«اللعب من أجل اللعب» هو مبدأ الرياضيين العرب المطبّعين مع الاحتلال. هؤلاء يتلطّون خلف ما يردده الصهاينة بضرورة فصل الرياضة عن السياسة، ولكنهم يتجاهلون أن مواجهة لاعبين من الكيان الصهيوني تعطي هذا الكيان شرعية.تحاول دول خليجية وأخرى من المغرب العربي تصوير موضوع المقاطعة الرياضية للاحتلال على أنه خطيئة كبرى، وهي تعمل على توسيع مشاريع «التطبيع الرياضي». ولكن رغم كل هذه المحاولات والأموال التي تُدفع، يبقى هذا التطبيع على مستوى الحكومات والسلطات، وهو مُدان من قبل الشعوب العربية. ومن هذا المنطلق كرّمت الحملة العالميّة للعودة إلى فلسطين، الرياضيين الرافضين للتّطبيع، في حفل أقيم في بيروت.
وقال المعلق الرياضي الجزائري حفيظ دراجي الذي شارك في الحفل، في حديث مع «الأخبار»: «لا يمكن اللعب إلا بروح سياسية». فاللاعب لديه مشاعر وآراء لا يمكن التخلي عنها لمجرد دخوله ميدان الرياضة. رفض التطبيع الرياضي يمكن أن يكون في عدم مواجهة لاعب صهيوني، أو الامتناع عن مواجهة الأندية الفلسطينية في الأراضي المحتلة، وهذا يؤدي إلى خسارات فعلية في المنافسات. وبحسب دراجي: «المواقف لا تُحسب بمبدأ الخسارة. فعندما نبدأ بحساب المواقف عندها ندخل في المساومة. كلّ الرياضيين الذين يرفضون التطبيع لم يُجبرهم أحد على ذلك. ولا يمكن أن نلصق أي خسارة مادية أو معنوية في مسيرة الرياضي بموقفه».
هذه الخسارات تُعتبر انتصاراً لفلسطين. هذا هو موقف بطل الجودو الجزائري فتحي نورين، الذي انسحب من أولمبياد طوكيو أمام منافس من كيان الاحتلال رافضاً التطبيع، وتمّت معاقبته من قبل اللجنة الأولمبية الدولية، ومنعه من المشاركة 10 أعوام. اعتزل نورين وهو في قمة عطائه الرياضي، ورفض أن يتنازل. نورين وفي حديث مع «الأخبار» يقول: «الاحتلال هو كيان إرهابي ولا يجب أن يكون موجوداً في الألعاب الأولمبية. الهدف الأهم من الانسحاب هو التعريف بالقضية الفلسطينية وما يحدث في فلسطين. الإسرائيلي يعمل بقوة لنشر سرديته والتأثير على شعوب العالم، ونحن نريد أن نعلم الجماهير ومن يتابع من العالم ما تعني لنا فلسطين. وجزء من تحقيق الهدف هو من خلال الضجة الإعلامية الكبيرة التي رافقت الانسحاب خاصة أنها حصلت في أكبر محفل رياضي وهو الأولمبياد». وعن خسارته الميدالية أضاف: «سأشعر بالخسارة لو أن الانسحاب لم يأت بنتيجة للقضية، لكن جاءت النتيجة أكثر من المتوقّع».
من جهة ثانية، فإن الاحتفاء بهؤلاء الرياضيين جاء من خلال الاستقبال الشعبي في بلدانهم، وهو تجسيد لآراء الشعوب الذي تحاول بعض الحكومات طمسها. الموقف الشعبي في هذه الحال سلاح، ودليل واضح على الهوة بين الخطاب الشعبي الوطني الداعم للقضية الفلسطينية، والخطاب الرسمي في بعض الدول الذي يحاول إعطاء قيمة لحكومة الكيان الصهيوني. هذا الأمر تجلّى في ردة فعل الشعب السوداني عند استقبال لاعب الجودو محمد عبد الرسول، بعد انسحابه من أولمبياد طوكيو 2021. هنا يصبح رفض المنافسة أشد وقعاً. ويقول عبد الرسول لـ«الأخبار»: «لم يُسمح لي بأي تصريح في بلدي بعد رفضي التطبيع، وواجهت تضييقاً رسمياً وأمنياً كبيراً عند وصولي إلى البلاد. إلا أن شعب السودان لم يبالِ واستقبلني بالحشود». يختلف الأمر قليلاً في العراق، فرغم الأزمات السياسية التي تمر بها البلاد، حضر الدعم الرسمي للبطل العراقي لـ«المواي تاي» علي الكناني. وهذا الدعم الرسمي والشعبي خفّف من وقع العقوبة الدولية التي تلقّاها الكناني نتيجة انسحابه من مواجهة لاعب كيان الاحتلال في بطولة العالم في تايلند عام 2019. بدوره قال الإداري الرياضي السوري وممثل نادي الجيش السوري قتيبة الرفاعي: «إن الجماهير الرياضية في منطقتنا تُتهم بأنها من الفئة الدنيا في المجتمع. الا أن الالتزام تجاه القضية الفلسطينية هو التزام مبدئي يرتبط بالتربية الأولية لدى الأطفال خاصة في سوريا». المقاطعة هي عملية رفض كامل للوجود وللممارسات الصهيونية، وانتصار لفلسطين وأهلها ورياضييها. هؤلاء الأبطال الرافضون للتطبيع في ميدان الرياضة أصبحوا أبطالاً لفلسطين، مخلّدين على لائحة الشرف.