذهب «للآخر» في المسار القانوني طالباً إبطال قرار لجنة الاستئناف الصادر في 21 كانون الثاني الماضي.
71 صفحة حملها العهد عبر محاميه جوزف يزبك إلى مركز التحكيم الرياضي، في ما بدا أنه لم يفوّت فيها أي شيء، فتضمنّت 21 منها سرداً للوقائع الحاصلة، انطلاقاً من تعليق نادي النجمة لقرار مشاركته في الدوري، ومروراً بما حصل في يوم المباراة في ملعب الرئيس فؤاد شهاب الرياضي في جونية، ووصولاً إلى ما جاء على لسان وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي حول عدم تدخله بقرار تأجيل المباراة.
الدقّة في كتابة الاعتراض بدت واضحة أيضاً، خصوصاً لجهة التذكير بمواد وأنظمة الاتحاد اللبناني المرعيّة الإجراء، ولناحية إرفاق هذا الاعتراض بـ51 صفحة تتضمن 17 مستنداً (إضافةً إلى قرصٍ مدمج لمقابلة المولوي في برنامج «صار الوقت» حيث أجاب عن سؤال حول المباراة)، وذلك لإثبات أشكال الاعتراض، وما اعتُبر من قبل المعترض «أخطاءً عديدة في الشكل المضمون توجب لا بل تحتّم إبطال قرار لجنة استئناف الانضباط وإلا إلغاءه ليعود قرار لجنة الانضباط المثبّت من قبل الاتحاد»، بحسب ما ورد في مطلع الصفحة 9 من ملف الاعتراض.

13 سبباً لإبطال القرار
طلب العهد البتّ بالاعتراض كان وفقاً للإجراءات المستعجلة المنصوص عنها في المادة 17 - الفقرة 4 من نظام التحكيم الرياضي والقواعد الإجرائية المعتمدة في مركز التحكيم الرياضي. وقد لحظ في طلبه الاستعجال على ما برّره «لكي لا تتأثر بطولة الدوري العام للدرجة الأولى»، مفنّداً الأسباب الـ13 لإبطال وإلغاء قرار لجنة الاستئناف.
وانطلق المعترض في أسبابه بحسب ما ورد في ملفه، من أن قرار لجنة الانضباط لم يكن قابلاً للاستئناف سنداً لأحكام الفقرة 3 من المادة 11-3 من النظام الأساسي للاتحاد اللبناني لكرة القدم، لكونه قد أعلن نهائياً من قبل الاتحاد بموجب التعميم رقم 2/2022 الموقّع من أمينه العام الذي ثبّت قرار لجنة الانضباط «حيث أمسى حينها نهائياً».
كما ذكر أن قرار لجنة استئناف الانضباط خلص في فقرته الحكميّة إلى فسخ بنود من التعميم رقم «2/2002» واعتباره كأنّه لم يكن، في حين أن التعميم المتعلّق بمباراة فريقي العهد والنجمة هو التعميم رقم 2/2022 وليس 2/2002 «الأمر الذي يجعل القرار معيوباً وغير قابل للتنفيذ».
من هنا، اتهمت الجهة المعترضة لجنة الاستئناف بالافتقار إلى الدقة في صياغتها وتقريرها فسخ بند غير موجود في القرار المستأنف كونها قضت «بفسخ بنود غير موجودة في التعميم مفتقرة إلى الدّقة بهذا الشأن أيضاً حيث ذكرت البنود «21، 20 و22»، بدلاً من البنود 20 و21 و22.
وشدّد المعترض على عدم قانونية القرار في نواحٍ عدة، محاولاً إبراز المخالفات القانونية، انطلاقاً من قرار اللجنة اعتبار التعميم برمّته كأنه لم يكن وليس فقط البنود 20 و21 و22 منه، «الأمر المخالف للقانون لأن التعميم المذكور تضمّن بنوداً أخرى لا علاقة لنادي النجمة بها وبمباراته ضد نادي العهد ولم يجرِ الطعن بها». أضف «لأن قرار اللجنة الذي خلص إلى فسخ بنود من التعميم وليس إلى إبطالها تجاوز مفاعيل الفسخ القانونية، معتبراً أن التعميم برمّته كأنّه لم يكن، أي أنه أعطى لقراره مفعولاً مبطلاً ممّا يشكّل مخالفةً قانونية جوهرية».
العهد يتهم الاستئناف بالانحياز والنجمة باختلاق ذرائع وهميّة


