مدريد | ربما يكون توقيت كتابة هذا المقال «انتهازياً»، بعد سقوط مؤلم، بقدر ما هو متوقّع لنادي برشلونة الإسباني أمام باريس سان جيرمان الفرنسي في دوري أبطال أوروبا. قد يتوقع البعض مقالةً للحديث عن مجريات اللقاء، عن تألق نجمَي باريس كيليان مبابي وماركو فيراتي، وعن طرحَي مدرب النادي الكاتالوني رونالد كومان ومدرب باريس بوكيتينو وإدارتهما للمباراة، أو حتى عن الفروقات البدنية والسيناريوات المتوقعة في حديقة الأمراء.
فرضية «انتهازية» التوقيت سببها الرسائل والإشارات المتذبذبة التي أظهرها فريق كومان منذ انطلاقة الموسم. فبعد موسم صفري، وصَيف عاصف، عمل المدرب الهولندي على إعادة شيء من الهدوء إلى أروقة النادي بصراحته وتاريخه.
تألق بيدري وانسو فاتي قبل إصابة الأخير. تحرير دي يونغ واستعادة أحسن نسخاته الجميلة، كما وضع الثقة في أراوخو، وإغلاق أو تأجيل ملفّ رحيل ميسي وعودته إلى التألق، هي أهم العوامل التي ساعدت الفريق على المضيّ بوتيرة تصاعدية ولو بطيئة.
لم يكف هذا التحسن النسبي برشلونة في المواعيد الكبرى، فسقط أمام الريال والأتليتكو في الدوري، وأمام يوفنتوس بدوري الأبطال، وأمام بلباو في نهائي السوبر الإسباني، وأمام إشبيلية في ذهاب نصف نهائي الكأس، قبل أن يفشل في أهم امتحان له أمام باريس، بدون نيمار.
هذه الإشارات الكثيرة أخّرت الحكم على الفريق، حكمٌ صدر ليلة الثلاثاء في الكامب نو.
يجمع الإعلام الكاتالوني على أن هذه الأزمة هي الأقسى على النادي منذ عقود، رياضياً واقتصادياً وإدارياً. مسببات الأزمة عديدة، وبعضها غير ظاهر. هناك سوء إدارة سلّم الرواتب، والتعاقدات الباهظة وغيرها، لكن، ما الحل؟ متى الحل؟ وكيف الحل...
النادي في الوقت الراهن يفتقر إلى أدوات مشروع رياضي ناجح على المدى القصير، أو حتى المتوسط. الاستقرار الإداري المتمثل بوصول رئيس جديد مهم طبعاً، وقد يكون الحجر الأساس، لكنه لن يكون الحل، فبرشلونة، كما ريال مدريد وأتلتيك بلباو في إسبانيا، شركة مساهمة، أي أن الرئيس ليس بمالك. وبهذا أقصد أنه لن يأتي بأموال خارجية أو شخصية، بل هو محكوم بالتصرف بمداخيل النادي فقط. قد تساهم صحافة العاصمة في تضخيم الأزمة إعلامياً، عن طريق وضع النادي أمام سيناريوات مستقبلية قاسية، كالاضطرار إلى بيع أنسو فاتي وديمبيلي، أو رهن الكامب نو بهدف تأجيل موعد استحقاق الديون، وهي ظاهرة إعلامية طبيعية.
لن يحدث للنادي الكاتالوني ما حدث لميلان وإنتر حتى لو رحل ميسي


على الرغم من كل هذه التخبطات، وفي ظل أزمة كورونا، لا يزال النادي هو الأكثر دخلاً في العالم، وهي حصانة أمام أي انهيار محتمل، كما أنها ستساعد الإدارة الجديدة في مفاوضاتها مع المصارف والأندية التي تربطها صفقات وديون ببرشلونة .
لن يحدث للنادي الكاتالوني ما حدث للميلان والإنتر، هذا محسوم، حتى لو رحل ميسي. رحيلٌ، على قدر ما هو مكلف رياضياً، وقاسٍ على الجماهير، إلا أنه قد يكون إشارة بدء الفترة الانتقالية الحقيقية لبرشلونة جديد.
اقتصادياً، من المؤكد أن خزينة النادي ستتخلص من أكثر من 150 مليون يورو سنوياً، بين رواتب ومكافآت. أما غير المؤكد، فهو مدى تأثير ليو ميسي على مداخيل النادي بشكل عام، من عقود رعاية وبيع قمصان والحضور الجماهيري والجولات الصيفية وغيرها... وهذا ما ستحدده حسابات السنوات المقبلة.
وعلى عكس ما يظنه البعض، فإن موسم 20/21 لم ينته برباعية باريس. فصراع الدوري لا يزال مشروعاً، واحتمال تخطي إشبيلية ممكن رغم صعوبته. وتبقى النقطة الأهم هي استثمار الدقائق بالمواهب الشابة، والحفاظ على القيمة السوقية لبعض النجوم لتفادي الاضطرار إلى إعارتهم أو التخلص منهم بمبالغ زهيدة، كما حصل مع غاريث بايل وخاميس رودريغيز في ريال مدريد.
إذاً، مصير النادي مرتبط بمقاربة الرئيس الجديد للوضع. على الأغلب سيكون لابورتا. ولكن، هل يكون قادراً على إدارة الأزمة بدقة وذكاء؟ وخاصةً أن برشلونة فريقٌ أصبح مطالباً رغم كل الظروف؟ أم أن الأزمة، أعمق بكثير مما يعتقد البعض...؟

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا