تفتقد مباريات دوريَي الدرجتين الرّابعة والخامسة في كرة القدم اللبنانية إلى التنافسية. الأندية تجهد لتجتاز منافسات الدوري العام «بالتي هي أحسن». في الدرجات الدُّنيا يغيب التخطيط، وتعمل الأندية وإداراتها بمبدأ «التسكيج». البنية التحتية هشّة، والظروف الاقتصادية صعبة، وهو ما ينعكس سلباً على التدريبات والمباريات... وحتّى اللاعبين.رئيس نادي التعاضد المزرعة الذي ينشط في دوري الدرجة الرابعة ـ جبل لبنان، حازم البعيني يتحدّث عن واقع الدوري، ويقول لـ «الأخبار»: «النادي يعتمد على تبرّعات لجنة أصدقاء النادي المكوّنة من مقيمين في البلدة ومغتربين لتغطية نفقات الدوري». ويشكو البعيني من «التحكيم وعدم اختيار ملاعب محايدة للمباريات»، وطالب اتّحاد جبل لبنان الفرعي «بعدم الاستغناء عن مراقب الحكّام وتوثيق المباريات عبر التصوير».
من جهته يعتمد نادي التضامن النبطية على الهبة المالية السنويّة المقدّمة من بلديّة النبطيّة الفوقا، وتبرّعات أعضاء الهيئة الإدارية في النادي لتأمين بدل النقل للاعبين، ودفع 200 ألف ليرة إضافية لكلّ لاعب في الفريق شهرياً. وذلك بحسب أمين سرّ نادي الدرجة الرابعة ذو الفقار شريفة.
أمّا رئيس نادي الدرجة الخامسة في بيروت ـ جعيتاوي سعيد متري، فيذهب أبعد من ذلك، ويقول في حديث مع «الأخبار»: «لا مش ناوين ننافس»، ويُضيف: «كيف سينافس نادٍ يتدرّب على ملاعب ميني فوتبول ويجمع لاعبي فريقه في أربع سيارات لينقلهم إلى الملعب!». ويرى متري أنّ «كرة القدم في لبنان فقدت رونقها بعد أن تخلّى أهل الرياضة عنها لمصلحة أهل السياسة ليفسدوها».
في الشمال تبدو الأمور أكثر صعوبة، حيث لجأ نادي شكا إلى استئجار ملعب للتدريبات، بدلاً من دفع بدل مالي للاعبين، على الرغم من أنّ الفريق ينافس للصعود من الدرجة الرابعة إلى الثالثة، وذلك بحسب ما يؤكّد مدرب الفريق أمين ذيب في حديث مع «الأخبار».

البقاع يعترض
الظروف الاقتصادية ليست المشكلة الوحيدة في الدرجة الرابعة، فتعترض أندية هذه الدرجة، الستة عشر في البقاع على النظام المعتمد في التأهّل للتصفيات النهائية. ففي الدرجة الرابعة يتأهّل أول المجموعتين مباشرة إلى التصفيات النهائية، بدلاً من لعب مربّع ذهبي بين الأول والثاني من المجموعتين. ووعد رئيس اتحاد البقاع الفرعي فيدال حيمور أنه: «سنُعيد المربع الذهبي الموسم المقبل، ونحن بصدد دراسة تمكين فريقين من الصعود من الدرجة الخامسة إلى الرابعة».
ويؤكّد زكريا العمّار رئيس نادي الحر العاملي مشغرة في حديث مع «الأخبار» أنّ «تأهّل أول المجموعتين في البقاع مباشرة إلى التصفيات النهائية دونما لعب تصفيات نهائية تضمّ أول وثاني كل مجموعة مجحف بحقّ الفرق، فهي تحدّ من المنافسة»، مشيراً إلى أنّ «لاعبي فريقه يضحّون بوقتهم ويهملون أعمالهم في أحيان كثيرة منذ الصيف للتحضير لمنافسات الدوري العام وتحقيق طموحهم في التأهّل للدرجة الثالثة على الرغم من عجز النادي عن دفع حتى بدل النقل لهم».
من جهتها تقدّمت أندية الدرجة الخامسة، السبعة في البقاع، بطلب تعديل نظام الصعود لدى اتحاد البقاع الفرعي، ويقول فيصل جابر رئيس نادي ضهر الأحمر: «من غير المنصف أن نلعب دورياً كاملاً بفرصة تأهّل واحدة، هذا يحدّ من التنافسية».
ورفعت أندية الدرجات الدُّنيا الصوت عالياً حيال المساعدات التي تُقدّم من الاتحاد الدولي للعبة «Fifa» للاتحاد اللبناني الذي ارتأى بدوره أن يوزّعها على الأندية. وتبلغ حصّة كلّ نادٍ في الدرجة الرابعة 1000 دولار، وحصّة كل نادٍ في الدرجة الخامسة 500 دولار. وتطالب هذه الأندية بحصص أكبر من أجل تطوير نفسها.
تقلّص عدد أندية بيروت في الدّرجتين الرابعة والخامسة بسبب بيع العديد من الأندية لرخصِها الاتّحادية نتيجة غياب الدّعم


واللّافت أنّ الاتحادات الفرعية في الدرجتين الرابعة والخامسة هي التي تنظّم الدوري. وعلى سبيل المثال، يوزّع اتحاد جبل لبنان الفرعي أندية الدرجة الرابعة الـ35 على أربع مجموعات، على أن يتأهّل الأول والثاني من كل مجموعة إلى الدور التمهيدي الثاني، لتخوض الفرق المتأهلة منافسات في ما بينها. يبلغ أول ثلاثة فرق مرحلة التصفيات النهائية، بينما يخوض آخر فريقين من كل مجموعة منافسات الهبوط، ليهبط فريقان إلى الدرجة الخامسة.
أمّا أندية دوري الدرجة الخامسة الـ11 في جبل لبنان، فتتنافس في ما بينها على بطاقتَي صعود إلى الدرجة الرابعة.
وفي حديث مع «الأخبار» يقول سعيد عبد الخالق امين سر جبل لبنان الفرعي: «حاولنا تقليص النفقات المالية على الأندية، فقرّرنا عدم الاستعانة بحكم رابع ومراقب حكام».
والجدير ذكره أنّ الأندية المشاركة في دوريات الدرجتين الرابعة والخامسة هي التي تدفع للحكام والمراقبين، وبدل الملعب الذي تُقام عليه المباريات. وفي بعض الأحيان يكون هناك مساعدة شخصية من رئيس الاتحاد الفرعي أو الأعضاء. وفي بعض الأحيان تلجأ بعض الاتحادات الفرعية إلى البحث عن راعٍ للدوري، كما حصل مع اتحاد الشمال.
هذه المشكلات جميعها مسؤول عنها اتحاد اللعبة والاتحادات الفرعية، إضافة إلى الدولة بشكل عام نتيجة غياب رؤية واضحة للرياضة، وتخطيط سليم.
هذه الدوريات ستبقى تعاني لفترة طويلة في ظل غياب الرؤية، وستبقى أي فورة لأي نادٍ هي نتيجة رغبة رئيس نادٍ بصرف الأموال لشراء لاعبين وتأمين ما يلزم للنهوض بأي فريق، وهذا لا يبني رياضة للمستقبل.



بيروت تُعاني والجنوب خزّان اللاعبين


برز في الفترة الأخيرة غياب أندية بيروت عن المنافسة في الدوريات الدنيا. وفي هذا الإطار يُشير أمين سر الاتحاد الفرعي في بيروت قاسم الحاج لـ«الأخبار» إلى: «تقلّص عدد أندية بيروت في الدرجتين الرابعة والخامسة، بسبب بيع العديد من الأندية لرخصِها الاتحادية إلى نوادٍ في المناطق»، ويوعز ذلك إلى «غياب الدّعم التام عن الأندية من البلدية ومن الاتحاد والمتموّلين، بالإضافة إلى عدم وجود ملاعب للتدريب». ويتابع الحاج: «بات دوري الدرجة الرابعة في بيروت يضمّ 8 أندية. طالبت هذه الأندية الاتحاد الفرعي بأن يكون نظام البطولة على مرحلة واحدة يصعد الأول مباشرة إلى مرحلة التصفيات الأخيرة، ويهبط الأخير إلى الدرجة الخامسة، وهذا ما ينطبق على دوري الدرجة الخامسة الذي يضم ستة أندية».
وعلى عكس بيروت يؤكّد رئيس اتحاد الجنوب الفرعي حسين عواضة أن «الجنوب هو خزّان اللاعبين في لبنان، لذلك نظّمنا منذ 3 سنوات وباستمرار كأس الجنوب التي تضم أندية دوريَي الدرجتين الخامسة والرابعة، بالإضافة إلى كأس السوبر بين بطلَي الدوري والكأس في الجنوب». ويُضيف: «سننظّم السنة بطولة النخبة بين أفضل أربعة أندية في كل من الدرجتين الرابعة والخامسة، ولا نزال في صدد دراسة نظامها». واللافت أنّ دوري الدرجة الرابعة في الجنوب يضم 27 فريقاً.