لن تعيش البرازيل فترة قحط كتلك التي عاشتها بين 1970 و1994 عندما استعادت لقب كأس العالم وحملته للمرة الرابعة في تاريخها، قبل أن تضيف اللقب الخامس في كوريا الجنوبية واليابان عام 2002. «برازيل 2014» لا تحوي نجوماً من طينة روماريو وبيبيتو اللذين كانا لهما اليد الطولى في الإنجاز التسعيني، ولا تضم واحداً من ثلاثي رائع عرفه أول مونديال في الألفية الجديدة، أي «الظاهرة» رونالدو والساحرين ريفالدو ورونالدينو.
لكن البرازيل تبقى البرازيل، وهي لديها الكثير لتقدّمه إلى العالم الكروي في المونديال، وهذا أمر محسوم، إذ قلّة هي بطولات كأس العالم التي لم يظهر فيها برازيلي مجهول ومدهش، بغض النظر عمّا إذا واصل مسيرته بنجاح أو أنهاها بسرعة، وربما أمكن أخذ المثال الأبرز على هذه المقولة من آخر مونديال توّج فيه نجوم «بلاد السامبا» باللقب، حيث لا يزال الكل يذكر الدور الكبير الذي أداه لاعبٌ مغمور وقتذاك اسمه كليبرسون...
وبطبيعة الحال، منتخب البرازيل ليس مضطراً إلى تقديم أي شيء لأي أحد، بقدر ما هو مطلوب منه تقديمه إلى شعبه المنقسم أصلاً حول استضافة البلاد لأكبر تظاهرة كروية. بالتأكيد، حصول البرازيليين على اللقب سيطفئ بنحو كبير كل الحرائق الموجودة في البلاد المشتعلة بين قسمين: قسم مؤازر للمونديال، وقسمٌ مناهض لإقامته، على اعتبار أن الشعب أحق بالحصول على خدمات اجتماعية ضرورية أكثر من صرف الأموال الطائلة على احتضان كأس العالم.

لم يشوّش
أحد على سكولاري لشدّة الثقة به
لكن من يعرف البرازيليين، وبغض النظر عن أي رياضة يتابعون في بلادهم، فإنه يعلم بأن المرجع الأول لهؤلاء هو كرة القدم، لدرجة يقول فيها الكثير من البرازيليين إن من يتوجه إلى كرة السلة أو الكرة الطائرة على سبيل المثال يكون بسبب فشله في إجادة كرة القدم أو بسبب طوله الفارع الذي لا يساعده بتاتاً على التحوّل إلى لاعبٍ فنان. وهنا الحديث عن أن كل برازيلي في قرارة نفسه يحنّ إلى رؤية إنجازٍ كروي كبير في قلب البلاد، إنجازٌ يجمع برازيليا وساو باولو وريو دي جانيرو وغيرها من المدن الكبرى على فرحة واحدة.
لكن فنياً هل هناك إمكانية لحصول هذا الأمر؟
في الحقيقة، تتعدد الأسباب لاعتبار البرازيل مرشحة أكثر من غيرها من المنتخبات الكبرى للفوز بالمونديال. وهذا القول يأتي انطلاقاً من إمكانية الجزم باستفادة البرازيليين من عاملي الأرض والجمهور، إذ عندما سيصدح الآلاف بصوتٍ واحد بالنشيد الوطني، سيتحوّل أي لاعب يرتدي القميص الأصفر إلى ساحرٍ يقدّم إبداعاً لا يمكن التنبؤ به.
سببٌ آخر هو وجود المدرب لويز فيليبي سكولاري الذي يعمل بأجواءٍ مثالية هادئة عكستها الثقة الموجودة لدى الكل تجاهه، وهو الذي قاد البلاد إلى المجد للمرة الأخيرة عام 2002، حيث لم يقتنع البرازيليون من بعدها بأي من المدربين المتعاقبين على «السيليساو». لذا، لم يسمع أحدٌ أي صوت معترض عند اختياره التشكيلة المونديالية، رغم أنها ضمّت أسماءً لم يعرفها كثيرون، مثل المهاجم برنارد والمدافع هنريكه والحارس فيكتور.
وبطبيعة الحال، تشكيلة سكولاري هي وحدها سر النجاح المرتقب، إذ يبدو السؤال المطروح بقوة: من هو المنتخب القادر على اختراق حائطٍ دفاعي صلب مؤلف من تياغو سيلفا ودافيد لويز ودانتي، ومعهم لاعبو أطراف من أمثال مايكون وداني الفيش ومارسيلو وماكسويل. يمكن الجزم، للمرة الأولى منذ زمنٍ طويل، بأن دفاع البرازيل سيكون سبب فوزها باللقب، لا كما درجت العادة حيث كان الحمل الأكبر دائماً على لاعبي خط الوسط والهجوم.
وبالحديث عن الوسط، فهو برازيلي بوجهٍ أوروبي، إذ عند الكلام على لاعبين مثل أوسكار وويليان وفرناندينيو ولويز غوستافو وباولينيو وراميريش وهرنانيش، نجد تشابهاً في الأسلوب لدى كلٍّ منهم، وهو أسلوب نادر برازيلياً ومطلوب في العصر الحديث للكرة، إذ إن كل واحدٍ منهم يجمع في قدراته المهارة البرازيلية الممزوجة بالانضباط التكتيكي الذي يحتاجه أي مدربٍ لمواجهة الاستراتيجيات الأوروبية الحديثة والمتنوعة، التي نضج معها هؤلاء من خلال لعبهم في «القارة العجوز».
أما السبب الأخير لرفع أسهم البرازيل أكثر وأكثر، فهو وجود نجمٍ يتحلّق حوله الكل على شاكلة الكبار السابقين، أي نيمار الذي بمجرد منحه القميص الرقم 10، أصبح يحمل تلك المسؤولية التي سبق أن حملها أسلافه الحاصدون للمجد المونديالي مثل بيليه وراي وريفالدو وغيرهم.
هو مونديال للبرازيل استضافةً، وهو مونديال للبرازيل لتأكيد ريادتها التاريخية في أهم كأس عالمية، فهل تستفيد من هذه الفرصة التي لا تتكرر كل أربع سنوات؟




ألمانيا قادرة على إيقاف البرازيل

يرى «القيصر» فرانتس بكنباور، أن البرازيل هي المرشحة الأبرز للفوز بالمونديال، انطلاقاً مما شاهده في كأس القارات التي فاز «السيليساو» بلقبها. ورأى بكنباور أن الألمان هم الوحيدون القادرون على مضايقة البرازيليين، مضيفاً: «أعلم أنه لم يسبق لأي أحد الفوز بكأس العالم مباشرة بعد فوزه بكأس القارات، لكن البرازيل ستدخل المونديال مرشحة بقوة».