غياب المواد والأعضاء
الاعتراض العهداوي الموجّه إلى مركز التحكيم الرياضي ذهب إلى أبعد من سرد الأسباب لإبطال قرار لجنة الاستئناف، فاتهمها مباشرةً بعدم الاستناد لأي مادة قانونية في الفقرة الحكميّة فجاء في سابع الأسباب «لأن قرار لجنة استئناف الانضباط افتقر إلى بيانات جوهرية ولم يشر، لا في مطلعه ولا في متنه، إلى أسماء رئيس اللجنة وأعضائها كما أنّه لم يتضمّن في خاتمته توقيعي رئيس اللجنة المحامي الدكتور علي رحال وعضو اللجنة المحامي رواد أبو خزام، كما أنّه لم يذكر إذا ما كان قد صدر بالإجماع أو بالأغلبية، وفي الحالة الأخيرة لم يتمّ تدوين أي مخالفة، الأمر المخالف لأحكام المواد /537/ فقرة 3 و/529/ و/530/ من قانون أصول المحاكمات المدنية، علماً بأن المادة الأخيرة تؤدي حكماً إلى اعتبار القرار باطلاً».
أما التهمة الأخرى فأصابت رئيس اللجنة حيث اعتبر الاعتراض أنه كان عليه «أن يتنحّى عن النظر بالاستئناف لكونه مشجّعاً لنادي النجمة ولا يتردد في تبيان ذلك بوضوح على مواقع التواصل الاجتماعي لا سيّما على صفحة «فايسبوك» العائدة له». ولهذه الغاية أبرز الاعتراض مستندَين ربطاً باعتراضه أحدهما حمل الرقم 12 ويخصّ منشوراً يعود تاريخه إلى 31 آب الماضي وقد عنونه رحال بعبارة «لهذا نحب النجمة». كما أضاف مستنداً حمل الرقم 13 ويعود تاريخه إلى 17 آذار 2018، وهو منشور لرحال أيضاً عبر صفحته مرفقاً بصورة جمهور النجمة وعبارة «أكلنا الضرب، بسيطة الموعد في العام القادم»، في إشارةٍ منه إلى تعادل النجمة مع الأنصار سلباً يومذاك وبالتالي تضاؤل حظوظه في المنافسة على اللقب الذي أحرزه العهد لاحقاً.
كما وُجهت التهمة عينها إلى عضو اللجنة المحامي محمد بلطجي الذي برأي المعترض كان عليه «أن يتنحى من تلقاء ذاته عن النظر في الاستئناف لكونه عضواً في إدارة النجمة على نحو ما ذكر رئيس النادي أسعد الصقال في إحدى مقابلاته».

الإجراءات الأمنية والاتحادية
الجانب الآخر الذي صوّب عليه الاعتراض كثيراً هو العمل على تأكيد مسألة عدم صدور أي قرار أمني بإلغاء المباراة أو تأجيلها، منطلقاً من كلام المولوي الذي أجاب في مقابلته التلفزيونية «بأنه لم يقل للعسكر التدخل بمباراة رياضية وأن موضوع المباراة يعود للاتحاد وأنه لا يعرف أحداً من الفرق وأنه لا يحضر كرة القدم ولا يمارس الرياضة وليس له أي علاقة بالموضوع».
كما تطرّق إلى نظام الاتحاد الدولي لكرة القدم، وكذلك النظام الأساسي للاتحاد اللبناني الذي يمنع التدخلات الخارجية بشؤونه ويمنعه من تحويل صلاحياته القانونية والرسمية إلى أي فريق آخر (الفقرتان 4 و10 من المادة 2-2 من النظام الأساسي للاتحاد اللبناني) «أي أن الاتحاد اللبناني لكرة القدم هو المرجع الوحيد الذي يحق له تقرير إلغاء أو تأجيل أي مباراة من مباريات الدوري العام».
وأسهب الاعتراض في هذه النقطة معيداً السبب إلى عدم صدور أي قرار عن المرجع المختص في الاتحاد «قضى بإلغاء المباراة أو بتأجيلها كما أنّه لم يتمّ إبلاغ العهد بأي قرار خطي بهذا الشأن صادر وفقاً للأصول، علماً أن المرجع المختص في الاتحاد هو حصراً اللجنة التنفيذية أو لجنة الطوارئ في الحالات المستعجلة والملحّة والطارئة سنداً لأحكام المادة 9-1 من النظام الأساسي».
ولم يغيّب الاعتراض أيضاً أي مستند لإبراز تغيّب النجمة عن المباراة «عن سابق تصوّر وتصميم لا لذرائع أمنية» بحسب ما ورد في ملف العهد، وأبرزها كتاب تعليق مشاركته في البطولة الصادر قبل موعد المباراة بأربعة أيام، والأخبار التي نشرها على صفحة النادي الإلكترونية يوم المباراة للإشارة إلى خوضه حصة تدريبية على ملعبه في نفس موعد المباراة تقريباً.
وفي هذا السياق اتهم المعترض خصمه بالتذرّع بقرار لوزير الداخلية قبل 45 دقيقة من بدء المباراة، وباختلاقه ذرائع أمنية لا تمت إلى الحقيقة والواقع بصلة بحسب وصفه، مضيفاً «لا سيّما أن المباراة كانت مقرّرة من دون جمهور وقد سبق وأجريت مباراة قبل ظهر اليوم ذاته على الملعب عينه. كما أن سائر مباريات الدوري العام حصلت في اليوم عينه على ملاعب أخرى من دون حصول أي حادث أمني يذكر، فيكون من الثابت أنّ السبب الأمني ليس سوى ذريعة اختلقها نادي النجمة لتبرير تخلّفه عن المشاركة في المباراة»، دائماً بحسب اعتراض العهد.

مقتطفات من ملف اعتراض العهد



اختصاص مركز التحكيم الرياضي


استناداً إلى المادة 13 من نظام التحكيم الرياضي والقواعد الإجرائية المعتمدة من قبل مركز التحكيم في لبنان، يختصّ مجلس التحكيم بالنظر في النزاعات التي تحال إليه مباشرةً وفقاً للقواعد الإجرائية، وهو يعتبره غرفة تحكيم اعتراضية تنظر في الاعتراض على القرارات الصادرة عن الهيئات أو اللجان الرياضية أو أي لجنة قضائية أو تأديبية، بعد أن يكون المعترض قد استنفذ جميع وسائل المراجعة والاعتراض لدى الهيئات أو اللجان المعنية.
من هنا استند اعتراض العهد إلى الفقرة 11 من المادة 7-3 من النظام الداخلي للاتحاد اللبناني لكرة القدم والتي نصّت على ما يلي: «تكون قرارات لجنة استئناف الانضباط نهائية ومبرمة ولا تخضع لأي طريق من طرق الاعتراض إلا أمام هيئة التحكيم. كما أن قراراتها لا يمكن الطعن بها أمام أيّة محاكم قضائية أخرى لأي سبب كان».
وتمنح قوانين وأنظمة اللجنة الأولمبية اللبنانية المركز صلاحية النظر في الاعتراض على القرارات الصادرة عن الهيئات أو اللجان الرياضية أو القضائية أو التأديبية، وذلك بوصفها غرفة تحكيم اعتراضية. وبما أن الاتحاد اللبناني لكرة القدم هو عضو في اللجنة الأولمبية وخاضع لقوانينها وأنظمتها، يصبح من اختصاص مركز التحكيم الرياضي في هذه الحالة النظر في الاعتراض الحاضر على اعتبار أن العهد استنفد بحسب ملفه جميع وسائل المراجعة والاعتراض لدى الهيئات واللجان المعنية في الاتحاد اللبناني، وقد استوفى اعتراضه بالتالي جميع الشروط الشكلية سنداً لأحكام نظام التحكيم الرياضي والقواعد الإجرائية المعمول به في المركز المعني لاسيّما المادة 11 منه.