بعد هدف المهاجم الصيني "وو لي" في مرمى نادي برشلونة، والذي أنهى موقعة «دربي كاتالونيا» في نهاية الأسبوع بنتيجة التعادل (2-2)، تشارك النادي الملكي ريال مدريد المنتشي بفوزه أمام خيتافي، صدارة الليغا. 40 نقطة جمعها كل فريق بعد مضي 19 جولة على بداية الدوري الإسباني لكرة القدم. 40 نقطة من 57 نقطة كانت ممكنة لقطبَي إسبانيا من الجولة الأولى لكل منهما. هذه الأرقام إن دلّت على شيء، فهي تدل على تحسّن مستوى الكرة الإسبانية عامة بصورة ملحوظة، والتقدم الواضح في الأداء والنتائج والمنافسة بالنسبة إلى الأندية الإسبانية الأخرى باستثناء أتلتيكو مدريد.مباراة برشلونة الأخيرة كانت خير دليل على كل ما تقدم. رغم حساسية الدربي الكاتالوني، والذي تنسف خلال مباراته كل المعايير وكل الفوارق الفنية ومراكز الترتيب، إلاّ أن اللقاء الأخير كان يملك نتائج مغايرة عن المعتاد. برشلونة وبقيادة مهاجمه الأرجنتيني ليونيل ميسي، دخل المباراة متصدراً للدوري المحلي في حين أن القطب الكاتالاني الآخر، كان لا يزال قابعاً في المركز الأخير في سلّم ترتيب الـ"ليغا". هي مواجهة سهلة على الورق بالنسبة إلى المدرب إرنستو فالفيردي، فالمتصدّر يحل ضيفاً ثقيلاً جداً على متذيّل الترتيب. خلال دقائق المباراة، أثبتت الوقائع عكس ذلك تماماً، وتحديداً خلال الشوط الأوّل. لم يستطع زملاء المهاجم الأوروغواياني لويس سواريز من تسديد ولا تسديدة واحدة على مرمى الحارس الإسباني المخضرم وحارس مرمى ريال مدريد السابق دييغو لوبيز. الفوارق الفنية اختفت خلال اللقاء، تماماً كما حدث مع ليو ميسي الذي كان حاضراً غائباً خلال المباراة. من شاهد اللقاء، لم يشعر في أن المباراة كانت قد جمعت ما بين متصدّر الدوري وصاحب المركز الأخير، وهذا ما يمكن وضعه في خانة الارتقاء في الأداء الملحوظ بالنسبة إلى أندية «الليغا الإسبانية» هذا الموسم، والذي يُعتبر نتيجة لعمل جادّ في المواسم الماضية. لطالما عُرف الدوري الإسباني بتسميات ساخرة معينة، كـ«دوري توم وجيري»، أو دوري ثنائي مدريد وبرشلونة، وهذا الكلام كان حقيقياً خلال المواسم القليلة الماضية، إلاّ أن هذه الأوصاف بدأت تتغيّر مع الوقت، ولم تعد الليغا كما كانت في السابق.
فوز أتلتيكو مدريد بلقب الدوري الإسباني عام 2013 كان بمثابة بداية هذه الشرارة وهذه «الثورة» من قبل الأندية المتوسطة التي كان «الأتلتي» يُعد واحداً منها. المدرب القدير دييغو سيميوني كسر هذه الحواجز، وكان صاحب الكلمة الأولى في وجه كل من الثنائي التاريخي للدوري الإسباني، ريال مدريد وبرشلونة. ومنذ ذلك الحين، وحتى اليوم، تتحسّن وتتطوّر الأندية الإسبانية بصورة ملحوظة، وهذا ما تؤكّده دائماً أندية الوسط في الليغا خلال مشاركاتها المميزة في المحافل الأوروبية وخصوصاً في الدوري الأوروبي أو «يوروباليغ». نادي أشبيلية كتب التاريخ عندما حقق ثلاث بطولات متتالية للـ«يوروباليغ»، تماماً كما كتبه ريال مدريد في دوري الأبطال حين حقق 4 ألقاب من آخر 6 مشاركات له في دوري الأبطال. الليغا الإسبانية هذا الموسم مختلفة تماماً، وكأنّ بها ترد على الكثير من المنتقدين ومن بينهم محبو الدوري الإنكليزي الذي يسيطر عليه ليفربول بالطول والعرض. 40 نقطة من 57 ممكنة للثنائي المنافس على لقب الليغا الإسبانية.
باتت أندية منتصف الترتيب تتجرّأ على ريال مدريد وبرشلونة بصورة واحدة

17 نقطة أهدرها كل من برشلونة وريال مدريد أمام منافسين لم يكونوا ليحلموا بمثل هذه الانتصارات على الثنائي الأقوى تاريخياً على المستوى المحلي. الحديث هنا عن أندية كغرناطة، ريال بيتيس، خيتافي، فالنسيا، أشبيلية، ريال سوسيداد وأتلتيك بلباو وغيرها من الأندية التي أضحت تدخل المباريات الكبيرة متفائلة بسبب ما يقوم به زملاؤها من أندية الدوري.
لا شكّ في أن هذه الحالة ستُضيف نكهة جديدة افتقدتها الليغا الإسبانية منذ سنوات، وستُعطي طعماً جديداً لدوري كان يسرح ويمرح فيه كل من الثنائي، ريال مدريد وبرشلونة. الأخير، غابت عنه النتائج الكبيرة هذا الموسم، واللعب في معقل الكامب نو لم يكن كما كان في السابق. الأندية أصبحت أكثر جرأة، وتمتلك بيدها القرار بتهديد أندية المقدّمة، وتحاول جاهدةً إثبات نفسها ومدربيها ولاعبيها خلال مواجهتها لأندية القمّة. تعادل مدريد مع أتلتيك بلباو على أرضية السانتياغو بيرنابيو، وتعادل «البلاوغرانا» في معقل إسبانيو أول من أمس، يؤكدان أن الليغا هذا الموسم ستكون مختلفة، وهذا ما سيعطيها بكل تأكيد طعماً مميزاً ومختلفاً عمّا اعتاد عليه جمهور الكرة الإسبانية تحديداً والأوروبية عموماً.