يحتل برايتون المركز السادس في الدوري الإنكليزي الممتاز برصيد 13 نقطة، مبتعداً بنقطةٍ واحدة عن المتصدر ليفربول ليقدم بذلك انطلاقةً مثالية مقارنةً بالموسم الماضي الذي أنهاه في المركز السادس عشر (استغرق الأمر 19 مباراة للوصول إلى 12 نقطة حينها). فريق المدرب غراهام بوتر هو المفاجأة حتى الآن في البريميرليغ حيث حقق أربعة انتصارات، تعادل وخسارة واحدة في ست مباريات، لينافس بذلك على مقاعد القمة بعد خوضه معارك الهبوط في الموسم الماضي.لم تكن الطريق معبّدة أمام التألق والبروز، نظراً لمرور الفريق بالعديد من المحطات قبل وصوله إلى ما هو عليه اليوم. صعد برايتون إلى البريميرليغ عام 2017 بعد أن أمضى أربعة مواسم في الدوري الممتاز بين عامي 1979 و 1983. هذا هو الموسم التاسع للفريق في أعلى دوري في إنكلترا والخامس له على التوالي في البريميرليغ.
تأهل الفريق إلى ‬«التشامبيون شيب‮» (دوري الدرجة الأولى في إنكلترا، أي قبل الدوري الممتاز) عام 1102 تحت إدارة المدرب الأسبق غوس بوييت، ثم تولى المدرب كريس هيوتون قيادة برايتون عام 4102 بعد أن كان قاب قوسين أو أدنى من الهبوط. في الموسم التالي، قاد هيوتون الفريق إلى المركز الثالث، لكنه لم يتمكن من الصعود إلى الدوري الممتاز بعد خسارته أمام شيفيلد وينزداي في نصف النهائي. بعدها بموسم، تمت ترقية برايتون تلقائياً إلى دوري الأضواء وظلّ هيوتون لموسمين متتاليين على رأس الإدارة الفنية للفريق وصل خلالهما إلى نصف نهائي كأس الاتحاد الإنكليزي كإنجاز تاريخي للنادي، ثم اتخذت الإدارة القرار الصعب بإقالة هيوتون إثر تردي النتائج واستبدلته بغراهام بوتر، المدرب الإنكليزي الذي صنع اسمه مع فريق أوسترسندز في السويد.
تغيرت الأمور مع بوتر. يعكس ذلك تجديد الإدارة عقد المدرب الجديد حتى عام 2025 وذلك بعد ستة أشهر فقط من خلافته لكريس هيوتن عام 2019. كانت الإدارة منبهرة من رد الفعل السريع للفريق تحت قيادة بوتر، فارتأت بتجديد عقده أفضل مكافأةٍ تحفيزية ممكنة.
تحسَّنَ الفريق بشكلٍ ملحوظ في الموسم الماضي، أقلّه على صعيد الأداء، وأعطى العديد من المؤشرات حول نجاحٍ مرتقب في المستقبل القريب. فعلى رغم احتلاله المركز السادس عشر في جدول الترتيب العام، مثّلت المنظومة اختباراً صعباً للعديد من فرق النخبة، غير أن عدم استغلال الفرص أمام المرمى ضيّع الكثير من النقاط على الفريق. تجدر الإشارة إلى بلوغ معدل استحواذ برايتون في مباريات الموسم الماضي 51 في المئة، وهو أمر نادر بالنسبة للفرق القريبة من القاع.
يمتاز برايتون بقدرته على الاستحواذ على الكرة والضغط على الخصوم


تطور برايتون هذا الموسم ليصبح معروفاً من الناحية الإحصائية بأنه أحد أفضل الفرق في الدوري. تقدّم المنظومة كرة قدم جذّابة للمشاهدة في حالة الفوز أو الخسارة حتى، وذلك بفضل المدرب غراهام بوتر. تجلّت عبقرية بوتر عند استقدامه لاعبين من فرق «مغمورة»، عمل على تطويرهم والاستفادة من مواهبهم. وعلى مدار العامين الماضيين، قام بوتر بإعادة هيكلة المنظومة ليبقى فقط شين دافي، لويس دونك وسولي مارش من الفريق الذي تمت ترقيته إلى البريميرليغ عام 2017.
يُحسب للإدارة حفاظها على رئيس كشّافي المواهب بول وينستانلي، الأمر الذي ساعد بوتر كثيراً في سوق الانتقالات الماضي. تمكن الفريق من استقدام الدولي الإكوادوري مويسيس كايسيدو، وهو أحد أبرز اللاعبين الصاعدين في أميركا الجنوبية. وقّع النادي أيضاً مع لاعب خط الوسط الزامبي إينوك مويبو، الذي يعد أحد أبرز المواهب الصاعدة في القارة الأفريقية. استقدم برايتون كلا اللاعبين في سوق الانتقالات الصيفي، مضيفاً أسماءً أخرى مثل ميشال كارباونيك، آندي زكيري، كييل شيربين ومارك كوكوريلا. اللافت هو أنّ جميع اللاعبين الجدد تقل أعمارهم عن 23 سنة وهو ما يعطي مؤشراً بطول أمد مشروع بوتر.
بعيداً من الأسماء المستقدمة، تمكن الفريق من الحفاظ على أغلب عناصره الأساسية. فعلى رغم تخليه عن قائد الدفاع بن وايت لصالح آرسنال مقابل 58.50 مليون يورو، حافظ النادي على نجم الفريق إيف بيسوما، الأمر الذي ساعد على انطلاقة الفريق القوية. من جهته، عاد طارق لامبتي إلى مقاعد البدلاء أمام ليستر سيتي بعد غيابه منذ ديسمبر/ كانون الأول بسبب الإصابة، فيما استعاد آدم لالانا لياقته البدنية ليتحسّن بذلك الفريق أكثر فأكثر.
كرة قدم جذّابة، استقرار فني وإداري إضافةً لتحركات مثيرة في سوق الانتقالات. برايتون على الطريق الصحيح. الحلم يكمن في احتلال أحد المراتب العشر الأولى، وفي حال استمرار النسق على ما هو عليه، قد تصبح المشاركات الأوروبية ممكنة حتى.