طارق جرايا خارج النجمة. خبر ملأ الدنيا وشغل الشارع الكروي اللبناني منذ بعد ظهر أمس الثلاثاء. مشوار جرايا انتهى قبل أن يبدأ. مباراة رسمية واحدة كانت أمام الأنصار في كأس النخبة، ولن يكون هناك واحدة ثانية. أُقيل جرايا أمس قبل أن يستقيل. غياب الانسجام بينه وبين الرئيس أسعد صقال تحوّل إلى «حالة عدائية»، والحرب الباردة لم تعد كذلك. تحدث صقال عن بعض ملاحظاته على جرايا، أما الأخير فيُعدّ لمؤتمر صحافي «مدوٍّ».هي المرّة الثانية التي يكون فيها الرئيس أسعد صقال في تركيا ويُقال مدرّب النجمة. حصلت مع المدير الفني السابق موسى حجيج الذي أُقيل من منصبه عقب المباراة الأولى مع فريق هلال القدس الفلسطيني في السعودية ضمن مسابقة كأس الاتحاد الآسيوي. حينها، كان صقال في تركيا، وأمس أُقيل المدير الفني التونسي طارق جرايا. هي مفارقة لحدثٍ متوقع. انتهت العلاقة الـ«صعبة» بين الرئيس والمدرب. حاول الأصدقاء المشتركون تقريب وجهات النظر، فكان الاجتماع الشهير قبل عشرة أيام، لفتح صفحة جديدة والاتفاق على مجموعة خطوات. لكنّ الطرفين لم ينتظرا حتى تنفيذ بنود الاتفاق. اتخذ جرايا قراره بالاستقالة، خصوصاً في ظل عرض سعودي له من نادي أُحُد، لكن صقال سبقه، وأقاله.
لكن لماذا وصلت الأمور إلى حدود الاستقالة والإقالة، رغم اجتماع «الصفحة الجديدة وتصفية النيّات»؟
«الأخبار» اتصلت بالمدرب جرايا لمعرفة الأسباب، فكان جوابه مقتضباً، بأنه سيقول كل شيء في مؤتمر صحافي سيعقده. متى؟ «في اليومين المقبلين»، يجيب المدرب التونسي. لكن ما لم يقله الكابتن طارق، قاله مقرَّبون منه.
طفح الكيل عند المدرب التونسي، في ظل عدم تنفيذ ما اتُّفق عليه. تبدأ الشخصية المقرّبة من جرايا من موضوع مدرب اللياقة البدنية. إذ كان الاتفاق على التعاقد مع مدرب لبناني ليبدأ إعداد الفريق، لكن حتى هذه اللحظة لم يتعاقد النجمة مع أحد.
النقطة الثانية صفقة استقدام علي السعدي من الصفاء. فجرايا يطالب بالسعدي سريعاً، في حين أن إدارة الفريق لم تُنهِ الصفقة بعد.
نقطة ثالثة تتعلق باللاعب الغاني إيزاكا، الذي يطالب جرايا بإنهاء موضوعه وتسجيل عقده في نظام الـ«TMS»، خصوصاً مع تأكيدات بأنّ عقده مع نادي الفحيحيل الكويتي غير قانوني، لعدم وجود تاريخ محدد له. لكن رغم ذلك، وبنظر جرايا، الرئيس أسعد صقال يماطل أيضاً.
النقطة الرابعة تتعلق بموضوع شخصي، هي عدم توفير سيارة لائقة لجرايا، رغم تعهّد صقال بذلك في اجتماع تصفية القلوب، لكن ما حصل عليه جرايا لم يكن على مستوى طموحاته.
ويلخّص الصديق المقرَّب من المدرب التونسي المسألة بأنها مسألة عدم وجود أموال لدى صقال، الذي لا يجد سوى المماطلة حلاً لكسب الوقت بانتظار توافر الأموال.
ينتظر الجمهور النجماوي ما سيقوله جرايا في مؤتمره الصحافي رداً على كل الاتهامات بحقّه


