أهدر المسؤولون عن تنظيم حفل افتتاح قرية ميشال سليمان الرياضية، وتحديداً جمعية «أحلى جبيل» ورئيسها نبيل حواط، فرصة الظهور بمظهر الجامع لأهل الرياضة في حدث أقيم برعاية رئيس الجمهورية ميشال سليمان، الذي من المفترض أنه رئيس لكل لبنانيين وليس لفئة دون أخرى.
حفل الافتتاح غص بأهل مدينة جبيل الذين جاؤوا يحتفلون بولادة مجمع رياضي في المنطقة، بحضور حشد من النواب والوزراء، لكن بغياب عدد كبير من المعنيين بالرياضة وتحديداً اللجنة الأولمبية وبعض الاتحادات. وقد يكون حضور رئيس الاتحاد اللبناني لكرة القدم، هاشم حيدر، الشخصية الرياضية المحلية الأبرز، قد أنقذ شكل الحفل، كونه يشغل أيضاً منصب نائب رئيس اللجنة الأولمبية اللبنانية. لكن وجود حيدر كان من منطلق رئاسته لاتحاد كرة القدم، فاللجنة الأولمبية لم تدع أصلاً الى الحفل في خطوة بدت لافتة جداً. حتى إن رئيسها جان همام وجهت له دعوة بالبريد وكذلك لرئيس وأعضاء الاتحاد اللبناني للكرة الطائرة الذي يرأسه همام. والغريب أنه جرى توجيه دعوات للأعضاء الـ 14 بالاسم من دون توجيه دعوة لهمام الذي قيل إن ساعي البريد أوصلها الى نادي غزير كون همام هو رئيس النادي أيضاً.
وقد يعتبر البعض أن وجود رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم البحريني سلمان بن ابراهيم آل خليفة كافياً لإضفاء الطابع الرياضي على الحفل، لكن حتى وجود سلمان بن ابراهيم غير مفهوم. والسؤال الذي يتبادر الى الذهن: من «حشر» الشيخ سلمان في حفل لا يمت الى كرة القدم بصلة سوى عبر النية لإقامة ملعب كرة قدم غير واضح المعالم، وتأسيس نادٍ سينضم لاحقاً الى عائلة كرة القدم؟
وقد يكون وسام الأرز الذي حصل عليه سلمان هو «المغناطيس» الذي استعمل لجذب رئيس لم يكمل بعد عامه الأول في رئاسة الاتحاد الآسيوي، وليس واضحاً بعد طبيعة الانجازات التي حققها آسيوياً وتحديداً للبنان كي يستحق هذا الوسام الرفيع.
المسألة لا تتعلق بأشخاص، لكن كدلالة على عقلية تعاطي المسؤولين عن الحفل، وعدم قدرتهم على تخطي إشكالات الماضي وتحديداً في انتخابات الاتحاد اللبناني لكرة السلة. الغياب الرياضي انسحب أيضاً على رئيس لجنة الشباب والرياضة النيابية سيمون أبي رميا، إضافة الى جميع أعضاء اللجنة الأولمبية ورئيس الاتحاد اللبناني لكرة السلة وليد نصار، الذي غاب رداً على عدم دعوته إلى الجولة التي نظمت قبل شهرين.
صحيح أن الدعوات قد وجهت بشكل رسمي، لكنها جاءت تحت مقولة «تعا ولا تجي»، إذ لو كان القيّمون على الحفل يريدون حقاً حضور أهل الرياضة من غير المحسوبين عليهم، وفتح صفحة جديدة لكانوا قاموا باتصالات شخصية للتأكيد على الحضور، أو حتى ذكر الموضوع في لقاءات شخصية خلال مناسبات رياضية حدثت الأسبوع الماضي. واللافت أن الإعلام الرياضي لم يسلم من الاستنسابية، إذ حضر البعض وغاب البعض الآخر تحت شعار «منعاً لحصول حساسيات على خلفية مواضيع نشرت حول الجولة التي أقيمت قبل شهرين تقريباً».
والمؤسف أن القيمين على الحفل هم من الشباب الواعد المتحمّس للرياضة والذي يقدم لها الكثير، لكن قد يكون من الأفضل لهم التحلي بالروح الرياضية وتقبّل الخسارة والنقد قبل الربح والمديح، إذا كان هدف هؤلاء طرح أنفسهم ككوادر رياضية جامعة. فكلمة نبيل حواط في الحفل أو ما وصل منها الى الآذان (نتيجة رداءة الصوت) ركّزت على أهمية الرياضة والسعي الى أن تكون جامعة للبنانيين، لكن هذا لا يمكن أن يحصل في ظل عملية فرز مستمرة وفق أهواء أو مصالح البعض. وقد يكون حواط وإلى جانبه نجل الرئيس سليمان الدكتور شربل سليمان حديثي العهد في العمل الرياضي أو متحمسين أكثر من اللازم إلى درجة إضاعة البوصلة أو السماح للبعض بتضليلهم والذهاب بهم الى مكان لا يليق بالرسالة التي يعتبرون أنهم يحملونها. وقد يكون حواط والدكتور سليمان قد ظلما بما حصل، وخصوصاً بعدما ظهرا بصورة من لم يستطع الخروج من معارك الأمس، ولا سيما أن تجربة الأشهر الماضية أثبتت أن الفريق الآخر طوى الصفحة ولا يتعاطى بكيدية معهم بدليل أن فريق عمشيت وصل الى نصف نهائي البطولة للمرة الأولى في تاريخه وفريق بيبلوس أقرب الى الدور عينه من المتحد كونه يتقدم عليه 2 - 1.
هذه الطريقة في التعاطي أعطت انطباعاً لدى معنيين بلعبة كرة السلة ومن اللاعبين الأساسيين فيها، بأن ما حصل في انتخابات الاتحاد اللبناني لكرة السلة كان لخير اللعبة، حتى لا تكون فريسة الكيدية وتصفية الحسابات كما حصل على صعيد افتتاح قرية سليمان الرياضية. فالمعنيّون الأساسيون غابوا خوفاً من تعاطٍ غير مسؤول أو خرق لبروتوكلات، وخصوصاً أن الانسحاب حينها سيكون صعباً.