منذ ظهور كرة القدم امتلأت جيوب الأوروبيّين بالأرباح. الكرة «البيضاء» التي صنعها المستعمرون الأوائل، ظلّت حكراً على أصحابها رغم «رومانسيات العدل والمساواة»، وهم حوّلوها مع الوقت إلى تجارة رابحة هناك في بلادهم، وقد أظهر الإعلام الأوروبي ذلك من خلال هجماته «الوحشية» على كأس الأمم الأفريقية والمطالبة بإلغائها.
يشهد النهائي مواجهة خاصة بين محمد صلاح وساديو مانيه

خاضت أفريقيا نضالها الطويل والشاق من أجل أن يأتي اللاعبون إلى الملاعب ويركلون الكرة. أسّس عمال الأراضي والمناجم أندية الكرة، ودعموا أي شخص يريد مداعبة الساحرة المستديرة. لم تكن الطريق معبّدة أمام إقامة بطولة كأس أمم أفريقيا لكرة القدم منذ نسختها الأولى عام 1957 بفرقها الثلاثة، وصولاً إلى بطولة الكاميرون الحالية التي واجهت ضغوطات أوروبيّة كبيرة من أجل تأجيل الحدث. وصل الحدّ بالبعض إلى استخدام «العنصرية المبطّنة»، إذ انتقد العديد من اللاعبين والمدرّبين الأوروبيّين الكرة الأفريقية، معتبرين البطولة القاريّة غير مهمّة.

أرادت أغلب الجهات من خارج القارة السمراء «خنق» الاتحادات الرياضية لكرة القدم في أفريقيا، غير أن هذه الأخيرة رفضت «التبعية». فرغم الضغوطات المختلفة، أقام الاتحاد الأفريقي البطولة في موعدها، غير أنها شهدت بعض الأحداث «الغريبة» التي دفعت البعض للاعتقاد بأنها مؤامرة تهدف للإساءة إلى صورة البطولة. في حادثة غريبة ونادرة، أطلق حكم مباراة تونس ومالي خلال بطولة كأس أمم أفريقيا لكرة القدم صافرة النهاية قبل الدقيقة التسعين، ما أثار غضب منتخب «نسور قرطاج» الذي كان يبحث عن هدف التعادل ضمن منافسات الجولة الأولى من المجموعة السادسة. ومن الأحداث المأساوية التي شهدتها البطولة أيضاً، كان مقتل 8 اشخاص وإصابة 46 آخرين بسبب التدافع في مباراة الكاميرون وجزر القمر. وكان لافتاً ايضاً كثرة البطاقات الحمراء خلال المباريات. هذه الأمور ربما تحصل في أي مكان، إلّا أنّ الهجمة الأوروبية على البطولة دفعت بالعديد من الأطراف إلى اعتبار ما حصل على أنها أحداث مدبرة.
نجحت الكاميرون بأخذ البطولة إلى برّ الأمان رغم الضغوط الأوروبية الكبيرة من أجل إلغائها


هي أحداث غريبة ومشكوك في أمرها، خاصةً لقطة حكم مباراة تونس ومالي، والتي استغلّها الإعلام الأوروبي ليهاجم البطولة الأفريقية واتحادها.
الاتحاد الأوروبي والاتحاد المحلية في القارة العجوز تريد كرة القدم على قياسها. هذه الاتحادات ومن خلفها الفيفا تعامل الكرة الأفريقية بطريقة مختلفة عن باقي القارات، وهذا أمر بدأت الاتحادات الأفريقية ترفع الصوت وترفضه.
واذا كان الاتحاد الأفريقي متهم بالفساد ـ حاله كحال معظم الاتحادات القارية ـ فذلك لا يعطي الحق للأوروبيّين بالمطالبة «الوقحة» بإلغاء البطولات الأفريقية مقابل التركيز على بطولاتهم. حتى أنهم يرفضون في بعض الأحيان ترك اللاعبين الأفارقة المحترفين في أوروبا للالتحاق بمنتخباتهم.


كل هذه الممارسات ردّت عليها أفريقيا من خلال بطولة الكاميرون الحالية، رغم كل ما حصل من أحداث. نجحت الكاميرون بإخراج البطولة إلى برّ الأمان، حتى أنّ الأداء في الأدوار الإقصائية كان مميزاً، وشاهد العالم كرة قدم جميلة.
المباراة النهائية تُلعب غداً بين السنغال ومصر وهي تعد بالكثير من الإثارة والندّية، خاصة وأنها تشهد مواجهة خاصة بين نجمَي ليفربول الإنكليزي، محمد صلاح وساديو مانيه.