حركة استثنائية لم يعرفها محيط ومقرّ الاتحاد اللبناني لكرة القدم منذ فترة طويلة. لاعبون، مدربون وإداريون سجّلوا وقفةً أمام مقر الاتحاد، ليؤكّدوا أنهم يرفضون أي فكرة ترمي إلى إلغاء دوري الدرجة الأولى أو غيره من البطولات، وذلك في موازاة اجتماع أركان الاتحاد مع ممثلي الأندية، من رؤساء وأمناء سرّ للبحث في مخرجٍ للأزمة التي يعيشها الجميع جرّاء الأزمة العامّة التي ضربت البلاد.قبل الاجتماع المذكور تعدّدت الآراء، وحُكي عن انقسام الأندية إلى معسكرين أو ثلاثة في ما خصّ رأيها في صورة المرحلة المقبلة، لكنّ المهم كانت النتيجة، وهي أن الاتحاد بدا منفتحاً على مشروع المقترحات التي تقدّمت بها غالبية الأندية الأسبوع الماضي، وسيعمل وفق آلية قانونية لاستكماله بشكلٍ يتناسب مع ما وصلت إليه أمور الأندية والبلاد عامةً.
وبين الكلام عن سعي لاستئناف البطولة في 14 كانون الأول المقبل، وبين سعي الأندية المختلفة إلى حلٍّ يرضي كل الأطراف، التقى الجميع عند مسألة اقتراح لعب الدوري من مرحلة واحدة، على أن تُستكمل عبر مربع ذهبي (فاينال فور) يجمع بين الفرق الأربعة الأوائل في نهاية مرحلة الذهاب.
لكن النقطة التي لم يتمّ إيجاد حلٍّ مبدئي لها هي في عدم حسم الشكل الذي سيكون عليه الهبوط إلى الدرجة الثانية، وسط مطالبة أندية مثل الشباب الغازية، شباب البرج، التضامن صور، الصفاء وطرابلس بعدم اعتماد هبوط أي نادٍ، في وقتٍ ذهب فيها بعضها، بالسرّ وبالعلن، إلى المطالبة بإلغاء الموسم لا لأسباب فنية بالدرجة الأولى بل لأسباب مالية تتعلق بعدم قدرته على تحمل التكاليف في ظل الأوضاع المالية الصعبة جداً، وهو ما دفع رئيس السلام زغرتا المونسنيور اسطفان فرنجية للسؤال حول كيفية مواجهة مشكلة السيولة المفقودة وإعطاء اللاعبين مستحقاتهم.
سيكون من الصعب السير بالبطولة من دون انفراج اقتصادي وأمنٍ مضمون


وإذ يبدو أن هناك أندية ستقبل اللعب بـ14 فريقاً في دوري الدرجة الأولى في الموسم المقبل، فإن هذا الأمر سيرتّب عليها أعباءً، وسيضرّ في نظر الكثيرين باللعبة، لأن إلغاء الهبوط سيفتح الباب أمام سيناريوهات مختلفة وغير مقبولة. وفي هذا الإطار اشترط رئيس نادي النجمة أسعد صقال اعتماد الهبوط لمواصلة فريقه المشاركة في المنافسات، وهو أضاف من خلال حديثه إلى «الأخبار»: «كما نرفض رفضاً قاطعاً خوض أي مباراة قريباً أو مستقبلاً من دون حضورٍ جماهيري، وهو أمر نلتقي فيه مع ناديي العهد والأنصار اللذين يريدان استكمال الدوري بشكلٍ طبيعي».
أما المشكلة الأكبر فهي في ترتيب آلية العقود مع اللاعبين، وهي المسألة التي شدّد (عضو الاتحاد) أمين سر الإخاء الأهلي عاليه وائل شهيّب في حديثٍ إلى «الأخبار» بأن تكون مشتركة بين الأندية ولاعبيها، مضيفاً: «بحسب غالبية الأندية هناك تفهّم من لاعبيها للظروف الراهنة وتعاون على هذا الصعيد لعدم شلّ اللعبة».
أما بالنسبة إلى مسألة إلغاء عقود الأجانب، فاقترح الاتحاد التواصل مع «الفيفا» لتبرير الخطوة تحت عنوان «الظرف القاهر»، علماً أن الأندية كانت قد طلبت من الاتحاد التوجّه بسؤال إلى نظيره الدولي حول الوضع القانوني الخاص بالعقود، وذلك في وقتٍ تتطلع فيه الأندية التي تضغط لاستكمال الدوري، إلى تسويات مع لاعبيها لمواصلة المشوار، آخذةً في عين الاعتبار الجانب الإساني الخاص باللاعبين بفعل وجود قسمٍ لا يستهان به منهم يعتاشون وعائلاتهم من كرة القدم.
وبطبيعة الحال، يُنتظر أن يجتمع الاتحاد قريباً لدراسة الوضع القانوني لأي مقترحٍ، وخصوصاً لناحية تغيير النظام الفني للبطولة الذي قد يحتاج إلى دعوة الجمعية العمومية لإقراره. لكن ما هو مؤكد أنه سيكون من الصعب استكمال البطولة من دون انفراج مالي في المصارف، حيث يصعب على الأندية تأمين السيولة اللازمة، وطبعاً بالدرجة الأولى الوضع الأمني في الشارع، والذي لا يسمح في الوقت الحالي بإقامة أي نشاط يحتاج إلى حماية القوى الأمنية المنشغلة على مساحة واسعة من البلاد.