نادرة هي المناسبات التي تعرّض خلالها منتخب لبنان الأول لكرة القدم لخسارات ثقيلة، على غرار ما يحصل مع بعض منتخبات المنطقة، أو حتى منتخبات أفريقية أو أوروبيّة متواضعة بإمكاناتها. خلال الفترة القريبة الماضية تعرّض المنتخب اللبناني لخسارتين في تصفيات كأس العالم أمام إيران (2 ـ 1) والإمارات (1 ـ 0)، وتلقّى انتقادات كثيرة على اعتبار أنه كان قادراً على تحقيق نتيجة أفضل. هذا الأمر ربما يكون صحيحاً، ولكن في الوقت نفسه يمكن أن يكون خاطئاً، على اعتبار أن المنتخب يجب أن يلعب بطريقة مختلفة ليخرج فائزاً.أول من أمس خسر المنتخب اللبناني أمام نظيره المصري بهدف دون ردّ في مباراته الأولى ضمن كأس العرب، بعد مباراة صعبة للغاية على الطرفين. ولكن في هذه المباراة اتفق الجميع على أن النتيجة كانت مقبولة جداً، نظراً إلى الفوارق الكبيرة بين المنتخبين، وإلى العزيمة الكبيرة التي لعب بها اللبنانيون على مدى 90 دقيقة.
هذه المباريات الثلاث على الأقل، أعطت انطباعاً واضحاً وملموساً على تطور المنتخب اللبناني، وخاصة على مستوى التنظيم الدفاعي، وقدرته على إرباك الخصم مهما كانت إمكاناته.
المنتخب اللبناني استفاد من تنظيمه الدفاعي أمام منتخبات تفوقه بأشواط على المستويين الفني والبدني، وهنا الحديث عن إيران ومصر، وقبلهما كوريا الجنوبية التي فازت على لبنان بهدفين لواحد أيضاً.
من الضروري القول إن المنتخب اللبناني يحتاج إلى عمل كبير على مستوى تطوير اللياقة البدنية للاعبين، إضافة إلى تطوير قدراتهم على الخروج بالكرة من منطقتهم، ولعب الخطط التكتيكيّة بأسلوب متطور، وهذا يعيد الأمور إلى النقطة الأولى، وهي عدم وجود بناء صحيح في لبنان، إضافة إلى ضعف الدوري المحلي وعدم وجود ملاعب متطورة وإمكانات خاصة بهذا الإطار.
ما قام به المدرب التشيكي للمنتخب اللبناني إيفان هاشيك، هو بالتحديد ما وعد به منذ اليوم الأول، وهو الاستفادة من الإمكانات المتاحة، واللعب بواقعية وعدم المجازفة.
التحفّظ الدفاعي أعطى المنتخب اللبناني توازناً كبيراً، وجنّبه خسائر قاسية وكبيرة أمام منتخبات أهم منه كروياً وفنياً وبدنياً، على غرار ما حصل مع موريتانيا التي لعبت بأسلوب مفتوح أمام تونس القوية فتلقّت شباكها 5 أهداف كاملة في اليوم الأول من كأس العرب. وكان نصيب المنتخب السوداني 4 أهداف عندما قرر أن يلعب بأسلوب مفتوح أمام الجزائر بطلة أفريقيا، وهي النتيجة ذاتها التي حقّقها المغرب في مرمى المنتخب الفلسطيني.
المنتخب الفرنسي كان متحفّظاً إلى حد كبير في مونديال روسيا 2018 وحقّق اللقب أخيراً، وكذلك فعل جوزيه مورينيو مع ريال مدريد. من البديهي أن لا تكون الأمور متشابهة هنا، ولكن الأكيد أن التحفظ الدفاعي لا يعيب المنتخب اللبناني، كما أنه لا يعفيه من مهمة العمل على تطوير القدرات البدنية والتكتيكية على حدّ سواء.
حقّق المنتخب الإيطالي بطولة كأس العالم في أربع مناسبات وهو يعتمد على صلابته الدفاعية، انطلاقاً من قاعدة أن من يدافع بشكل جيد، يهاجم بشكل جيد. المنتخب اللبناني ينجح أخيراً بتحقيق المهمة الأولى، وهو مطالب بتحقيق الثانية لكي يكون قادراً على الذهاب بعيداً في آسيا وتصفياتها المونديالية. مباراة لبنان والجزائر يوم غدٍ السبت لن تكون سهلة، والأكيد أن اللبنانيين لن يلعبوا بأسلوب مفتوح يجعلهم عرضة للهجمات الجزائرية المستمرة.