من جهته، يطول ردّ صقال حين يُسأل عن أسباب الإقالة. يبدأ من الجرح الأكبر، وهو عدم التعاقد مع حسن معتوق. «جرايا أبلغني بأنه لا يريده، بوجود مدير الفريق بهيج قبيسي، حتى إنه اتصل بعضو مجلس الإدارة ورئيس اللجنة الفنية إبراهيم فنج، وطلب منه إقناعي بعدم التعاقد مع معتوق»، يقول صقال في حديث مع «الأخبار».
لكن قيل سابقاً إن جرايا رفض معتوق، حرصاً على نوعية الأجانب الذين سيتعاقد معهم النادي، في ظل وضعه أمام خيارين: إما معتوق وإما أجانب بمستوىً عالٍ. هذا الأمر نفاه صقّال، مشيراً إلى أن هناك علامات استفهام كبيرة حول موضوع الأجانب وعلاقة جرايا. ويواصل صقال ملاحظاته التي أوصلته إلى إقالة جرايا، حيث يصل إلى موضوع إدمون شحادة ومحمد زين طحان، فيؤكّد أن المدرب التونسي قال حرفياً إنه «سيخرج من الملعب إذا دخل إدمون أو طحان إلى التمارين». ويضيف رئيس النجمة أن مدربه السابق أصرّ على التعاقد مع مصطفى الشمعة ومحمد سالم، وهما سيكلفان خزينة النادي 105 آلاف دولار في السنوات الثلاث المقبلة، ورغم ذلك «تجده غير راضٍ».
وعن موضوع مدرب اللياقة البدنية، يستغرب صقال ما يُقال عن مماطلته بالتعاقد مع مدرب لبناني. «أرسلنا لجرايا سيرتين ذاتيتين لمدربين يعملان مع المدرب الشهير جورج عساف، فرفض جرايا المدرب الأول، ولم يقدم جواباً على المدرب الثاني».
وحول قضية صفقة التبادل مع الصفاء والتأخّر في التعاقد مع علي السعدي، يقول صقال: «الموضوع انتهى من جانبنا، واتفقنا مع الصفاء على صفقة التبادل التي تضم أحمد جلول بانتقال نهائي، وحسين شرف الدين بإعارة لسنتين. أما أندرو صوايا، فهو خارج الصفقة. والموضوع أصبح عند الصفاويين لإتمام الصفقة».
ومن موضوع السعدي ينتقل صقال إلى مسألة الغاني إيساكا، مشيراً إلى أن الموضوع انتهى دون القدرة على كشف تفاصيل أكثر، مؤكداً أن النادي متمسك به، وقام بما يلزم كي يكون اللاعب الغاني مع النجمة في الموسم المقبل.
أما مسألة السيارة المخصصة له، وعدم تمتعها بالمواصفات المطلوبة، فيشير صقال إلى أنه قدّم له سيارة «كيا سيراتو» من سيارات شركته الخاصة، لكن بعد أيام تعرّض لحادث أدى إلى تضررها بالكامل. «وموضوع السيارة ليس الأول، ففي العام الماضي أيضاً قدمنا له سيارة نيسان موديل 2015، وألحق أضراراً بها».

هي المرّة الثانية التي يكون فيها الرئيس أسعد صقال في تركيا ويُقال مدرّب النجمة


ويشدد صقال على متابعة ملاحظاته، خصوصاً موضوع العرض من نادي أُحُد السعودي، مشيراً إلى أنه يملك أدلة على أن جرايا على اتصال بالنادي السعودي منذ السادس من شهر تموز الماضي، حيث أبلغه أحد الوكلاء بذلك. «حتى بعد أن جلسنا واتفقنا على جميع التفاصيل، طلبت من أحد الوكلاء تقديم عرض له لجسّ نبضه فيما إذا كان يفكّر في ترك النجمة. وبالفعل، فقد تجاوب معه وأبدى استعداده للرحيل».

لكن لماذا يشك رئيس النادي في مدربه؟
«لقد كان هناك أمور مريبة أوحت إليّ بأنه ينوي الرحيل. فعلى سبيل المثال، كان جرايا ضد تأجيل مباراة النجمة مع الترجي التونسي في البطولة العربية من 20 آب إلى الثلاثين منه. أنا سعيت لهذا الأمر لكسب فترة إعداد أكبر، في حين أن جرايا اعترض لدى أمين السر أسعد سبليني على التأجيل، حيث كان يريد أن يكون حاضراً في المباراة، ومن ثم يغادر بعدها، وتأجيل موعدها كان سيؤخّر رحيله»، كما يقول صقال في ختام حديثه لـ«الأخبار».
أُقيل جرايا، وحتى هذه الإقالة كما كل القرارات في نادي النجمة تثير نقاشات وتأويلات كثيرة. فقد حُكي عن أن قرار الإقالة صدر عن الرئيس دون علم الإدارة، لكن صقال أشار إلى أن أمين السر أسعد سبليني أبلغ الأعضاء عبر تسجيل صوتي على مجموعة الإدارة على «الواتس أب» بأنّ جرايا سيُقال، حيث كان هناك تأييد من العضوين إبراهيم فنج ومازن الزعني، في حين أن عضواً آخر نفى أن يكون هناك علم للأعضاء بالإقالة قبل تداولها في الإعلام.
وتشير المحادثات على «واتس أب» مجموعة الإدارة إلى أن التسجيل الصوتي الذي أرسله سبليني كان في نفس توقيت انتشار خبر الإقالة وليس قبله.
طُويت صفحة جرايا، وفُتحت معها صفحة جديدة من مسلسل النجمة الطويل، والمستمر منذ فترة ليست بالقصيرة، بانتظار ما سيقوله المدرب، والخطوات التي ستتخذها الإدارة في المستقبل القريب، والتي يتمنى جمهور النادي الكبير أن تكون على قدر تطلعاته.