لطالما كانت مسابقة كأس الاتحاد الآسيوي محطة موسميّة مهمة بالنسبة إلى كرة القدم اللبنانية، كون هذه المسابقة نقلت اللعبة وأنديتها في لبنان إلى مستوى دولي، وشكّلت مناسبةً مهمة بالنسبة إليها لرفع مستوى الاحتكاك مع خصومٍ مختلفين من هذه القارة.صحيح أن المسابقة الرديفة في آسيا ليست بمستوى المسابقة الأم، أي دوري أبطال آسيا، لكن بالنسبة إلى الفرق اللبنانية أيضاً كانت لها فوائد جمّة، أبرزها طبعاً فوائد مالية من خلال المبالغ الموزّعة على المتأهلين إليها. وهذه الفوائد تمكّن العهد بطل لبنان من الحصول على أكبر رقمٍ منها عندما نجح في إحراز أول لقبٍ قاري في تاريخ الكرة اللبنانية، وذلك بعدما عجزت الفرق الأخرى الممثلة للبنان في هذه المسابقة عن الصعود إلى منصة التتويج رغم ذهاب بعضها بعيداً وحتى الأمتار الأخيرة.
لكن اليوم جاء قرار الإلغاء الاضطراري بعد تجميد المسابقة منذ آذار الماضي بفعل تفشي وباء «كورونا» في كل بلدان القارة التي كانت البؤرة الأولى لهذه الجائحة. والأسوأ أن الاتحاد الآسيوي وبعدما قرّر إقامة بقية المباريات التي لم يُلعب منها سوى جولتين في دور المجموعات وفق نظام التجمّع، وجد نفسه عاجزاً عن تنفيذ الخطوة الأخيرة بفعل استمرار المعاناة من الوباء.
قرارٌ لم يكن مرضياً بالنسبة إلى كثيرٍ من الأندية في شرق وغرب القارة، لكن يفترض اعتباره خبراً إيجابياً بالنسبة إلى الكرة اللبنانية في ظل الواقع الراهن والمعاناة الشاملة على مستوى البلاد.
لا يفترض أن يكون العهد حزيناً لعدم استكمال مشوار الدفاع عن اللقب الذي أحرزه، فهو بكل بساطة سيحتفظ به لفترةٍ أطول حيث ستبقى تسمية البطل ملتصقة به في كل مرّة يتمّ فيها الحديث عنه أو عن كأس الاتحاد الآسيوي. أضف أن العهد حصل على مبلغٍ قارب المليون ونصف المليون دولار جراء فوزه باللقب القاري، وبالتالي فإن هذا المبلغ أكثر من كافٍ لتسيير أموره وتعزيز تشكيلته بهدف الاحتفاظ بلقب الدوري اللبناني. كما أن إلغاء المسابقة ليس بالأمر السيئ لهذه الدرجة اذا ما أخذنا المعايير الفنية للفريق الأصفر، الذي يعيش مرحلةً جديدة بعد رحيل مهندس ألقابه المدرب باسم مرمر إلى العربي الكويتي، وحلول الإسباني دانيال خيمينز مكانه. وهذه المرحلة أيضاً تحكمها معايير جديدة أخرى تتمحور حول تجديد التشكيلة بلاعبين شباب وآخرين قادمين من أندية أخرى، حيث المطلوب أن يندمجوا سويّاً للإبقاء على المستوى المميّز للفريق وحمله مجدداً إلى منصات التتويج.
المنطق يقول إن حظوظ العهد والأنصار لم تكن مرتفعة لإحراز لقب نسخة 2020


