30 عاماً انتظرها ليفربول للإحساس بشعور البطل المحلّي. زمنٌ طويل مرّ ولم يكن خلاله فريق «الريدز» قريباً من رفع كأس الدوري الإنكليزي الممتاز أكثر من موسم 2019-2020. لكن فجأة توقّف الزمن. توقّف على بعد 6 نقاط فقط من منصّة التتويج، ليبقى ليفربول واقفاً وحيداً بانتظار قرارٍ رحيم يعطيه ما يستحقّه حتى لو لم يُستأنف الموسم.هو حقٌّ شرعيّ له اعترف به أكثر من اسمٍ كبير في ميدان اللعبة، وأكثر من اسمٍ منافس في الملاعب الإنكليزية، أمثال لاعب وسط المنافس المباشر مانشستر سيتي الألماني إيلكاي غوندوغان الذي قال إن ليفربول يستحق اللقب والاحتفال به حتى لو لم يتمّ استكمال الموسم.
الأمر لا يرتبط أيضاً بالنادي بشكلٍ عام، بل بأفراد الفريق ومن خلفهم المدرب الألماني يورغن كلوب الذين كانوا سيخلّدون أكثر من أساطير كثر مرّوا على الفريق، إذ أن قائداً مثل جوردان هندرسون سيصبح ربّما بمكانة ستيفن جيرارد الذي ورغم قيمته الفنيّة الكبيرة لم يتمكّن يوماً من رفع الكأس التي طال انتظارها. لذا لا مغالاة في القول إنه لو لم يتوقّف الموسم، لكان كلوب اليوم في مكانة المدرب الأسطوري بوب بيزلي الذي قاد «الحمر» إلى ثلاث كؤوس أوروبية. والأكيد أيضاً أن النجم المصري محمد صلاح سيصبح في مكانة الهدّاف التاريخي لليفربول الويلزي إيان راش (سجّل للفريق 364 هدفاً)، ولو أنه لم يقترب من رقمه المميّز. كلّ هذا الكلام أصبح في مهبّ الريح، وأضحت الأحلام مجمّدة حتى إشعارٍ آخر، وسط خوفٍ من تحوّلها إلى كوابيس في نهاية المطاف.
كلامٌ يمكن أن يطال ريال مدريد أيضاً في إسبانيا، إذ أن الفريق الملكي وبحسب الخبراء والمراقبين، امتلك فرصة أكثر من أيّ وقتٍ مضى لسحب البساط من تحت غريمه برشلونة واستعادة زعامة «الليغا»، وذلك انطلاقاً من التخبّط الفني الذي عرفه الفريق الكتالوني، تاركاً مؤشّرات حول تراجع أكثر في مراحل لاحقة. أضف إلى ذلك المشاكل المفتوحة بين اللاعبين والإدارة وغيرها في ما خصّ السياسات المعتمدة أو الاستراتيجيات الموضوعة.
ولا تختلف الصورة في إيطاليا، إذ أن لاتسيو لا بدّ أن يعتبر نفسه متضرّراً من وباء «كورونا» الذي قتل البلاد بكلّ ما للكلمة من معنى. فريق العاصمة الإيطالية قدّم حتى فترة التوقف أفضل مواسمه منذ تحقيق لقبه الثاني والأخير في «سيري أ» في موسم 1999-2000، فهو وقف على بعد نقطةٍ واحدة فقط من يوفنتوس البطل بعد 26 مباراة خاضها كلّ منهما، وذلك في موازاة عدم ظهور فريق مدينة تورينو بصورته المعتادة مع تسلّم ماوريتسيو ساري مهمة الإشراف عليه.
ولا شكّ في أن توقّف الموسم فرمل الانطلاقة الصاروخية للاتسيو، ولنجومه الصاعدين بقوّة نحو المجد، وعلى رأسهم طبعاً متصدّر هدافي الدوري تشيرو إيموبيلي (27 هدفاً)، والذي كان يطمح إلى إنجازٍ تاريخي يتمثّل بقفزه من المركز الرابع على لائحة الهدّافين التاريخيين للنادي (يتصدّرها سيلفيو بيولا بـ145 هدفاً)، إلى المركز الثاني الذي يحتلّه النجم السابق جيوسيبي سينيوري بـ126 هدفاً، متقدّماً بـ10 أهداف فقط على المهاجم الذي نشأ مع يوفنتوس وقرّر هذا الموسم هزيمته بنفسه.
وبالحديث عن الهدّافين قد يبدو منطقياً المرور في ألمانيا حيث رصد هدّاف بايرن ميونيخ البولندي روبرت ليفاندوفسكي إضافة لقبٍ خامس إلى هدّافي «بوندسليغا»، وتحطيم المزيد من الأرقام القياسية بعدما أصبح أفضل هدّاف أجنبي في تاريخ الدوري، وثالث أفضل هدّاف على الإطلاق بعد غيرد مولر وكلاوس فيشر على التوالي. هو بالمناسبة وضع هدفاً يتمثّل بتسجيل المزيد من الأهداف في دقائق أقل من مولر إذا ما تمّ احتساب المعدّل العام للمباريات والأهداف ودقائق اللعب.
