يقع نادي شيريف تيراسبول في أرضٍ مستقلة وغير معترف بها دولياً، تُعرف باسم ترانسنيستريا بالقرب من دولة مولدوفا. ورغم تصويت ما يقرب من 400 ألف مواطن عام 2006 بنتيجة ساحقة لصالح الاستقلال والاندماج المحتمل في المستقبل مع روسيا، تبقى ترانسنيستريا، تبعاً للقانون الدولي، جزءاً من مولدوفا.‏في منتصف عام 1992، قرّر ضابطا شرطة روسيّان سابقان الاستفادة من الفراغ القانوني في فترة ما بعد الاتحاد السوفييتي لكسب ثروة من تجارة النفط والتبغ والكحول... هكذا، أسّس إيليا كازمالي وفيكتور جوشان شركة أمنية أطلقوا عليها اسم شريف، لتنمو بعد ذلك وتسيطر على مختلف الخدمات وصولاً لإنشائها فريق كرة قدم. تأسّس النادي لأسبابٍ اقتصادية وسياسية بالدرجة الأولى، ثم تم تحويله إلى نادٍ رياضي عام 1997.
ينشط الفريق في الدوري المولدوفي لكرة القدم ويمتلك واحداً من أكبر المجمعات الرياضية في أوروبا حيث يحتوي على ملعبَي كرة قدم مكشوفين، وملعب آخر مغطى بالكامل. مثّل عام 1998 المشاركة الأولى لنادي شيريف في دوري الدرجة الأولى، وقد شهد ذلك الموسم على أولى ألقاب الفريق (كأس مولدوفا). انطلقت بعدها عجلة الإنجازات، ليحقق النادي 19 بطولة في الدوري المحلي في آخر 21 موسماً. وبعد 18 محاولة فاشلة، تمكّن شيريف تيراسبول أخيراً من المشاركة في دوري أبطال أوروبا وذلك بعد الفوز على دينامو زغرب الكرواتي بنتيجة (3-0) في مجموع المباراتين (ذهاباً وإياباً). أوقعت القرعة بعدها نادي شيريف أمام فرق كبرى في المجموعة الرابعة التي تضم ريال مدريد الإسباني وإنتر ميلانو الإيطالي وشاختار دونيتسك الأوكراني. ورغم كونه، على الورق، الحلقة الأضعف بين الرباعي، حقق النادي «المولدوفي» مفاجأة كبيرة بفوزه (2-0) على شاختار ليتصدّر المجموعة أمام مضيفه في مباراة الليلة «الميرينغي» بفارق الأهداف، ويصل بذلك إلى 63 مباراة متتالية دون هزيمة في جميع المسابقات.
تبلغ القيمة السوقية للاعبي شيريف 12 مليون يورو فقط مقابل 780 مليوناً لريال مدريد


تحدّي الصعوبات
لم تكن الطريق معبّدة أمام فريق شيريف للوصول إلى المنصّة الأوروبية نظراً لضعف مستوى الدوري المحلّي مقارنةً بمستوى الأندية المشاركة في دوري الأبطال. وصل شيريف إلى أوجِه في العامين الماضيين، بعد أن أزال اتحاد كرة القدم في مولدوفا القيود المفروضة على عدد من اللاعبين الأجانب المتاحين للانضمام لأي فريق. حينها، صوّب نادي شيريف اهتمامه إلى أميركا الجنوبية وأفريقيا لاستقدام المواهب، وأصبح هذا الموسم يضم 5 لاعبين محليين فقط، اثنان منهم ولدا في ترانسنيستريا (ألكسندر بيلوسوف والحارس الاحتياطي المخضرم سيرغي باسينكو).
وبعد نجاحه في الوصول إلى دوري أبطال أوروبا، حصد نادي شيريف حوالي 16 مليون يورو من الجوائز المالية المضمونة، وهو مبلغ كبير بالنسبة لفريق تبلغ قيمة لاعبيه بالكامل 12 مليون يورو فقط. وتبعاً لموقع «Transfermarkt»، يضم ريال مدريد فريقاً بقيمة 780 مليون يورو، وإنتر ميلانو 575 مليوناً في حين تبلغ قيمة لاعبي شاختار دونيتسك 180 مليوناً.

لا مفر من السياسة
سلّط النجاح التاريخي للفريق الضوء على الانقسامات في أعقاب حرب أهلية قصيرة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، والتي أدت إلى إنشاء ترانسنيستريا. تمتلك الدولة الصغيرة عملتها الخاصة وشرطة الحدود والجيش والشبكة الخلوية الخاصة بها ولكنها غير معترف بها دولياً، مما يسمح لشيريف بمواصلة اللعب في الدوري المولدوفي. وبعد تأهل نادي شيريف إلى دوري أبطال أوروبا، احتفل اتحاد كرة القدم في مولدوفا على موقع تويتر بعبارة: «EUROFANTASTIC !!!». ورغم السعادة «الظاهرية»، لم يخفِ البعض سخطه على الفريق. في صدد ذلك، قال الصحفي الرياضي كريستيان جاردان لوكالة الصحافة الفرنسي: «لا أرى سبباً كافياً لأكون سعيداً». دعم جاردان موقفه مشيراً إلى أنّ الفريق يمثّل: «جيباً انفصالياً ينتشر فيه الفساد والتهريب وصفقات اقتصاد الظل التي تضر بشكل مباشر بالميزانية ومصالح الدولة في جمهورية مولدوفا». ثم تابع قائلاً بأنّ «التواجد في دوري أبطال أوروبا لن يفيد إلا أصحاب شريف». تجدر الإشارة بأنّ النادي مملوك من قبل تكتل شيريف الذي يحتكر البلاد اقتصادياً وسياسياً وسط مزاعم فساد ضخمة تكتنف المؤسسين، لذا فإنّ البعض يرى بأنّ إنجاز فريق شيريف لا يمثّل مولدوفا أبداً.