شهد «الديربي» المميز الذي يجمع قطبَي مدينة مانشستر تحولاً كبيراً في موازين القوى خلال السنوات الماضية، حيث أصبح «السيتيزنز» بمثابة إمبراطورية على الصعيد المحلي بفعل الطفرة المالية الإماراتية (امتلك منصور بن زايد النادي عام 2008)، مقابل معاناة مانشستر يونايتد من الانهيار التدريجي بعد رحيل السير أليكس فيرغسون عام 2013. هكذا، مالت الكفّة إلى الطرف الأزرق في المدينة بفعل سيطرته شبه المطلقة على الألقاب المحلية، ويبدو أنها لن تنتهي بسهولة. ورغم هذا التفوّق الكبير ظهر حدث جديد في الصيف الماضي أشار إلى إمكانية عودة التوازن من جديد ولو ببطء شديد. وقّع مانشستر يونايتد مع العديد من الأسماء اللامعة، على رأسها البرتغالي كريستيانو رونالدو، ما جعل النقاد يتوقّعون عودة فريق الشياطين الحمر إلى الواجهة ليكون منافساً مباشراً لمانشستر سيتي في الصراع على اللقب. ولكن، وبعد مرور عشر جولات من عمر الدوري هذا الموسم، يبدو أن التوقّعات قد خابت، ليس فقط من ناحية رجال المدرب النرويجي أولي غونار سولشاير، بل مانشستر سيتي أيضاً.احتل الطرفان المركزين الأولين في جدول الترتيب العام مع نهاية الموسم الماضي، حيث حسم مانشستر سيتي اللقب بفارق 12 نقطة عن الوصيف اليونايتد. ورغم التفوّق الساحق على مختلف الفرق، اتصفت بداية «السيتيزنز» هذا الموسم بالبطء، إذ يحتل الأزرق السماوي المركز الثالث مبتعداً عن الصدارة بـ5 نقاط. الخسارة في الجولة الماضية أمام كريستال بالاس والخروج المبكر قبلها من بطولة الكأس «كاراباو» على يد وست هام يونايتد، يعكسان وضع النادي الحساس، إضافة إلى فشله في التسجيل في كلتا المباراتين. حاول الفريق التوقيع مع رأس حربة هدّاف في الصيف الماضي، لكنه فشل في ذلك بعد أن رفض رئيس توتنهام عرض السيتي بشأن هاري كاين، في حين انتهى المطاف بكريستيانو رونالدو بين صفوف مانشستر يونايتد. هكذا، فشل السيتيزنز في استقدام رأس حربة حاسم أمام المرمى، وقد زاد الأمر صعوبة تراجع مستوى نجم الفريق الأول كيفن دي بروين.
من جهته، لم يجد المدرب سولشاير التوليفة المناسبة في مانشستر يونايتد حتى الآن. فرغم مرور 10 جولات، لم يستقر المدرب النرويجي على تشكيلة محدّدة. جاء رافاييل فاران وجايدين سانشو وكريستيانو رونالدو في فترة الانتقالات الصيفية، لكنّ هذا الأخير هو من تمكّن من تثبيت قدميه في التشكيلة الأساسية. الفريق كان تائهاً في أكثر من لقاء، محلياً وأوروبياً، وقد تمكّن رونالدو من إنقاذه في أكثر من مناسبة، عبر تسجيله الأهداف في الدقائق الأخيرة.
لم يجد المدرب أولي غونار سولشاير التوليفة المناسبة في مانشستر يونايتد حتى الآن