إذاً طموحات النجوم لا يمكن حصرها، فها هو البرازيلي نيمار لا يبدو مهتمّاً بالفوز بلقبٍ جديد في الدوري الفرنسي، بل جلّ ما أراده هو قيادة باريس سان جيرمان إلى لقب دوري أبطال أوروبا قبل مغادرته «حديقة الأمراء». طموحٌ كان واضحاً من خلال إصراره على اللعب أمام بروسيا دورتموند الألماني في إياب دور الـ16 رغم أنه لم يكن قد شُفي تماماً من الإصابة.

أرقام رهينة الفيروس
المشكلة عينها تعاني منها بعض الفرق والنجوم في رياضات أخرى، لعل أبرزها ما شهدناه حالياً في الدوري الأميركي الشمالي للمحترفين، الذي توقّف قبل أي رياضة أخرى في الولايات المتحدة وتفشّي فيروس كورونا، ما خلق ضجّةً حوله وجعل الاهتمام بمصيره كبيراً.
المصير حدّده النجوم لأنفسهم قبل انطلاق البطولة، لكنهم اليوم لا يستطيعون فعل أي شيء. ليبرون جيمس هو أحد هؤلاء، إذ أن نجم لوس أنجليس لايكرز لطالما بدا قادراً على صناعة «أسطورته» بنفسه، وهو ما فعله عندما تُوّج بلقبين مع ميامي هيت، قبل أن يزيّن يده بخاتمٍ آخر مع كليفلاند كافالييرز. هو أيضاً وضع بصمته في الفريق الحالي الذي بدا الأفضل في المنطقة الغربية، وذلك وفق التركيبة التي جمعت «الملك» مع النجم الآخر أنطوني ديفيس. من هنا، يخشى محبّو لايكرز أن يتمّ إلغاء الموسم قبل أن يستعيدوا اللقب الغائب عنهم منذ 10 أعوام، في وقتٍ يطمح فيه ليبرون إلى لقبٍ رابع مع فريقٍ ثالث مختلف، وهو إنجاز قيل إنه إذا لم يتمكّن من تحقيقه هذا الموسم فإنه لن يكون بمقدوره إصابته في موسمٍ آخر إذا ما بقي مع فريق مدينة لوس أنجليس، والسبب أن مؤشّر حركة الانتقالات المرتقبة للموسم المقبل تترك قناعةً بأن منافسي لايكرز سيكونون أقوى وأكثر تطوّراً.
خسر كثيرون أرقاماً قياسية وتحقيق إنجازات طال انتظارها


ولا يختلف طموح النجم اليوناني يانيس أنتيتوكنمبو عن ذاك الذي رسمه جيمس لنفسه، إذ أن الأخير سبق أن وضع فريقه ميلووكي باكس في موقفٍ أقوى من الموسم الماضي للفوز باللقب، والدليل أنه كان صاحب أفضل سجل في الدوري المنتظم قبل توقّف المنافسات. ولا شك أن يانيس استعاد مرات عدة مشهد عام 2011 عندما قاد آخر نجمٍ أوروبي كبير أحد الفرق إلى اللقب، وكان الألماني ديرك نوفيتسكي مع دالاس مافريكس.
جوع النجوم للألقاب والأرقام لا ينتهي، وهو ما سبق أن وضعه بطل العالم للفورمولا 1 البريطاني لويس هاميلتون في ذهنه، راصداً عدداً من الأرقام القياسية في موسم 2020، الذي لم ينطلق بسبب «كورونا».
لذا سيكون على هاميلتون الانتظار لمعادلة رقم «الأسطورة» الألماني مايكل شوماخر في عدد الألقاب العالمية حيث يتأخر عن سائق فيراري السابق بفارق لقبٍ واحد. كما أن هاميلتون أراد في الموسم الجديد خطف الرقم القياسي الخاص بعدد مرات الصعود إلى منصات التتويج الذي يملكه «شوماخر ايضاً (155 مرة)»، وذلك بعدما اقترب سائق مرسيدس منه كثيراً بصعوده إلى منصة الأوائل في 151 مناسبة.
كما أن رقماً آخر كان في المتناول وهو يرتبط بعدد الانتصارات التي أصابها شوماخر في 91 سباقاً، مقابل 84 فوزاً لهاميلتون، الذي وصل معدّله إلى 10 انتصارات في السنة في آخر 6 مواسم، ما يعني أنه كان مرشحاً بقوة ليصبح السائق الأكثر فوزاً في التاريخ.
أرقامٌ كثيرة وأحلامٌ عديدة تبقى كلّها بانتظار إفراج «كورونا» عن عالم الرياضة بعدما جعل منها أسيرة أساسية له، وعطّلها تماماً وأصاب نجومها بالمرض والخيبات أيضاً.