وبالحديث عن اللاعبين، فإن العهد والممثل الآخر للبنان في آسيا أي الأنصار، لا يفترض أن يندبا حظيْهما بسبب قرار الإلغاء الذي صوّت عليه بالموافقة المكتب التنفيذي للاتحاد الآسيوي. وهنا الكلام عن وجود قناعةٍ واقعية بأن حظوظ الفريقين لم تكن مرتفعة لإحراز لقب نسخة 2020، وذلك بفعل الواقع المرير الذي يعيشه كلٌّ منهما كما هو حال كل شخصٍ على الأراضي اللبنانية. وهذه المسألة ترتبط تحديداً بالواقع الاقتصادي الصعب الذي جعل الأندية اللبنانية من دون لاعبين أجانب، فلا العهد هو نفسه من دون السوري أحمد الصالح والغاني عيسى يعقوبو والتونسي أحمد العكايشي، ولا الأنصار هو الفريق نفسه من دون مواطن الأخير حسام اللواتي وهدّافه المرعب السنغالي الحاج مالك تال.
وانطلاقاً من هذه النقطة لا يمكن إغفال أبداً أهمية العنصر الأجنبي، وهو ما ثبت في المشوار الناجح للعهد في آسيا العام الماضي، حيث شكّل الصالح ضمانة دفاعية لطالما عانى العهد من غيابها في المراحل الحاسمة فخرج خالي الوفاض. كما أن أهداف العكايشي في هذه المراحل كانت مفصلية ومهدت الطريق إلى اللقب الذي حُسم لمصلحة بطل لبنان برأسية يعقوبو لا غيره.
كذلك، تضاف نقطة كان يخشى منها الجمهور وهي تلقي العهد والأنصار هزائم لا تليق باسميهما أو بالكرة اللبنانية بفعل المتغيّرات الفنية القسرية المذكورة سلفاً. لذا يمكن التأكيد مرةً جديدة أن قرار الإلغاء يصب في مصلحة لبنان لأنه يمكن الجزم بأن تراجعاً كبيراً قد أصاب مستوى الفريقين لا بسبب الإهمال بل لسببٍ منطقي يُختصر بتوقف الكرة عن الدوران في الملاعب اللبنانية منذ تشرين الأول الماضي، وهي لم تسجّل سوى عودة خجولة أخيراً، بينما عادت بشكلٍ شبه طبيعي في بلدانٍ كثيرة تتواجد ضمن دائرة كأس الاتحاد. من هنا، فإن فرق هذه البلدان ستدخل متفوّقة من حيث الجاهزية، وبالتالي ستعاني الفرق اللبنانية أمامها، ما سيقضي على السمعة الطيبة التي خلقها العهد في آسيا بعد موسمٍ رائع قدّم فيه الكثير.
إلغاء المسابقة يصبّ أيضاً في خانة إيجابية للبنان في الوقت الراهن، حيث كان من الصعب على الفرق الاستفادة من عامل الأرض كونها كانت ستُجبر على اللعب بعيداً عن ملاعبها التي شكّلت نقطة قوة في المشوار العهداوي الناجح. كما أنه وفي ظل الوضع المالي الحالي، كان العهد والأنصار سيتكبدان مبالغ كبيرة لتأمين سفر بعثتيهما بحُكم سعر الصرف الجنوني لليرة اللبنانية مقابل الدولار الأميركي، إضافةً إلى توجّه تمّ الحديث عنه بالقيام باللازم لتأمين معسكر قبل بداية المباريات في البلد المفترض استضافته للمنافسات قبل أن يتمّ إلغاء كل شيء.
إذاً في حال انزعجت الكثير من الأندية الآسيوية من قرار الإلغاء لاعتبارات مادية بعد صرفها المبالغ لتعزيز تشكيلاتها بالأجانب المميزين، ومناداة بعضها بطلب تعويضات من الاتحاد الآسيوي، فإن التفكير بإيجابية في هذا الإطار يترك قناعةً مُرضية بأن ما حصل هو في مصلحة لبنان وكرته، حيث الحاجة اليوم إلى العمل الداخلي بما تيسّر ومن ثم الانطلاق من جديد نحو الخارج وفق ما تتطلّبه المعايير لتكون الفرق اللبنانية بمثابة الممثل المشرّف للعبة.



الأنصار يخلط الأوراق في دورة العهد


خلط فريق الأنصار الأوراق في المجموعة الأولى من دورة العهد الودية في كرة القدم بعد فوزه على العهد 2-0 على ملعب الأخير ليتساوى معه في النقاط بثلاثٍ لكلّ منهما بعد فوز العهد في الجولة الأولى على الصفاء 3-0، وخسارة الأنصار أمام شباب البرج 1-2. سجّل للأنصار حسن معتوق وحسن شعيتو «موني» ليحافظ الأنصار على آماله في التأهل إلى نصف النهائي من الدورة التي تعتمد مبدأ المواجهات في حال تعادل أي فريقين بالنقاط.
ويلعب اليوم السبت ضمن الجولة الثانية للمجموعة الأولى شباب البرج مع الصفاء على ملعب العهد في الساعة الرابعة والنصف، على أن يكون يوم غدٍ الأحد راحة للفرق المشاركة. وتعاود الدورة نشاطها يوم الاثنين بلقاء النجمة مع شباب الساحل على الملعب عينه وفي التوقيت ذاته.
(الأخبار)

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا