أصبح العِلم شريكاً للرياضات المختلفة في العالم. من تأهيل أرضيات الملاعب، إلى التجهيزات الخاصة باللاعبين واللاعبات، ووصولاً إلى أي شيءٍ يتناولونه أو يستخدمونه للتدرّب. العلاجات على أنواعها أيضاً أصبحت حاضرة في هذا المجال، وهي تلعب دوراً رئيساً في تسيير عالم الرياضة، وقد وصلت إلى حدٍّ أصبح فيه كل جانبٍ طبي مطلوباً في الأندية والمنتخبات وحتى في الرياضات الفردية.قبل أسابيع قليلة استلم الألماني رالف رانغنيك تدريب مانشستر يونايتد الإنكليزي، فطلب فوراً التعاقد مع طبيب نفسي رياضي لمساعدة اللاعبين على الخروج من الحالة الانهزامية التي عرفوها لفترةٍ طويلة بعد التخبّط في النتائج الذي عاناه «الشياطين الحمر » مع المدرب السابق النروجي أولي غونار سولشاير.
خبرٌ ربما أثار الاستغراب عند البعض، لكن الواقع أن رانغنيك وفي تجاربه السابقة مع الأندية التي عمل معها، لمس نجاحاً وفارقاً مع تعيينه لطبيبٍ نفسي لمساعدته على تدريب اللاعبين ذهنياً، بالتالي تحسين مستواهم، وهي خطوةٌ دأبت عليها أندية عدة من كبار أوروبا حيث البحث دائماً عن إخراج أفضل من اللاعبين وتحويلهم إلى رياضيين مثاليين.
طبعاً الصحة العقلية أساسية في أي مجال لتحقيق الإنتاجية المطلوبة بأفضل شكلٍ ممكن، والصفاء الذهني مطلوب عند أي رياضي للوصول إلى النجاح المنشود، وهو ما يبحث عنه المؤمنون بالعِلم وتأثيراته الإيجابية على الأداء والمستوى الفني.

لبنان يواكب بخجل
الإعداد الذهني الرياضي لم ينتشر في لبنان بالشكل المطلوب حتى الآن بل كانت هناك خطوات خجولة في هذا الإطار بدأت قبل عامين على هامش معسكرٍ لنادي الأنصار، ومن ثم ذهب كلّ من النجمة والبرج إلى الاستعانة بمعدّ ذهني في العام الماضي، علماً أن الأخير لا يزال ينشط في هذا الإطار من خلال تعيينه الدكتور داني عثمان للمهمة، في وقتٍ دخل على الخط نادي الإرشاد شحيم رغم أنه أحد أندية الدرجة الثالثة، وأيضاً الوافد الجديد إلى دوري الأضواء فريق سبورتينغ لكن لفترةٍ معيّنة.
أما في كرة السلة فقد لحظ دينامو لبنان هذه المسألة بتعاقده مع عثمان نفسه، وذلك في موازاة إقامة الأخير خلال الفترة الماضية ورش عمل للمدربين في اللعبتين تمحورت حول التدريب الذهني.
الفكرة الجديدة لبنانياً ليست عادية حتى في بلدانٍ مختلفة من العالم العربي، إذ هناك عدم تقبّل لمسألة العلاج النفسي، لكن هنا نتحدث عن إعدادٍ ذهني ممزوج بالجانب «البسيكولوجي»، بحسب ما يوضح عثمان الذي يحمل دكتوراه في علم النفس الرياضي.
يحتاج رياضيو لبنان إلى معدّ ذهني أكثر من غيرهم بسبب الأوضاع الصعبة التي يعيشونها


جلسات جماعية وفردية
آلية العمل الحالية في الفرق المحلية التي ذهبت إلى الإعداد الذهني تتركز على جلستين للفريق كاملاً أسبوعياً «حيث العمل غالباً على رفع مستوى الثقة والتركيز لدى اللاعبين، إضافةً إلى الالتزام والانضباط والتعاضد»، بحسب ما يقول عثمان.
أما الخطوة التالية فتكون عبر متابعة تفاصيل التفاعل خلال التمارين والمباريات لمعرفة حجم الاستفادة الفردية من الجلسات، ومن ثم العمل على تعزيز الحلقة الناقصة بحسب المتغيّرات التي يعرفها الفريق خلال الموسم التنافسي، «إذ أحياناً نكون بحاجةٍ إلى رفع مستوى الروح القتالية لدى المجموعة، وهو ما نعمل عليه حالياً مع البرج بهدف التركيز لتخطي سلسلة التعادلات، وذلك عبر زرع عقلية الفوز وتعزيز ثقة اللاعبين ببعضهم البعض»، يعقّب عثمان، ثم يضيف: «أما مع دينامو فالعمل يكون بوتيرةٍ أسبوعية للظهور بشخصية متحسّنة وهوية ثابتة، وذلك حتى لا يتأثر الفريق بالضغوط، خصوصاً تلك الآتية من تصدّره للبطولة على رغم أنه يخوض غمار دوري الأضواء للمرّة الأولى في تاريخه».

