مرحلةٌ ضبابية تمرّ بها لعبة كرة القدم للصالات في لبنان، وذلك في ظلّ الأجواء العامّة التي تعيشها البلاد، وطبعاً تلك التي عرفتها اللعبة في الأعوام الأخيرة.وهنا الحديث عن سير الفوتسال في خطّ تطوّرٍ تصاعدي طوال فترة مضت، حيث تحمّس لها بعض المموّلين وعملوا على دخول معتركها من خلال أندية مختلفة، وقد نقل بعض هذه الأندية نجاحاته المحلّية إلى الساحة الخارجية، بدءاً من الصداقة ووصولاً إلى فريق بنك بيروت الذي هيمن على كلّ الألقاب في المواسم القريبة الماضية.
وبين «أول سبورتس» وفريق الميادين وغيرهما من الفرق التي جمعت النجوم، كان واضحاً أن مالاً كثيراً صُرف في اللعبة، وبالتالي ساهم في نهضتها، قبل أن تبدأ عملية انسحاب المموّلين تباعاً واحداً تلو الآخر، وذلك لأسبابٍ مختلفة.
بقي بنك بيروت وحده في الساحة التي دخلها قبل 7 أعوام، فارضاً حضوره القوي منذ ظهوره في دوري الدرجة الأولى، حيث لم يكسر سلسلة ألقابه المتتالية في بطولة الدوري سوى الميادين في موسم 2015-2016، فجمع 5 ألقاب في الدوري، و4 في كأس لبنان، و3 في الكأس السوبر، وهو الذي كان أول فريقٍ في لبنان يحرز الثلاثية، وفي موسمه الثاني فقط بين الكبار.
إنجازات فريدة من نوعها ترافقت بإصرارٍ على تحقيق إنجازٍ خارجي في بطولة الأندية الآسيوية التي سجّل 5 مشاركات فيها كان أسوأها مشاركته الأولى عام 2014 التي خرج منها في دور المجموعات، ليبلغ بعدها الدور ربع النهائي في 3 نسخ، ويحتلّ المركز الثالث عام 2018 في إنجازٍ لافت جداً.
صيغة جديدة مرتقَبة لإطلاق كأس لبنان بمشاركة فرق الدرجات المختلفة


هذه الإنجازات ترافقت مع صورة جميلة ظهر بها الفريق محلّياً، كما لناحية انضباط اللاعبين في الملعب، ولناحية تعامل إدارييه بشكلٍ مُتقن مع الظروف التي واجهوها، وأيضاً لناحية جمهوره الذي كان منضبطاً في المدرجات.
كلّ هذا المشهد لم يُزعج أحداً، إذ حتى الهيمنة على الألقاب والاستحواذ على أبرز المواهب الدولية أو الشابة، لم تترك اعتراضات، أقله علناً، إذ لطالما ردّد عدد من القيمّين على اللعبة بأنّ وجود فريق البنك هو أمر مهم جداً، لسببٍ بسيط وهو أن هيمنته يمكن أن تدفع الفرق المنافسة إلى الاجتهاد لإيجاد مموّلين يؤمنون له السيولة لمنافسة البطل الدائم، لا بل أن البعض وصف وجود نادي بنك بيروت في الدوري بمثابة الإنقاذ لبطولة تراجع الاهتمام بها بشكلٍ غريب، بعدما كانت ملاعبها حول لبنان تعجّ بالمشجعين، وبعد تسابق المحطّات التلفزيونية لنقل مبارياتها.
من هنا، لا يخفى أن انسحاب بنك بيروت من البطولة يوجّه ضربة قوية لها، وخصوصاً في مرحلة تلت انسحابات أندية عدة عبر المواسم بعدما كان لها حضورها الجيّد في الدوري. وهذا الانسحاب يأتي أيضاً في مرحلةٍ صعبة حيث توضع علامات استفهام كبرى حول مشاركة عددٍ من الفرق في مسابقة كأس لبنان المزمع انطلاقها قريباً بعد إلغاء فكرة إقامة أيّ بطولة للدوري لاعتبارات عدة.
إذاً انسحب الفريق البطل، ومنح رخصته إلى أمين سره الزميل جاد دعيبس الذي يترأس الآن نادياً جديداً اسمه «بيروت ستارز»، ساعياً لتأسيس فريقٍ يكون شبيهاً بالفريق السابق الذي ترك اللعبة بفعل المصاعب المعروفة التي تعاني منها المصارف في لبنان، إذ لا يمكن فصل الأزمة المالية والاقتصادية عن هذا القرار، خصوصاً أن فريقاً مثل بنك بيروت قيل إن ميزانيته تتراوح سنوياً بين 300 و350 ألف دولار، ما يعني أنها تتخطى ميزانيات العديد من فرق الدرجة الأولى في دوري كرة القدم.
وفي هذا الإطار يقول دعيبس في حديثٍ مع «الأخبار»: «ينصبّ تركيزنا الآن على شقّين: الشق الأول هو العمل على إيجاد داعمين، ولدينا مؤشرات جيّدة بهذا الخصوص. أما الشق الثاني فهو الجلوس مع بعض اللاعبين الذين كانوا في صلب فريق بنك بيروت والتفاوض معهم حول إمكانية التوقيع مع الفريق الجديد». ويؤكّد دعيبس: «لن نشارك لمجرّد المشاركة بل إننا نسعى لبناء فريقٍ منافس يكون له شأنه لكي يكون خير خلف لخير سلف».


طبعاً قد يساعد دعيبس في سعيه عدم انقطاع التواصل مع لاعبي الفريق المنسحب، إذ أن غالبية هؤلاء كانوا قد استفادوا من حصولهم على وظائف في فروع المصرف بمجرّد انضمامهم إلى الفريق، وهي وظائف لم يفقدوها بمجرد انفراط عقده، وهي نقطة تُحسب أيضاً للقيّمين بالنظر إلى تقديرهم لمجهود أفراد الفريق وإنجازاتهم طوال فترة دفاعهم عن إلوانه.
لكن لا بدّ من الاشارة إلى أن السباق مع الوقت سيكون حاضراً، ففي الـ31 من الشهر الحالي يغلق الاتحاد اللبناني باب المشاركة في كأس لبنان، التي ستكون البطولة الوحيدة المُنظّمة هذه السنة على صعيد الفوتسال، وذلك بصيغة جديدة تستند إلى عدد الفرق المشاركة فيها. وتبدو الفكرة جيّدة للصيغة المرتقبة والتي ستسمح لفرق الدرجات المختلفة لعب أكبر عددٍ من المباريات من خلال توزيعها بدايةً على مجموعات قبل الانتقال إلى أدوار خروج المغلوب.
ومسابقة الكأس هذه ستكون مهمّة أيضاً لناحية جلاء صورة واضحة حول شكل الفرق التي ستكون حاضرة في الدرجات المختلفة في الموسم المقبل، الذي لن ينطلق قبل مشاركة منتخب لبنان في استحقاق نهائيات كأس آسيا المفترض أن تنطلق في مطلع تشرين الثاني المقبل في تركمانستان.