لا تزال لقطات «أسطورة» فرنسا، زين الدين زيدان، في مونديال 2006، حاضرة في الأذهان، وأبداً لمعاودة استذكارها ما تقشعرّ لها الأبدان. وقتذاك، أدهش «زيزو» العالم في ملاعب ألمانيا. لم نكن في مباريات فرنسا في تلك البطولة، قطعاً، نشاهد لاعباً، بدا زيدان طيفاً جميلاً يمر مرور الخيال وينثر ألوانه البديعة زهراً على الميدان. سَحرَنا ذاك «الزيدان» في ليالي ألمانيا. من لم يعش منا زمن الأساطير والعمالقة والكرة الجميلة في الستينيات والسبعينيات والثمانينيات، كان يناظرها في خطوات «زيزو» على العشب الأخضر، في تسلّمه للكرة وتناقله إياها بقدمَيه كريشة تُخرج العجب من بين يدي رسام فنان.
في مباراة ربع النهائي أمام البرازيل، نسينا مع زيدان اللحظة وعظيمها في مواجهة ملوك الكرة، حلّقْنا فوق بساط سحره بعيداً عن كوكبنا، هناك بين النجوم طفقنا ننسج الأحلام.
... إنكلترا عام 2014. ستيفن جيرارد يدنو من الرابعة والثلاثين. في بطولة كأس العالم في البرازيل التي تأهلت إليها البلاد يُتم جيرارد أعوامه الـ 34. لو عدنا الى الوراء قليلاً، لكان من «المفترض» أن يكون هذا النجم في المنزل في هذا العام يلاعب أطفاله الثلاثة. أصيب في الأعوام الأخيرة أكثر من مرة، وفي أثنائها كان فريقه ليفربول في غير حال، يبدّل جلده مودّعاً جيلاً ومستقبلاً آخر ملؤه المواهب والآمال، إلا أن جيرارد ظل في الصورة. أبى هذا اللاعب العظيم موهبةً وسيرةً وعطاءً أن يستسلم إزاء النجومية الآخذة في التصاعد يوماً إثر يوم لزملائه الشبان. أراد أن يكون «الأب» الذي يشرف على هذه الكتيبة الواعدة من المواهب، أمثال دانيال ستاريدج ورحيم سترلينغ والبرازيلي فيليبي كوتينيو، أن يمدّهم بالحماسة، أن يلهمهم حب قميص ليفربول والوفاء له، أن يصفق لهم في أوقات النجاح ويحفّزهم عند الملمات والأحزان. وعند الأزمات تراه حاضراً لحل العُقد، وفي مقدمها مشكلة النجم الأوروغوياني لويس سواريز الشهيرة مع مدربه الاسكوتلندي براندن رودجرز وقراره ترك ملعب «أنفيلد رود»، ليكشف لاحقاً أن من وقف الى جانبه وأقنعه بالبقاء كان، وحده، جيرارد.


يقدّم جيرارد في الرابعة والثلاثين من عمره أحد أفضل مواسمه مع ليفربول

دور «المعلم» الذي أتقنه ستيفن هذا الموسم أيّما إتقان، زاد عليه، رغم تقدّمه في السن، فعالية في الميدان، حتى يمكن القول، من دون مبالغة، إن جيرارد يعيش أحد أفضل مواسمه، وتحديداً في النصف الثاني من هذا الموسم بعد عودته من الإصابة، حيث سجل 11 هدفاً حتى الآن.
في المباراة الأخيرة أمام سندرلاند، قدّم لنا ستيفن تحفة جديدة رائعة وغاية في الإبداع والإتقان. أيعقل أن تكون هذه الكرة التي أرسلها جيرارد من ركلة حرة الى الشباك مجرد هدف؟ لا، هي، قطعاً، منحوتة أشبه بالخيال. أما عن المباراة قبلها أمام مانشستر يونايتد، فتلك للتاريخ حتماً، كما ستروي لاحقاً أجيال وأجيال.
في الرابعة والثلاثين من عمره، ها هو جيرارد يعيش كما لو أنه في عز الشباب، وفي باله، لا شك، جملة تزيده عزماً وحلماً قالها عنه ذات يوم في عام 2009 ذاك «الزيدان»: «جيرارد أفضل لاعب في العالم». في الغد القريب، سيحمل ستيفن سنيه الـ 34 وكل مسيرته المظفرة ويطير بها إلى البرازيل ليعانق أحلامه التي سبقته من الآن إلى ملاعب سَحَرة الكرة. هناك، في المونديال، سيحاكي جيرارد الكرة بقلبه، قبل قدمَيه، مفعماً بكثير من الآمال. آمال بأن يحوّل صيف الإنكليز تحت شمس ريو دي جانيرو إلى ربيع ورديّ، تماماً كما سبقه الى ذلك «زيزو»، بسنيه الـ 34، في ملاعب الألمان.




ثقة فاولر

أبدى نجم ليفربول السابق، روبي فاولر، ثقته بأن جيرارد بإمكانه قيادة الـ«ريدز» إلى التتويج بلقب الدوري الإنكليزي هذا الموسم. وقال فاولر: «في الماضي، كان جيرارد ملهماً كثيراً لليفربول وقاده إلى إحراز العديد من الألقاب، مثل: دوري أبطال أوروبا. الآن، هو قادر على أن يقود الفريق إلى لقب الدوري، وخصوصاً مع بقاء عدد قليل من المباريات».