ما أن أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» عن توزيع مبلغ 150 مليون دولار على الاتحادات المنضوية تحت لوائه حتى «سال لعاب» كثيرين في لبنان خصوصاً على صعيد الأندية. ففي ظلّ الضائقة المالية التي يمرّ بها لبنان، ليس بسبب أزمة كورونا فقط بل بسبب الأزمة الاقتصادية الخانقة، بدا في مساعدات الفيفا فرصة للحصول على أموال هي بأمسّ الحاجة إليها. الرأي العام الكروي والعديد من المعنيين أيضاً ذهبوا نحو فكرة أن الفيفا يساعد أندية كرة القدم. صحيحٌ أن مبلغ الـ500 ألف دولار المخصّص لكل بلدٍ قد لا يُعتبر شيئاً للدول المتقدّمة، لكن بالنسبة إلى الدول النامية ومنها لبنان يعتبراً مبلغاً محترماً. لكن هذه المساعدات ليست للأندية ولا هي مساعدات مستجدّة بسبب أزمة كورونا. القصة مختلفة كلّياً، وهذه المساعدات مقرّرة سابقاً وفق برنامج محدّد من ضمن البرامج التطويرية للاتحاد الدولي يسمى مشروع «FIFA FORWARD 2.0» كبرنامج تطويري فني يمكن لأيّ فردٍ الاطلاع على بنوده على موقع الفيفا. كلّ ما في الأمر أن الاتحاد الدولي قرّر التسريع في صرف المبلغ المحدد، وبدلاً من أن يرسله في شهر تموز قرّر صرفه في شهر أيار.
يسعى الاتحاد الدولي دوماً لتطوير كرة القدم في البلدان كافة. وهناك برامج مساعدة عدّة كالبرامج التطويرية الفنية وتطوير البنى التحتية ومساعدة الاتحادات في أكلافهم التشغيلية. ومنذ وصول السويسري جيانّي إنفانتينو إلى رأس الهرم الكروي في العالم وفي ظلّ الشفافية القائمة منذ الفضائح التي مرّ بها الفيفا، وإصرار إنفانتينو على مساعدة البلدان، تمّ تطوير البرامج التطويرية التي كانت مقرّرة سابقاً وفق معايير أكثر دقّة وشفافية. فمع وصول إنفانتينو قرّر مضاعفة المساعدات الممنوحة إلى الاتحادات بحيث أصبحت على صعيد البرامج التطويرية 500 ألف دولار سنوياً. لكن جرى وضع معايير جديدة لاستيفاء شروط الحصول على المساعدات ووفق آليات مراقبة أكثر تشدّداً.
لكن ما قصة هذا المشروع وما هي حيثياته؟
يشرح المدير الفني في الاتحاد اللبناني لكرة القدم باسم محمد لـ«الأخبار» ماهية هذا المشروع وكيف يستفيد الاتحاد منه. «في السابق، كان يتم صرف المساعدات للاتحادات وتتم مراقبة كيفية صرفها. لكن الفيفا لاحظ وجود تفاوت في أولويات الاتحادات في صرف المساعدات. فبعض الاتحادات يهتم بالمنتخب الأول بشكل أساسي، وأخرى تهتمّ بالكرة النسائية أو بالفئات العمرية. لكن الفيفا هدف إلى أن يشمل التطوير أكبر عدد ممكن من الجوانب المتعلّقة بكرة القدم، على قاعدة أن الأموال التي يقدّمها الفيفا ليست لتغطية الكلفة بل للمساهمة في هذه الكلفة. لذا وضع عشرة معايير يتم تقسيم المساعدة البالغة 500 ألف دولار عليها بمعدّل 50 ألف دولار لكل معيار. فحين يستوفي الاتحاد المحلي هذا المعيار يتم صرف المبلغ المخصّص له. وفي حال لم يستوفِ أيّ شرط من المعايير بشكل كامل يتم حسم قيمته، إمّا من مساعدة العام الحالي في حال تبيّن أن الاتحاد المحلي لن يكون قادراً على استيفاء شروطه قبل صرف مساعدة العام الحالي، أو من مساعدات الاتحاد في العام الذي يليه» يقول محمد شارحاً عن برنامج «FIFA FORWARD 2.0».
ويفصّل محمد تفاصيل شروط كل معيار «فإذا أخذنا معيار الفئات العمرية مثلاً والتي يخصّص لها الاتحاد الدولي مبلغ 50 ألف دولار لبطولات الفئات العمرية للذكور و50 ألف دولار للإناث. فالاتحاد المحلي مجبر على إقامة بطولتين من أصل ثلاث معتمدة (الشباب، الناشئون، الأشبال). ويجب أن تضم كل بطولة عشرة فرق تلعب ما لا يقلّ عن تسعين مباراة، في مدة زمنية لا تقلّ عن ستة أشهر» يقول المدير الفني للاتحاد.
المساعدات وفق برنامج محدّد من ضمن البرامج التطويرية للاتّحاد الدولي يسمّى مشروع «FIFA FORWARD 2.0»


لكن كيف يتأكّد الفيفا من أن الاتحاد المحلي استوفى الشروط على صعيد إقامة البطولات وعدد الفرق والمباريات والمدة الزمنية؟
يجيب الكابتن باسم: «في التقرير السنوي الذي يرسله الاتحاد اللبناني في شهر حزيران، أي قبل صرف المساعدات في تموز، يتم إدراج النظام الفني لجميع البطولات وأسماء الفرق والنتائج والترتيب النهائي مع صور، بحيث يكون الاتحاد الدولي مطّلعاً على جميع التفاصيل. كما أن مكتب الفيفا الإقليمي في دبي يتابع بشكل دقيق كلّ ما يتم نشره في مواقع التواصل الاجتماعي وفي الإعلام وعلى موقع الاتحاد من أخبار حول النشاط الكروي والمسابقات والنتائج وصولاً إلى التتويج».