التخبّط المستمر في الأداء والنتائج جعل سولشاير معرّضاً للإقالة بحسب ما شاع في الوسط الرياضي خاصةً بعد خسارة الفريق«المذلة» على أرضه أمام غريمه الأزلي ليفربول بخمسة أهداف نظيفة، لكن ذلك لم يحدث. وبعد تلك «الفضيحة» استعاد اليونايتد شيئاً من توازنه بالفوز على أرض توتنهام بثلاثة أهداف نظيفة (أسفرت تلك المباراة عن إقالة مدرب توتنهام نونو سانتو وتعيين أنطونيو كونتي)، ثم التعادل على أرض أتالانتا في الدقائق الأخيرة. يمتلك مانشستر يونايتد أسماءً لامعة تخوّله المنافسة على مختلف البطولات، لكنّ سوء الاستمرارية في النسق العالي يحول دون ذلك. ومع تغيير خطة اللعب في المباراتين الأخيرتين إلى 3 مدافعين في الخلف، يبدو يونايتد أكثر توازناً.
هناك مخاوف من إصابة رافاييل فاران وفيكتور ليندلوف وعدم عودتهما في الوقت المناسب إلى المباراة المرتقبة، الأمر الذي يجعل إيريك بايلي، الذي تألق أمام أتالانتا، مرشحاً فوق العادة للبدء أمام السيتي.
قرار رئيسي آخر ينتظر سولشاير، يتمثّل بالمفاضلة بين اللاعبين المتألقين للمشاركة. قدّم لاعب خط الوسط الهولندي دوني فان دي بيك أداءً لافتاً بعد أن دخل من على مقاعد البدلاء أمام أتالانتا في منتصف الأسبوع، حيث ساهم في بناء هدف التعادل الثاني لكريستيانو رونالدو، الأمر الذي يثير التساؤل حول مدى تمسك المدرب بخط وسط مؤلف من فريد وسكوت ماكتوميناي. وبغضّ النظر إن لعب سولشاير في خطة مؤلفة من مدافعَين أو ثلاثة، سيكون من المنطقي البدء بإدينسون كافاني إلى جانب رونالدو في خط المقدمة، نظراً إلى النجاح الكبير الذي حقّقه اللاعبان ضد توتنهام في نهاية الأسبوع الماضي.
وبلغة الأرقام لُعب ديربي مانشستر 185 مرة قبل ذلك، وهو أحد أكثر الديربيات شهرةً في عالم كرة القدم. يتفوّق الشياطين الحمر بـ77 انتصاراً مقابل 55 للسيتي، بينما انتهت 53 مباراة بالتعادل بينهما، فلمن الغلبة في لقاء الغد؟



كونتي يُشعل المنافسة


بعد إقالة المدرب نونو سانتو، قامت إدارة توتنهام بالتوقيع مع المدرب الإيطالي أنطونيو كونتي، ليشرف بذلك على فريق لندني جديد بعد تجربةٍ ناجحة عرفها مع تشيلسي.
عودة أنطونيو كونتي أدخلته بسرعة إلى قائمة المدربين البارزين الذين يعملون الآن في الدوري الإنكليزي الممتاز، إلى جانب كل من بيب غوارديولا، يورغن كلوب وتوماس توخيل، الأمر الذي ينبئ بمواجهات من العيار الثقيل.
تدل السرعة التي تم بها إتمام الصفقة على العلاقة المتينة التي تجمع كونتي بالمدير الإداري فابيو باراتيشي، حيث عمل الطرفان معاً قبل بضع سنوات في يوفنتوس. تنتظر كونتي مهمة صعبة في توتنهام نظراً إلى عدم امتلاء التشكيلة بالأسماء اللامعة، لكنّ ذلك لن يكون عائقاً بالنظر إلى نجاح الإيطالي المحنّك أينما ذهب، فقد ساهم بإعادة مجد يوفنتوس، كما تألّق رفقة المنتخب الإيطالي وتوّج تشيلسي بلقب «البريمرليغ» دون إغفال إعادته إنتر ميلانو إلى منصة الألقاب المحلية بعد تتويجه بطلاً للدوري الإيطالي في الموسم الماضي. سيحاول كونتي جاهداً احتلال أحد المراكز الأربعة الأولى في الدوري هذا الموسم، على أن يحوّل توتنهام إلى فريق منافس على الدوري بعد قيامه بسوق انتقالات وفترة تحضير في الصيف. الموسم المقبل يعد بالكثير من الآن بالنظر إلى حنكة كونتي وشخصيته المثيرة للجدل، وسيكون من المنتظر مشاهدة مباريات فريق المدرب الإيطالي ضد باقي مدربي النخبة.