الثقافة هي الأساس
الجانب الثقافي يحضر هنا في شقّين خلال عمل المعدّ الذهني: الأول هو فهم ثقافة العيش في البلد الذي ينتمي إليه اللاعب، وذلك لمعرفة كيفية التعامل معه والجوانب التي يجب التركيز عليها لإخراج الأفضل منه. ويقول عثمان في هذا الإطار: «الجلسات الإعدادية البسيكولوجية تكون مع كل لاعب على حدى، وذلك كل 15 يوماً تقريباً حيث يمكنه سرد الأشياء التي يحبها وتلك التي تزعجه، إضافةً إلى التغيّرات في حياته». ويتابع: «ما إن تعرف شخصية كل لاعب يصبح الوضع أسهل للتعرّف إلى الفريق وتكوين فكرة عن مكامن قوته أو نقاط ضعفه في أي فترةٍ من الموسم أو ظرفٍ كان».
أما الشق الثقافي الثاني فهو يرتبط باللاعب نفسه ومدى تقبّله للأفكار والحوار، وهي مسألة تظهر بوضوح بين لاعبٍ وآخر وبين رياضةٍ وأخرى، حيث لا يخفي عثمان بأن «الخلفية الأكاديمية الرياضية للاعبي كرة السلة تجعل العمل معهم في مرحلةٍ متقدّمة أكثر من بعض لاعبي كرة القدم، لكن لا شك في أنه يمكن رفع مستوى هذا العمل مستقبلاً مع جيلٍ جديد يُعمل عليه في الأكاديميات الكروية بشكلٍ حثيث لتقوية ذهنيته ودخوله المعترك بجاهزية على مختلف الأصعدة».
أما الأكيد فإنه مستقبلاً قد نلمس تفوّقاً لفريقٍ على آخر من خلال التدريب الذهني الذي يخضع له المستفيد، وقد يكون أحد الأمثلة الصارخة على الوقوع في مطبّ عدم التركيز وضعف القوة الذهنية، ما عرفه منتخب لبنان لكرة القدم في المباراة أمام ضيفه الإيراني عندما خسرها في اللحظات القاتلة بشكلٍ لم يجد كثيرون له أي تفسير. ويعطي عثمان تفسيره في هذه الحالة قائلاً: «فقدان التركيز في اللقاء أمام إيران له بشكلٍ أو بآخر ارتباط بالفقدان العام للتركيز لدى بعض اللاعبين الناشطين في الدوري اللبناني حيث التوقّف الدائم للمباريات. بمعنى أن العقل يحفظ ويقوم بردود فعل على هذا الأساس، فكل الرياضات هي عبارة عن فعل ورد فعل، فإذا كان العقل مجرّداً من الأفكار المختلفة الخاصة بكل الظروف لن يتمكن اللاعب من التعامل مع وضعية المباراة بحسب ما تقتضيه الحاجة». ويسهب: «هناك أمور تزرعها في عقل اللاعب فتكون الأفضلية هنا لذاك الذي تدرب ذهنياً وبات أكثر جاهزية».
بطبيعة الحال، لا شك في أن الرياضيين اللبنانيين يحتاجون حالياً إلى كل مساعدة من هذا النوع، وذلك في ظل الأوضاع الصعبة التي يعيشونها وتنعكس سلباً على نفسيتهم، إذ لا يخفى أن المسائل المادية هي أساسية في حياتهم الرياضية، ويبدو من خلال المتابعة أن بعضهم يذهب إلى التمارين والمباريات للحفاظ على مدخوله لا أكثر، علماً أن الحاجة إلى معدّ ذهني لا ترتبط بالنواحي المادية فقط، بل إن أي شيء من مشكلات شخصية أو عائلية أو اجتماعية أو حتى في مكان العمل يمكن أن تؤثّر سلباً في اللاعب المطلوب منه في هذه الحالة تحويل المحنة إلى منحة.



تأهّل الحكمة والراسينغ وشباب البرج


انطلقت مسابقة كأس لبنان لكرة القدم أمس بثلاث مباريات، سجّلت تأهل الراسينغ والحكمة وشباب البرج إلى الدور ربع النهائي. صعود الراسينغ كان على حساب طرابلس بفوزه عليه 1-0 سجّله علي صبرا على ملعب جونية. أما شباب البرج فتأهل على حساب الصفاء فائزاً عليه بهدف وحيد عبر حسين عواضة على ملعب العهد.
وفي بحمدون، أخرج فريق الحكمة (الصورة) خصمه شباب الساحل بركلات الترجيح 5-3 بعد تعادل الفريقين في الوقت الأصلي 0-0، حيث ينص نظام البطولة على الذهاب مباشرة إلى ركلات الترجيح في حال تعادل الفريقين في الوقت الأصلي، دون اللجوء إلى شوطين إضافيين. ويلتقي الحكمة مع شباب البرج في الدور ربع النهائي نهاية الأسبوع المقبل، على أن يلعب الراسينغ مع الفائز من لقاء البرج والنبي شيت غداً السبت عند الساعة 13.30 على ملعب بحمدون.