مثالٌ آخر هو المنتخبات الوطنية، إذ لا يكفي للاتحاد المحلي أن يكون لديه منتخب على صعيد الرجال أو الفئات العمرية (ذكور وإناث) أو السيدات. بل يجب على كل منتخب أن يخوض أربع مباريات رسمية دولية بين ودية أو ضمن مسابقات رسمية.
لكن هل تكفي المساعدات في تغطية الكلفة؟
يعتبر الفيفا مساعداته كدعم لاتحاداته المحلية وليس تغطية لكلفة نشاطاتها. فمبلغ خمسين ألف دولار للفئات العمرية لا يغطي التكاليف، حيث يتحمّل الاتحاد اللبناني كلفة أجور الملاعب (بعد الدور الأول للذكور) والحكام، بينما يتحمل أجور الملاعب والحكام كافة للإناث. كما جرى تخصيص مكافآت مالية للنادي البطل، إضافة إلى توزيع ميداليات وهو ما لم يكن يحصل سابقاً. لكن بعد إطلاق البرنامج التطويري الفني ومضاعفة قيمته المادية جرى تعزيز المكافآت والجوائز.
مثالٌ آخر، منتخب السيدات الذي يحصل على خمسين ألف دولار سنوياً، في حين أن مشاركته في التصفيات الأولمبية فقط التي أقيمت في تايلاند كلّفت 89 ألف دولار. ومنتخب الرجال الذي حصل على 50 ألف دولار بلغت كلفة مشاركته في تصفيات ونهائيات كأس آسيا ومن ضمنها المباريات الودية أكثر من مليار ليرة لبنانية وهو مذكور في البيان المالي السنوي للاتحاد اللبناني والموزّع على الأندية.
وعليه، فإنّ ما تم الحديث عنه حول مساعدات من الفيفا هي مخصّصة لبرامج وبطولات ملزمة للاتحاد الذي أنهى قسماً منها ومن المفترض أن يستوفي القسم الآخر كي يحصل على المساعدات. وكلّ ما في الأمر أن الفيفا قرّر إرسال هذه الأموال مبكراً قبل إرسال التقرير السنوي، على أن يقوم لاحقاً بالتدقيق في استيفاء الاتحاد للشروط والمعايير. وفي حال لم يكن مستوفياً لكامل المعايير فسيتم حسم الأموال العام المقبل. وبالتالي لا يحق للاتحاد اللبناني التصرّف في هذه الأموال إلا وفق ما ينصّ عليه البرنامج.
أمّا في ما يتعلّق بالمساعدات للأندية، فإن الاتحاد الدولي يدرس إذا كان سيخصّص مساعدات للاتحادات في هذا الإطار.



عشرة معايير من الفيفا
حدّد الاتحاد الدولي لكرة القدم عشرة معايير ضمن برنامج التطوير الفني «FIFA FORWARD 2.0» لكي يستطيع أيّ اتحاد الحصول على المساعدات وهي على الشكل التالي:
■ المعيار الأول: يتعلّق بالدوري اللبناني وكأس لبنان (50 ألف دولار). يتوجّب على الاتحاد اللبناني تنظيم بطولتَي دوري وكأس بعدد فرق لا يقلّ عن عشرة فرق، تخوض ٩٠ مباراة على الأقل، لفترة لا تقلّ عن ستة أشهر.
■ المعيار الثاني: يتعلّق ببطولة السيدات (50 ألف دولار) حيث يجب تنظيم دوري لكرة القدم لسيدات بالشروط ذاتها لبطولة الرجال من ناحية عدد الفرق والمباريات والمدة الزمنية.
■ المعيار الثالث: منتخب الرجال (50 ألف دولار)، إذ يتوجب خوض أربع مباريات دولية ودية أو ضمن المنافسات. 
■ المعيار الرابع : منتخب السيدات (50 ألف دولار) ومعاييره مماثلة لمنتخب الرجال.
■ المعيار الخامس: بطولات الفئات العمرية للذكور (50 ألف دولار)، حيث يجب تنظيم بطولتين للفئات العمرية تتضمن عشرة فرق على الأقل تخضوض تسعين مباراة على الأقل خلال مدة زمنية لا تقلّ عن ستة أشهر.
■ المعيار السادس: بطولات الفئات العمرية للإناث (50 ألف دولار) بشروط مماثلة لبطولات الذكور.
■ المعيار السابع: منتخبات الفئات العمرية للذكور (50 ألف دولار) يفرض خوض أربع مباريات دولية ودية أو ضمن المنافسات.
■ المعيار الثامن: منتخبات الفئات العمرية للذكور (50 ألف دولار) يفرض خوض أربع مباريات دولية ودية أو ضمن المنافسات.
■ المعيار التاسع (50 ألف دولار): أن يكون لدى الاتحاد نظام تواقيع وانتقال اللاعبين إلكترونياً إضافة الى نظام لإدارة البطولات، إذ هناك اتحادات لا تزال تعتمد نظام التواقيع يدوياً.
■ المعيار العاشر (50 ألف دولار): يتعلّق بالحكام حيث يجب تعيين شخصٍ متفرّغ لإدارة شوون الحكام، إلى جانب تنظيم عشر ورش عمل سنوياً في مختلف الدرجات والفئات على صعيد الحكام ذكوراً وإناثاً.