خطفت إيطاليا الأنظار في الموسم الماضي وذلك بعد أن عادت إلى الواجهة محلياً ودولياً. تنافسية ممتعة في استحقاقات «الكالشيو» أزاحت يوفنتوس عن عرشه لمصلحة إنتر ميلانو، ليتجلى الإنجاز على الساحة الدولية بعد تتويجٍ تاريخي للمنتخب في بطولة أوروبا. هكذا، رُفع سقف تطلعات الكرة الإيطالية في الوسط الرياضي، غير أنّ الواقع بدّد الآمال إثر صيفٍ طبعته مغادرة العديد من اللاعبين بدلاً من إبرام الصفقات التي تتيح الاستمرارية.
هجرة اللاعبين
رغم تشكيله وجهةً للعديد من لاعبي النخبة في الموسمين الماضيين، شهد الكالشيو هذا الصيف على رحيل العديد من الأسماء المميزة التي سيُضعف خروجها من أسهم الدوري. تخلى إنتر ميلانو عن نجوم الصف الأول، حيث قام بتسريح كل من المهاجم البلجيكي روميلو لوكاكو والظهير المغربي أشرف حكيمي. خرج حكيمي من باب السان سيرو في أعقاب أول سكوديتو للنيراتزوري منذ عقد، وذلك بعد موسم واحد فقط رفقة الفريق. صفقةٌ حقّق منها الإنتر ربحاً جيداً حيث تلقى رسوماً قدرها 71 مليون يورو من باريس سان جيرمان بعد أن دفع لريال مدريد 40 مليون يورو فقط مقابل خدماته قبل عام. لم تكتف إدارة الإنتر بالتخلي عن ظهيرها الموهوب، بل قامت ببيع المهاجم الحاسم روميلو لوكاكو إلى تشيلسي، في صفقةٍ أثارت غضب الجماهير. التخلي عن أبرز عناصر الفريق مقابل عائد كبير يدل على موقف الإدارة الصريح، وهو الحصول على المال الكافي لمواجهة خسارات كورونا. هذا الموقف جعل المدرب السابق أنطونيو كونتي يترك منصبه فوراً.
لم يكن لوكاكو اللاعب الوحيد الذي شدّ الرحال من إيطاليا باتجاه إنكلترا، حيث سبقه مدافع أتالانتا كريستيان روميرو إلى توتنهام. كان قلب الدفاع البالغ من العمر 23 عاماً أفضل مدافع في دوري الدرجة الأولى الإيطالي الموسم الماضي، فهو تألق محلياً وحقّق اللقب القاري رفقة المنتخب خلال الصيف. وبعد تقديمه أداءً لافتاً، جذب روميرو أنظار العديد من الأندية ليستقر به الأمر في توتنهام مقابل 50 مليون يورو بالإضافة إلى 5 ملايين يورو حوافز.
من جهته، خسر إي سي ميلان الحارس المصنّف رقم 1 في إيطاليا جيانلويجي دوناروما. حصل الحارس الشاب على لقب أفضل لاعب في بطولة اليورو ليوقّع بعدها مع باريس سان جيرمان في صفقة انتقال حر. هذا وانتقل الأرجنتيني رودريغو دي بول إلى أتلتيكو مدريد الإسباني وذلك بعد خمس سنوات قضاها كلاعب في أودينيزي. سيكون دي بول بمثابة خسارة كبيرة لفريق المدرب لوكا غوتي، رغم تنفيعه خزينة النادي بمقدار 35 مليون يورو.

مدربون بارزون
قابل رحيل اللاعبين تغيّر جوهري في الأجهزة الفنية، حيث يظهر جلياً خطف المدربين الأضواء في الدوري الإيطالي الممتاز. غيّر 12 نادياً من أصل 20 في دوري الدرجة الأولى مدربيها قبل انطلاق الموسم الجديد وهو ما يشير إلى اعتماد الأندية على الحنكة في حسن الإدارة واستغلال الموارد المتاحة بدرجة أكبر من الصرف نظراً إلى الأوضاع المالية المتردّية.
بعد رحيل المدرب الإيطالي أنطونيو كونتي عن صفوف إنتر ميلانو، تم تكليف سيموني إنزاغي لقيادة الدفاع عن اللقب في مهمة صعبة نظراً إلى انتقال العديد من ركائز الفريق. من جهته خلف المدرب ماوريتسيو ساري، زميله إنزاغي في لاتسيو. المدرب الذي برز على الساحة التدريبية رفقة نابولي، حصد المجد الأوروبي لأول مرة مع تشيلسي ثم تُوج بأول بطولة دوري رفقة يوفنتوس، ليجد نفسه اليوم مطالباً بالحفاظ على نسق النسور العالي في المنافسة على مقاعد المقدمة. من جهته، يعوّل يوفنتوس على مدربه الجديد - القديم ماسيميليانو أليغري المطالَب بإعادة البيانكونيري إلى الواجهة بعد موسمٍ متخبّط رفقة المدرب القليل الخبرة أندريا بيرلو، وقد كان لافتاً بقاء ستيفانو بيولي مع ميلان وجيان بييرو غاسبريني مع أتالانتا، الأمر الذي يزيد من الاستقرار داخل الناديين بعد احتلالهما المركزين الثاني والثالث على التوالي في الموسم الماضي.
هذا وخطفت العاصمة الأضواء بعد انضمام المدرب المخضرم جوزيه مورينيو إلى نادي روما، وذلك في أول عودة له إلى إيطاليا بعد 11 عاماً من قيادته الإنتر لثلاثية غير مسبوقة. البرتغالي مصمّم على النجاح في بلد لا يزال يحظى فيه باحترام كبير، خاصةً بعد تراجع اسمه في السنوات الأخيرة في إنكلترا.

وضع مالي سيّئ
لا تخفى على أحد معاناة أندية الكالشيو من أزمةٍ مالية خانقة. ظهر ذلك جلياً من خلال تخلي العديد من الفرق عن أبرز لاعبيها ومحاولة استقدام مدربين بإمكانهم استغلال العناصر المتاحة لتحقيق نتائج جيدة. الشحّ في العائدات خاصةً بعد سوء تسويق حقوق بث مباريات الدوري في بعض الدول مثل شمال أفريقيا والشرق الأوسط، جعل بعض الأندية - بحسب الصحافة الرياضية الإيطالية - معروضةً للبيع، أبرزها قطبا مدينة ميلان. وفي هذا الإطار أفاد موقع «فوتبول إيطاليا» (Football Italia) الإلكتروني بأن رعاة ميلان «شركة إليوت للإدارة» ومالكي نادي إنتر «سونينغ» يتطلعون إلى بيع الناديين اللذين يتنافسان في الدوري الإيطالي الممتاز. وذكر الموقع أن شركة «سونينغ» ستقبل أول عرض مناسب لبيع الإنتر نظراً إلى الضائقة المالية التي يعيشها النادي. أما بالنسبة إلى ميلان، فإن «شركة إليوت للإدارة» وهي صندوق استثماري بالدرجة الأولى، حقّقت ما تريده من النادي وهي اليوم تبحث عن مالك جديد.
الدوري ينطلق السبت، والأكيد أن هذا الموسم سيحمل الكثير من التحديات، وعلى ضوئه سيتحدد شكل الدوري الموسم المقبل.