لم تكن الطريق معبّدة أمام إقامة بطولة أمم أفريقيا لكرة القدم المقرّرة في الكاميرون، حيث واجه الاتحاد الأفريقي ضغوطات أوروبيّة كبيرة لتأجيل الحدث. أرادت الفرق الكبرى ضمانات بشأن بروتوكولات السلامة للاعبين، إضافةً إلى تأكيدات بعدم وجود أي إجراءات حجر صحّي إضافيّة متعلّقة بفيروس كورونا، ستجبر نجومهم على تفويت المزيد من المباريات مع الأندية عند عودتهم. لم يتوقّف الأمر عند الضغوط، بل وصل إلى حدّ العنصرية بعد انتقاد العديد من اللاعبين والمدرّبين الأوروبيّين للكرة الأفريقية، واعتبار البطولة القاريّة غير مهمّة. وبعث اتّحاد الأندية الأوروبية كتاباً إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم أشار فيه إلى أن الاتحاد الأفريقي لم يوفّر بروتوكولاً طبّياً، لكنّ منظّمي الحدث أكّدوا «اعتماد الإجراءات اللازمة لاحتواء متغيّر Omicron مع وجود خطط للتطعيم وخدمات الاختبار مع مختبر دولي معترف به لإجراء فحوصات دورية للاعبي المنتخبات الوطنية والموظّفين». كما شدّدوا على أنه لن يُسمح للمشاهدين بدخول الملاعب إلّا إذا كان لديهم دليل على التطعيم الكامل ونتيجة اختبار سلبيّة للفيروس، مع الإشارة إلى أن معدلات إصابة كورونا منخفضة نسبياً في أفريقيا، بحسب المنظّمين.وبعيداً عن أوروبا، اشتكى النادي الأهلي المصري، بطل دوري أبطال أفريقيا، إلى كل من «الفيفا والاتحاد الأفريقي لكرة القدم بشأن التعطيل الذي قد يسبّبه توقيت كأس الأمم الأفريقيّة لخططه في كأس العالم للأندية، حيث قد يخسر الأهلي أكثر من 10 لاعبين عندما يلعب مباراته الافتتاحية ضد بطل الكونكاكاف مونتيري.
وبغضّ النظر عن مخاطر كورونا، ظهرت العديد من المشاكل الأمنية أخيراً في البلاد، برز منها سلسلة تفجيرات، كون الحكومة تخوض معارك مع من تصفهم بالانفصاليّين في غربيّ البلاد. وتحدثت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية في هذا الإطار عن تهديدات أمنية للاعبين وسلامتهم، بسبب المشكلات السياسيّة في الكاميرون، وحاولت تسليط الضوء على تحذيرات من هيئات حقوق الإنسان، بشأن احتمال استهداف كبار اللاعبين خلال كأس أفريقيا.
ورغم الضغوطات المختلفة، أعلن الاتحاد الأفريقي بأن البطولة ستُقام في موعدها، حيث أكّد رئيس الاتحاد الكاميروني لكرة القدم، صامويل إيتو، في مقابلة مع قناة «كانال سبورت» أنه يرفض إلغاء البطولة، وأعلن تمسّكه الواضح بها .مشيراً إلى أنه لا يرى سبباً مقنعاً في عدم إقامة كأس أمم أفريقيا في موعدها، وأضاف: «سأعمل وأدافع بكل طاقتي من أجل إقامة هذه البطولة في موعدها». وتابع: «أقيمت يورو 2020 في ملاعب ممتلئة، وفي مدن أوروبية متعدّدة، ولم نرَ شيئاً قد حدث، فما هو العذر في تأجيل كأس الأمم الأفريقية؟ سنعمل على إقامة البطولة في الكاميرون».
وأنفقت الكاميرون ما يقرب من 4 مليارات جنيه إسترليني على البنية التحتية وسط توقعات بأن تحقّق أكثر من 35 ملياراً من الإيرادات.
هكذا، ووسط الضغوطات والمخاطر المتفاوتة، ستُقام البطولة في الكاميرون. وستكون هذه النسخة رقم 33 من البطولة، والثانية التي تشهد مشاركة 24 منتخباً، بعد النسخة الماضية التي احتضنتها مصر في عام 2019.
وتشهد النسخة المرتقبة مشاركة 10 أبطال سابقين لبطولة كأس أمم أفريقيا، إلى جانب 14 منتخباً لم يسبق لهم تحقيق اللقب. هذا ويشارك في البطولة نجوم عالميون على رأسهم محمد صلاح، رياض محرز وسايو ماني.
إذاً أكّدت أفريقيا كلمتها وردّت على عنصرية الأوروبيين، والرد الحقيقي سيتجلى من داخل الملاعب عبر تقديم أفضل احتواء صحي وأمني ممكن، مع جرعة مضاعفة من الحماس الكروي.