انسحاب كوريا الشمالية من التصفيات الآسيوية وشطب كل نتائجها يضع منتخب لبنان امام فرصة ثمينة للوجود في حدثٍ كبير، حيث ستكون الرحلة الى كوريا الجنوبية أهم من اي وقتٍ مضى، وعليها يعلّق اللبنانيون آمالاً واحلاماً كثيرة، رغم ادراك الجميع صعوبة المهمة، وخصوصاً ان اصحاب الارض الذين تأهلوا الى كأس العالم في 10 مناسبات سابقة هم الذين ينافسون لبنان بشكلٍ مباشر على صدارة المجموعة.صعوبات كثيرة عرفها منتخبنا، كحال البلاد كلّها خلال سنة صعبة، لكنّ المواكبين عن كثب يمكنهم لمس الإصرار عند اللاعبين لإهداء اللبنانيين اقلّه فرحة التأهل المباشر الى كأس آسيا 2023 من بوابة التصفيات نفسها.
الأكيد ان بالامكان الاحتفال بانجازٍ ما هناك في بلاد "محاربي التايغوك" مع جيلٍ استثنائي من اللاعبين، والدليل ان 11 اصل 23 لاعباً اختيروا للمباريات الثلاث المقبلة هم من المحترفين في الخارج.

تحضيرات متقطعة
قبل السفر الى كوريا الجنوبية، ومنذ المعسكر الاخير للمنتخب في دبي الاماراتية، عرف منتخبنا تحضيرات متقطعة، لكن الاسبوع الاخير شهد تمارين يومية مع اللاعبين الذين انهوا الدوري والكأس محلياً، فبقي بعيداً عنها لاعبو الانصار والعهد الذين شاركوا مع فريقيهما في كأس الاتحاد الآسيوي. كما حضر لاعبون من الخارج، امثال قاسم الزين ومحمد قدوح وماجد عثمان وسوني سعد، حيث خاض المنتخب مباراة وديّة مع نظيره الاولمبي.
ويقول المدرب وسام خليل في تصريحٍ إلى"الأخبار": "كان مهماً ان يبقى اللاعبون الذين انهوا مشاركاتهم في حالة ناشطة في الملعب حتى لا يفقدوا لياقتهم البدنية او تركيزهم او يتعرضوا للاصابة". ويضيف: "لذا حرص الجهاز الفني بقيادة الكابتن جمال طه على محاولة تعويض ما فاتنا بسبب الاغلاق في البلاد والاوضاع التي رافقت تفشي فيروس "كورونا"، والتي صعّبت الامور علينا، في وقتٍ لم يكن هناك اي يوم للمباريات الدولية منذ معسكرنا في دبي، وهو اكثر معسكر استفدنا منه لان غالبية الوقت بقي اللاعبون مع فرقهم".
لكن لا يخفى ان الصعوبات لا تنحصر في هذا الاطار، فالمشاكل اليومية التي يعاني منها اللاعبون على غرار كل اللبنانيين يمكن ان تشتت اذهان "رجال الأرز" وتبعدهم ذهنياً عن اجواء كرة القدم، ما يفرض عملاً مضاعفاً بالنسبة الى الجهاز الفني الذي ركّز في غياب الظروف التحضيرية المثالية على الاستفادة ممّا توافر للاعبين مع انديتهم.
11 من اصل 23 لاعباً اختيروا للمباريات الثلاث المقبلة هم من المحترفين في الخارج


اصابات وغيابات
وفي ظل عدم القدرة على تنفيذ برنامجٍ تحضيري كامل وعدم كفاية المباريات، كان هناك ايجابية في خروج لاعبي الانصار والعهد للعب في مسابقة خارجية تتمتع بمستوى اعلى من مستوى الدوري المحلي. لكن هذه الايجابية انعكست سلبية ايضاً في مكانٍ ما، وذلك بسبب التعب الذي اصاب بعض اللاعبين من جراء خوضهم مباريات متطلبة في ظرف ايامٍ قليلة، ومن ثم سافروا مع المنتخب بعد وصولهم من الاردن والبحرين على التوالي.
كل هذا يترك ثقلاً على الجهاز الفني الذي عمل على ابقاء اللاعبين في جاهزية وابعادهم في آنٍ واحد عن التعرّض لاصابات عضلية من خلال تمارين فردية سابقة وتمارين جماعية لاحقة، لكن رغم ذلك تعكّر الجو العام باعلان غياب ثنائي الانصار القائد حسن معتوق وحسن شعيتو "موني" عن البعثة بسبب اصابتيهما.
غياب الثنائي المذكور هو ضربة بلا شك، اذ ان كلاًّ منهما له دوره في المنتخب ولو بنسبٍ متفاوتة، وفي غيابهما سيتأثر منتخبنا بغياب عنصرين يملكان الخبرة الدولية نتيجة وجودهما منذ فترة طويلة مع المنتخب. وغياب معتوق تحديداً هو مشكلة بحدّ ذاتها، فهو يلعب الدور الاكبر لكونه مفتاح لعب مهم للمنتخب، وتبنى حوله طريقة اللعب في اي حالة، فاذا كان هناك توجّه للهجوم وترجمة السيطرة الى تسجيل يكون دور معتوق مفصلياً، واذا كانت المباراة مغلقة له ايضاً دور كبير في هذا المجال، ففي حال اعتماد المنتخب خطة دفاعية ترتكز الاستراتيجية الهجومية على الرقم 7 لدوره المهم في قيادة المرتدات. والامر عينه ينطبق على "موني" الذي يمكنه صناعة الفارق عند مشاركته في اي مركزٍ هجومي، وهو الذي قدّم موسماً اكثر من جيّد مع الانصار.
صحيح ان معتوق هو مفتاح لعب لا غنى عنه، لكن الجهاز الفني سيلجأ هنا الى اسلوب اللعب والمنظومة بعيداً عن الخيارات الفردية لتعويض غياب قائده، ولو ان لاعبين مثل سوني او باسل جرادي يمكنهما شغل مركزه، وحتى عثمان الذي قبل تحوّله الى لاعبٍ محوري بعد قدومه الى لبنان شغل مركزاً على الطرف الايسر من الملعب.
ومن الاسماء الغائبة التي يمكن التوقف عندها هناك المهاجم عمر شعبان الذي لم يتمكن من الالتحاق بالمنتخب في التجمعات السابقة، ما يعني انه بات بعيداً عن اجواء المنظومة، لكنه لا يزال ضمن الحسابات للمرحلة المقبلة. اما ما فاجأ الرأي العام فهو غياب نصار نصار عن التشكيلة، وقد علمت "الأخبار" ان استبعاده عن التمارين ومن ثم السفر كان لأسبابٍ انضباطية لا لسببٍ فني، وذلك على ما يبدو على خلفية الخيارات التي قام بها طه للمباراة الوديّة امام الكويت، حيث لم يكن ظهير الانصار راضياً عن دوره، ولم يشارك في اللقاء، وكان له ردّ فعل في هذا الاطار.