هي ليست المرة الأولى التي يتمّ فيها الحديث عن مغادرة النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو لفريقه الحالي يوفنتوس الإيطالي. وهي ليست المرة الأولى أيضاً التي يكثر فيها الكلام عن عودةٍ مرتقبة له الى فريقه السابق ريال مدريد الإسباني.كلامٌ يطفو في كل مرّة يخرج فيها رونالدو خائباً من أرض الملعب، وتحديداً مع تعرّض «اليوفي» لنكسةٍ في دوري أبطال اوروبا، وهي المسابقة التي عاش فيها «سي آر 7» اجمل ايام مسيرته مع الريال، حاصداً الألقاب والأرقام الفردية القياسية.
لكن هناك اسباب عدة يفترض ان تحول دون رحيل رونالدو في الصيف كما يقال، اذ ان مشواره مع يوفنتوس يجب ان يمتد لفترةٍ اطول، وهو ما يخدم مسيرته عامةً، اذ ان اي انتقالٍ قريب او عودة الى النادي الملكي قد يكونان الخطأ الذي سيشكّل منعطفاً سلبياً في حياته الكروية.
الواقع ان يوفنتوس هو المكان الأنسب لرونالدو حالياً، فهو تأقلم بسرعة مع الدوري الايطالي حيث يتصدر ترتيب الهدافين حالياً بـ 23 هدفاً بعدما سجل «هاتريك» في مرمى كالياري في نهاية الاسبوع، ليرفع رصيده الى 75 هدفاً في 87 مباراة خاضها بألوان «البياتكونيري». كما انه يبدو سعيداً بالدور الذي أُعطي له إن كان مع المدرب الحالي اندريا بيرلو او المدرب السابق ماوريتسيو ساري، حيث تمكن من الحفاظ على نجاعته التهديفية وزاد من رصيده الخرافي، مسجلاً الاهداف بغزارة في المسابقات المختلفة.
يوفنتوس هو المكان الأنسب لرونالدو لأنه ببساطة يُعتبر النجم الأول هناك بنظر الجمهور، وزملائه اللاعبين، والأهم الإدارة. هذه الإدارة التي لا تعامله مثلما فعل فلورنتينو بيريز في آخر مواسمه مع الريال، بل إنها تستمع اليه وتستمزج رأيه في قضايا فنية اساسية، وتعمل على خلق جوٍّ مريحٍ له. وهذه النقطة هي سببٌ اساسي في ضرورة رفضه لفكرة العودة الى «البيت الأبيض» لأنه خرج أصلاً بطريقةٍ غير وديّة، وذلك في وقتٍ لم تتغيّر فيه الإدارة المدريدية ولو ان بيريز وإدارته حاولا مغازلة رونالدو من خلال وسائل الاعلام الحليفة لنادي العاصمة الاسبانية، وتحديداً الصحف الشهيرة في مدريد، والتي على ما يبدو أطلقت حملة إغراء النجم البرتغالي للعودة الى «سانتياغو برنابيو».
هو اسلوب بيريز الذي يعرف كيفية القيام بالـ»بيزنس»، لكن رونالدو ايضاً يجب ان ينظر الى هذه الناحية ويتمسّك بالبقاء مع يوفنتوس، فهو سيضطر الى خفض راتبه في حال اراد القيام بالنقلة او الخطوة الى الخلف اذا صحّ التعبير. فعلاً هي ستكون خطوة الى الوراء وستضرّه شخصياً وستفيد ريال مدريد ويوفنتوس على حدٍّ سواء.
فمن ناحية الفريق الاسباني، سيستطيع الريال استقطاب نجمٍ كبير صاحب وجهٍ تسويقي مثمر من دون ان يدفع له راتباً ضخماً او يساوي ذاك الذي كان يتقاضاه في ايام المجد معه. وهنا يجب الاشارة الى سنّ رونالدو التي لا تسمح له بالحصول على عقدٍ طويل الأمد في حال انتقاله الى نادٍ جديد، ولو انه لا يزال في قمّة عطائه. لذا فإن الريال سيقبل بعودته لأنه سيفيده فنياً في ظل الوضع المالي الصعب الذي يعيشه، على غرار ابرز الأندية في العالم، وهو الذي ينتظر تسوية اوضاعه قبل استقطاب نجم المستقبل الفرنسي كيليان مبابي او النروجي إيرلينغ هالاند، ما يعني ان رونالدو سيكون الحلّ الأمثل مؤقتاً بانتظار حصول بطل الدوري الاسباني على مبتغاه من السوق.
قد لا يمانع «اليوفي» رحيل رونالدو قبل نهاية عقده للتخلّص من أعباء راتبه العالي


اما يوفنتوس فهو قد لا يمانع رحيل نجمه الذي يحصل منه على 31 مليون يورو سنويّاً، اذ انه سيوفّر مبلغاً كبيراً في ظل هذه الظروف الصعبة التي تسبّبت بخسارته ما يقارب الـ 114 مليون يورو في الأشهر الستة الاولى من الموسم الحالي بسبب تداعيات تفشي وباء «كورونا». وهذا المبلغ كان يأمل ان يعوّض قسماً منه من خلال ذهابه الى ابعد محطة ممكنة في دوري الابطال، لكن عدم احترامه لبورتو البرتغالي بشكلٍ كافٍ تسبّب بخروجه من دور الـ 16.
لذا واستناداً الى كل ما سبق، قد لا يمانع نادي «السيدة العجوز» السماح لرونالدو بالتحرّر من عقده قبل نهايته في صيف عام 2022، ولو انه سينتقل الى نادٍ آخر مجاناً، وهو قرارٌ يقف عند مدى استعداد «اليوفي» للتضحية، فإما يخسر هدافه الأول، وإما يوفّر على نفسه مبلغاً كبيراً قد يموّل صفقاتٍ عدة، اذ تشير الأرقام الى ان رونالدو يحصل على خُمس الرواتب التي يدفعها بطل إيطاليا للاعبيه.
بطبيعة الحال، سيكون رونالدو الخاسر الوحيد في حال انتقاله من يوفنتوس الى ريال مدريد، حيث سيحتاج ايضاً الى بعض الوقت للتأقلم مع النهج الاستراتيجي الجديد للفريق، وهي مسألة يجب ان يفكر بها، وخصوصاً انه وصل الى المرحلة الأخيرة من مسيرته حيث لا مجال لتضييع الوقت، بل ان الاستقرار هو الأساس. وعند هذه الكلمة، يمكن التوقف أيضاً لأنها قد تكون مفتاحاً لبقائه في تورينو حيث استقرت عائلته، وحيث بدأ نجله كريستيانو جونيور يخطّ أولى خطواته اللافتة في عالم المستديرة بتسجيله الأهداف على شاكلة والده مع صغار يوفنتوس.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا