هما الفريقان اللذان يجمعان بين المتعة والفعالية، وهما الفريقان اللذان يجمعان بين النجوم وأسلوب اللعب الجماعي الذي يُدرّس. كما أن عناصر الفريقين يلعبون كرة القدم وكأنهم في حفلٍ حيث يستمتعون بكل دقيقة وبكل هدف وبكل احتفال. هو النهائي المثالي الذي تمناه كثيرون من محبي اللعبة الشعبية الأولى في العالم. نهائي واعد جداً، أقلّه بسبب النزعة الهجومية لبايرن ميونيخ وباريس سان جيرمان التي حملت معها الكثير من الأهداف والإثارة في المراحل السابقة لدوري أبطال أوروبا.الكلام عن بطل ألمانيا وبطل فرنسا ربما يختلف أذا ما استعرضنا تاريخهما في دوري الأبطال، إذ إن بايرن الفائز باللقب 5 مرات اعتاد على هذا النوع من المباريات، بينما يعيش باريس سان جيرمان نشوة لعب النهائي للمرة الأولى في تاريخه، وهو الذي فشل في تقديم نفسه ندّاً عنيداً لكبار أوروبا حيث عجز في المراحل المتقدّمة رغم نتائجه النوعية في المراحل الأولى بفوزه على بعض الفرق المنافسة على اللقب في المواسم الماضية.
لكن الماضي ليس مهماً بل الحاضر الذي يقول إن أفضل فريقين هجوميين في «تشامبيونز ليغ» سيخوضان معركة قاسية للظفر بالكأس صاحبة الأذنين الطويلتين، في وقتٍ تبدو المواجهة مرتقبة أيضاً بين العقلين المفكرين اللذين قادا الفريقين إلى النهائي عبر فلسفة متشابهة إلى حدٍّ ما، أي مدرب بايرن هانزي فليك ومواطنه مدرب الـ PSG توماس توخيل.

الضغط ثم الضغط
لم يكن خفياً على أحد أن سرّ نجاح بايرن ميونيخ في اكتساح خصومه بعد السيطرة عليهم كان عملية الضغط المنظّم التي خلقها فليك في أسلوب لعبه. هو الأسلوب نفسه الذي اعتنقه توخيل في المباراة الأخيرة لفريقه أمام لايبزك، ما أربك الفريق الألماني، وذلك بفضل خليطٍ يجمع بين المهارة والقوة في الالتحامات القادرة على استعادة الكرة وبالتالي فرض السيطرة.

وفي هذا الإطار هناك تشابه بين الفريقين، ففي بايرن تجد الإسباني تياغو الكانتارا، وهو الذي لا يبدو مؤثّراً في الحالة الهجومية، لكنه يبدو قادراً على إخراج فريقه من الضغط بفعل مهارته. والأمر عينه ينطبق على مواطنه أندير هيريرا من الناحية الباريسية، حيث يمكن لتوخيل الاستعانة بالإيطالي ماركو فيراتي أيضاً في هذا المجال. لكن فكرة توخيل تبدو واضحة من خلال حاجته إلى لاعبٍ قوي بدنياً يمكنه مجاراة الألمان، وقد فعلها بنقله البرازيلي ماركينيوس من مركزه في قلب الدفاع إلى مركزٍ محوري في الارتكاز، بينما يتولى الأرجنتيني لياندرو باريديس مهمة مزدوجة من خلال استخلاص الكرات وإطلاق الهجمات.
لذا يمكن توقّع معركة قاسية في هذا المحور حيث يعلم الطرفان أن من يسيطر عليه ستكون الأبواب مفتوحة أمامه إلى منطقة الجزاء وتالياً المرمى، حيث يعتمد بايرن هنا على ليون غوريتسكا الذي سيتحرّر هجومياً في حال وجد فليك أن الظهير الأيمن الفرنسي بنجامان بافار سيكون قادراً على اللعب أساسياً، وبالتالي سينقل المتألق جوشوا كيميتش الى خط الوسط لتعزيز سيطرته وزيادة ضغطه لقطع جسر الإمدادات الى الثلاثي الهجومي الباريسي.
أما ما يمكن الجزم به، فإن بايرن يحتاج إلى الضغط لإيقاف كليليان مبابي، البرازيلي نيمار، والأرجنتيني أنخيل دي ماريا. كما يحتاجه سان جيرمان لمحاولة حجب خط التمرير إلى الأمام باتجاه ثلاثي بايرن سيرج غنابري، توماس مولر، والبولندي روبرت ليفاندوفسكي.
أفضل فريقين هجوميين سيخوضان معركة قاسية للظفر بكأس تاريخية


وإذا كان بطل فرنسا يحاول مجاراة بايرن في هذا المجال، عليه أن يتنبّه إلى نقطةٍ مهمة وهي أن خط وسطه ليس متناغماً في عملية توقيت الضغط كما هو الحال لدى بطل ألمانيا، بل إنه يترك العديد من المساحات بين خط الدفاع الأول المكوّن من لاعبَين (هيريرا وباريديس) وبين الخط الثاني حيث يتمركز ماركينيوس خلفهما، وهي نقطة يمكن لبايرن استغلالها عبر زرع لاعبٍ (على الأرجح مولر) بين الخطين لتخفيف الضغط عن حامل الكرة.
لكن ما سيساعد سان جيرمان هنا هو عودة نيمار غالباً إلى الوسط لتسلم الكرة فور استردادها من الخصم، وبدورٍ مشابه لذاك الذي يقوم به مولر لكن بطريقةٍ أسرع في الانتقال الى الحالة الهجومية في ظل وجود لاعبَين سريعين آخرين يمكنهما مجاراته لبناء الهجمة المرتدة التي تميّز بها الفرنسيون.

المهاجمون أفضل من المدافعين
ثقل خطورة نجوم الفريقين في خطَّي المقدّمة سيكون على خطَّي الدفاع المهزوزين، إذ بعكس خطَّي الوسط لدى الطرفين، لا يبدو خط الظهر لدى كلٍّ منهما مثالياً. وهذه النقطة تفتح المجال لتوقّع الكثير من الأهداف خلال اللقاء. وتزداد المسألة تعقيداً في مشاركة الظهيرين في العملية الهجومية، ولو أن بايرن أفضل بكثير في هذا الإطار من خلال كيميتش والكندي الفونسو ديفيس، مقارنةً بسان جيرمان الذي يملك الألماني تيلو كيرير من الميمنة ولاعب بايرن السابق الإسباني خوان بيرنات من الميسرة.


لذا فإن الديناميكية في الدفاع تصبّ في مصلحة بايرن، لكن اعتماد الأخير على خط دفاعٍ متقدّم يكاد يقف في الوسط أحياناً قد يضرّه كثيراً لأن أي كرة في ظهر المدافعين ستفتح المجال أمام مبابي ونيمار لتسجيل هدفٍ، وذلك بسبب سرعتهما الفائقة. في المقابل، لم يعد البرازيلي تياغو سيلفا قويّاً في المواجهات الثنائية كما كان من قبل، ما قد يضع ليفاندوفسكي في موقفٍ مريح عند تسلمه الكرة. كذلك، فإن شريكه في الدفاع بريسنل كيمبيبي قد يضيع في حال خرج من مركزه لمواجهة مولر أو غنابري اللذين يبدلان كثيراً من مركزيهما بحسب صورة الهجمة البافارية.
لذا يمكن القول إن قراءة تحركات بايرن في ملعب سان جيرمان ستكون صعبة على المدافعين، بينما في الجهة المقابلة قد تكون الأمور أسهل بالنسبة إلى مدافعي بايرن، إذ إن الكل يعرف أن الكرة عندما ستصل إلى لاعبي الوسط سيبحثون عن أحد الحلول الثلاثة في الهجوم فقط لا غير أي مبابي، نيمار أو دي ماريا.
أما النقطة الأخيرة فهي أن الفريقين السريعين هجومياً يتنفسان من خلال الاستحواذ على الكرة، وبالتالي من سيستحوذ أكثر سيقطع عن الثاني الأوكسيجين ويستخدم بعدها غريزته القاتلة أمام المرمى.
بايرن ميونيخ وباريس سان جيرمان يدركان أن كلّاً منهما سيخوض أصعب معركة له هذا الموسم. معركة سترهق اللاعبين، لكن بالتأكيد لن يتعب أي مشاهدٍ من متعتها المفترض أن تكون العنوان النهائي لأقوى بطولة على صعيد الأندية.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا