«بدنا لينك لنحضر الماتش»، هي العبارة التي يتناقلها معظم مشجعي ومتابعي كرة القدم في لبنان، قبل حلول موعد أي مباراة في بطولتي أوروبا، أو كوبا أميركا، خاصة خلال الأدوار الإقصائية. الجمهور هنا يبحث عن حلول، وهذا الأمر يجده عبر «اللينك» لمشاهدة المباراة عبر الإنترنت، من خلال الحاسوب أو الهاتف الذكي، لأن كلفة الاشتراك بباقة اليورو والكوبا مرتفعة للغاية، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعيشها البلاد.الأمر ليس جديداً، فخلال السنوات القريبة الماضية بات الناس مطالبين بدفع مبالغ كبيرة للاشتراك بباقة البطولات الكبرى، خاصة بطولتي أوروبا وكأس العالم، وكذلك كوبا أميركا. في عام 2018 كان أي شخص يريد متابعة مباريات كأس العالم مطالباً بدفع 150 دولاراً أميركياً، أي ما يوازي 225 ألف ليرة لبنانية في ذلك الوقت، ككلفة تركيب جهاز «ريسيفر» وتوصيل، والاشتراك بالباقة الخاصة بالبطولة، أمّا إذا كان مشتركاً سابقاً فيدفع 100 ألف ليرة لمشاهدة باقة كأس العالم. اليوم اختلف الأمر ولكن ليس للأفضل بالتأكيد، وبات الجمهور مطالباً بدفع 450 ألف ليرة لبنانية للاشتراك بباقة بطولة أوروبا (يورو 2020) وكوبا أميركا إضافة إلى كلفة الاشتراك الشهري التي تُقدّر بحوالى 80 ألف ليرة، وذلك إذا كان مشتركاً سابقاً ويملك جهاز بث «ريسيفر»، أما إذا كان يريد الاشتراك من جديد مع خدمات التوصيل، فالتكلفة تصل إلى أكثر من 600 ألف ليرة لبنانية. مبلغ ليس بالسهل في ظلّ هذه الأزمة، خاصة على العائلات التي فقدت أكثر من 80% من قيمة رواتبها، إلّا أن «هذا هو القانون» بحسب ما يقول أصحاب الشركات التي تملك الحقوق من الناقل الحصري للمباريات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وهي قناة «بي إن سبورت»، لكل من يراجعهم من المشتركين وهو يشكو من ارتفاع الأسعار. مساحة الترفيه والتسلية التي كانت مجانية خلال سنوات ماضية، باتت اليوم تخضع لشروط حقوق النقل والاحتكار، وبات من يريد مشاهدة بطولات كرة القدم، وغيرها من الرياضات مطالباً بدفع مبالغ طائلة.
نسبة كبيرة من المتابعين وجدوا أنفسهم مضطرين للاشتراك ودفع مبلغ الـ450 ألف ليرة لبنانية لمشاهدة اليورو والكوبا خلال هذا الشهر الذي يمتد كرويَّاً من 12 حزيران وحتى 12 تموز الجاري. هؤلاء لم يجدوا حلولاً، أو ربما لم يبحثوا عنها. وفي الكثير من الحالات، العائلة تلجأ إلى اشتراك واحد تقسّم كلفته على أكثر من فرد، ويشاهد الجميع المباراة في الوقت ذاته. وهناك الفئة الثانية وهم أصحاب المقاهي، الذين يجدون أنفسهم مجبرين على الاشتراك ودفع الأموال للشركات، تحت سيف الرقابة المفروضة عليهم، وهذا الأمر يكبّد الجميع تكاليف إضافية في ظلّ الأزمة الخانقة اليوم.
وصلت كلفة مشاهدة بطولتَي أوروبا وكوبا أميركا إلى 450 ألف ليرة إضافة إلى كلفة الاشتراك الشهري


على جهة أخرى لا يمكن تجاهل «المشجع الموسمي»، ويُقصد المشجع الذي يشاهد البطولات الكبرى فقط، أي كأس العالم، وبطولتا أوروبا وكوبا أميركا. هذا الأخير يجد نفسه غير ملزم بدفع المبلغ، خاصة في ظل الأوضاع الحالية، فيلجأ إلى الحلول البديلة. حلول يوجد منها الكثير اليوم، وهي مرشّحة للازدياد في الفترات المقبلة، وهذا أمر جيد جداً بحسب ما يعبّر عشاق كرة القدم. الحل الأول لمعظم هذه الفئة، مع آخرين وأكثرهم من الشباب والذين تترواح أعمارهم بين 15 و30 عاماً يبحثون عن الرابط أو «اللينك» لمشاهدة المباريات. الروابط باتت كثيرة ومتوفرة بجودة عالية، ولكن هذا سلاح ذو حدين، فالأمر يحتاج إلى كهرباء دائمة وانترنت سريع، وهذا ليس متوفراً دائماً في لبنان، إلا أنه وبحسب هؤلاء يبقى ممتازاً مقارنة بالمبلغ المتوجب دفعه للشركات. وفي هذا الجانب يقول مشجع من مدينة طرابلس إنه ومنذ بدء اليورو يتابع المباريات من خلال الروابط التي يحصل عليها من زملائه، ويضيف: «أسعار الاشتراكات نار. أتابع عبر اللينك. الجميع هنا يبحث عن بدائل أقل تكلفة». وحول الجو العام في المدينة يقول: «أصحاب الستالايت يقطعون البثّ عندما تتأخر عن الدفع. أشاهد المباراة عبر الهاتف أنا وأصدقائي، وأغلب الأشخاص في المدينة يشاهدون المباريات في تجمعات وسهرات عند بعضهم البعض، وتوزع التكلفة على الجميع». وعن مشاهدة المباريات في المقاهي يقول: «لا يوجد تكلفة إضافية في الكافيه. تطلب أي مشروب وتتابع المباراة، ولكن لا يمكنك مشاهدة المباراة التي تريدها، لذلك أفضل حل هو اللينك». مشجعة أخرى في بيروت تقول: «أشاهد المباريات عبر الروابط على الإنترنت. حتى لو كانت المباريات متوفرة عبر الاشتراكات، أفضّل الروابط لأنها أسهل وأشاهد عبر الهاتف».
في الضواحي، والمناطق البعيدة عن العاصمة بيروت يقدم «الستالايت» الحل. الموزّعون في الأحياء يحاولون إرضاء الزبائن المشتركين لديهم منذ سنوات والذين يدفعون شهرياً مبلغاً لا يتجاوز الـ50 ألف ليرة لبنانية اليوم، وفي السابق، أي قبل انهيار الليرة كان 15 ألف ليرة، فيبحثون عبر الأقمار الصناعية الأوروبية عن قنوات فرنسية أو ألمانية أو بأي لغة كانت... تنقل هذه المباريات، ويقدمونها للمشتركين. حلّ يجده عدد كبير من المتابعين ممتازاً، على اعتبار أن الأهم هو مشاهدة المباريات مهما كانت لغة التعليق، ولكن يجب الدفع شهرياً أيضاً لأصحاب «الكايبل».
هي قضية مفتوحة باستمرار، ويزداد الحديث عنها عند كل بطولة أو استحقاق رياضي عالمي. الروابط أصبحت متاحة للجميع رغم المخاطر الناتجة عنها من فيروسات وغيرها. عشاق كرة القدم والرياضة عموماً يأملون بالوصول إلى عالم أكثر عدلاً، من دون وجود مكان للاحتكار، ودفع مبالغ طائلة من أجل مشاهدة مباريات كرة القدم، وهي لعبة كانت تُعرف دائماً بلعبة الفقراء.