ظهر إنتر ميلانو في الموسم الماضي بصورة البطل، بعد أن قام المدرب أنطونيو كونتي بتكوين فريق كامل يحتوي على مدافعين محاربين، لاعبي وسط مهاريين إضافةً إلى مهاجمين حاسمين أمام المرمى. وبفعل متانة المنظومة وامتلاء الدكّة بالبدلاء المناسبين، أنهى الإنتر موسمه في المركز الأول بـ91 نقطة، مسجلاً 89 هدفاً مقابل استقباله 35 فقط.هكذا، ضجّت شوارع ميلانو إثر تحقيق الإنتر لقبه الأول في الدوري منذ موسم 2009-2010، كاسراً بذلك سلسلة احتكار يوفنتوس التي امتدت إلى تسعة مواسم متتالية. ورغم صخب الأجواء في المدينة، لم يكن أمام أنصار «النيراتزوري» سوى ثلاثة أيام للاحتفال، حيث رحل كونتي عن ميلانو بشكلٍ ودّي بعد اجتماعٍ سلبي مع رئيس النادي ستيفين زهانغ بشأن خطّط مجلس الإدارة لفترة الانتقالات الصيفية.
وساهم رحيل كونتي المفاجئ بكثرة التساؤل حول مستقبل الفريق، وقد أكّدت الأجواء «السامة» التي تلت خروجه بأشهر على أنه قد قفز من السفينة «الغارقة» في الوقت المناسب. كان رئيس النادي زهانغ في أزمةٍ مالية خانقة نظراً لتداعيات فيروس كورونا إضافةً لقيود فرضتها الحكومة الصينية على أموال المستثمرين الصينيّين في قطاع كرة القدم، ولم يتمكّن مالك الإنتر ببساطة من الاستمرار في إنفاق الأموال على النادي. ومع هذه التطورات ظهرت أولى معالم الأزمة المالية عندما أجّل زهانغ دفع أجور اللاعبين في الموسم الماضي قرابة 6 أشهر، إلى أن تجلّت بعد رفع اللقب.
وللحفاظ على استقرار النادي المالي، قرّر الرئيس ضرورة توليد حوالى 80 مليون يورو من مبيعات التحويل بالإضافة إلى خفض فاتورة الأجور بنحو 20٪، ليبدأ بذلك مسلسل التخلّي عن اللاعبين. تمّ الاستغناء عن خدمات الظهير أشلي يونغ في بداية الصيف، ثم تبعه الظهير أشرف حكيمي إلى باريس سان جيرمان مقابل 70 مليون يورو تقريباً، لتنزل «الصاعقة» على أنصار الفريق بمغادرة المهاجم روميلو لوكاكو إلى تشيلسي الإنكليزي، وهو اللاعب الذي ساهم بأهدافه الحاسمة في التتويج بلقب الدوري. عرض «البلوز» 115 مليون يورو مقابل خدمات المهاجم البالغ من العمر 28 عاماً. ورغم سعادة لوكاكو في ميلانو، لم يكن باستطاعة النادي ببساطة رفض العرض الضخم. وفي ظل مؤشرات تهاوي المشروع الصيني باكراً، سارع أنصار النيراتزوري إلى إظهار غضبهم بتخريب لوحة جدارية للوكاكو كما رفعوا لافتات احتجاجية ضد الرئيس زهانغ. مقابل ذلك، حاولت الإدارة جاهدةً إعادة البناء بسرعة في النادي، علّها تمتص شيئاً من غضب الجماهير. تم تعيين سيموني إنزاغي مدرباً للفريق بعد فترةٍ قصيرة من رحيل كونتي ووصل إدين دزيكو إلى الإنتر ليعوّض رحيل لوكاكو. إضافةً إلى ذلك، استقدمت الإدارة بعض الأسماء الأخرى مثل هاكان تشالهان أوغلو وماتيو دارميان علّها تُعيد التوازن إلى المنظومة من جديد.
وبالنّظر إلى وضع الفريق في الدوري هذا الموسم، نجح النيراتزوري في الحفاظ على صورته كمرشح للظفر باللقب، حيث يحتل المركز الثالث في جدول الترتيب العام. لكن، ورغم معالم الصمود، يبتعد الإنتر بفارق 7 نقاط كاملة عن الصدارة الأمر الذي يُثير التساؤل حول مسار الفريق. لا يزال من غير الواضح بعد حول ما إذا كان الإنتر يمتلك ما يلزم للاحتفاظ باللقب الذي فاز به في الموسم الماضي تحت إشراف أنطونيو كونتي. الأكيد أن إنتر ـ إنزاغي يقدّم كرة أكثر إمتاعاً عن إنتر ـ كونتي، لكن النتائج لا تزال غير مستقرة. وبالنظر للصعوبات التي تواجه المنظومة، يبدو أن لقب الموسم الماضي لم يعد يشكّل بداية لفترةٍ ذهبية، كما وعد زهانغ من قبل. بدلاً من ذلك، أصبح بمثابة نهاية مشروع قصير الأمد.
الفريق يحاول جاهداً الاستمرار بنسقه العالي الذي اشتهر به مع كونتي، لكن لا شيء مضمون حتى اللحظة. نابولي ـ سباليتي وميلان ـ بيولي أكثر استقراراً عما يظهر عليه الإنتر. ومع ذلك، لا يزال مشوار الدوري طويل، الأمر الذي قد يحسن من مسار كتيبة إنزاغي، خاصةً في حال نشاط الإدارة خلال سوق الانتقالات الشتوي.