عبثاً يحاول الفرنسيون الخروج من ذاكرتهم: ذاكرة صيفي 1998 و2000 المجيدين. ذاكرة الحشود في شوارع «الشانزيليزيه»، وأعلام فرنسا، والاحتفالات. ذاكرة دموع الفرح في مدرجات ملعب «سان دوني» في كأس العالم عام 1998، وفي مدرجات ملعب «روتردام» في كأس أوروبا عام 2000، وصوت الفرنسيين الواحد: « allez les bleus» و«vive la france»... ذاكرة صنعها سحر ساحر، ومن غيره؟ زين الدين زيدان.
فمنذ اعتزال هذا النجم والوصول الأخير بقيادته، التي لم يكن لها مثيل للاعب في الـ 34 من عمره، الى نهائي كأس العالم 2006، غابت الفرحة عن فرنسا. توالت الخيبات، وكثرت المشكلات. لا فرانك ريبيري ولا كريم بنزيما ولا سمير نصري ولا غيرهم من النجوم، استطاعوا أن يُنسوا الفرنسيين «زيزو» وحقبته المجيدة، لا بل إن خيبات هؤلاء مع منتخب «الديوك» كانت تشد الفرنسيين أكثر نحو «أيام زيدان»، ففيها السلوى وتناسي الهموم والأحزان.
بدا واضحاً في السنوات الثماني منذ اعتزال «زيزو»، ان الفرنسيين يبحثون عن نجم يمتلك مواصفات «البطل والقائد والملهم»، الذي يعيد الروح الى الجسد الفرنسي، وكيف إذا كان هذا النجم من صلب زيدان؟ فهنا الحلم بذاته، والامل بعودة «الليالي الملاح».
الحلم أصبح حقيقة الأسبوع الماضي. اللاعب الذي كان الفرنسيون تواقين لكي يرتدي قميص منتخب بلادهم، لا منتخب اسبانيا، فعلها. لم يتأثر إنزو زين الدين زيدان، المقيم في اسبانيا منذ طفولته والحامل جنسيتها والذي يلعب لفريق الشباب في ريال مدريد، بدييغو كوستا، الذي فضّل تمثيل هذه البلاد التي حصل قبل مدة على جنسيتها، على أن يرتدي قميص بلده البرازيل في مونديالها. لم يفرق مع إنزو أن منتخب «لا فوريا روخا» يعيش أحلى أيامه على عكس «الزرق». لم ينصت إنزو إلى نداءات الاسبان المتكررة، وترك القلب يقوده نحو باريس: فهنا الأصل والأهل، وهنا سحر الأب لا يزال في البال والقلب.
هكذا اذاً، حسم إنزو زيدان الجدل الكبير والتحق بصفوف منتخب فرنسا دون 19 عاماً ودون ضغط من الوالد، على ما اكد مدرب المنتخب، فرانسيس سميريكي، وان كان «زيزو» قد اعرب بعد خطوة نجله عن فخره به وارتياحه لقراره.
يكفي فقط ملاحظة رد فعل الفرنسيين ازاء قرار إنزو، للتأكد من حجم الآمال والأحلام التي يعقدونها على النجل البكر لزيدان، ومدى تشوّقهم إلى هذا الاخير، إذ دون مبالغة، فإن فرنسا ضجّت بالنبأ كما لو أن «زيزو» هو الذي عاد الى الملاعب في عز شبابه.
غير ان «الهستيريا» بإنزو تجسدت عند وصول الأخير الى معسكر منتخبه في مركز التدريب «كليرفونتين»، ومن ثم توجهه، على بعد أمتار، إلى حضور الحصة التدريبية للمنتخب الأول استعداداً للمباراة الودية التي جرت ليلة أمس أمام هولندا، اذ ان الحشد الصحافي كان لا يصدق، وهذا ما كان كفيلاً بإثارة حفيظة مدرب «الديوك»، ديدييه ديشان، الذي دعا الى التخفيف من الضغوط على الشاب البالغ 18 عاماً، وبأن «يتركوه بسلام يلعب كرة القدم»، فيما أن مسؤول المنتخبات الوطنية في الاتحاد الفرنسي لكرة القدم، اللاعب السابق ويلي سانيول، دعا الى «عدم الحرص الزائد على إنزو، فهو ناضج وجدير بتحمل المسؤولية»، والى انتظار المزيد من الوقت لوضعه في مقارنة بوالده.
لكن مهما يكن من امر، فليفعل الفرنسيون ما يريدون، وليحتفلوا كيفما يشاؤون، وليضعوا المقارنات ويتسابقوا حول إنزو للصور والمقالات، فما يعنينا أن نجماً ساحراً جديداً قادم، أن «زيداناً» صغيراً آت، فهذا ما يعدنا به الأب الخالد.




زيدان يلعب مجدداً

عاد زين الدين زيدان الى الملاعب مجدداً، عندما خاض مباراة خيرية يعود ريعها إلى الفقراء الى جانب البرازيلي رونالدو وعدد آخر من النجوم السابقين، التي فازوا فيها على فريق يونغ بويز السويسري 8-6، وقد سجل «زيزو» خلالها هدفين.