اختبار جدي يخوضه منتخب لبنان لكرة القدم، بقيادة مدربه الجديد الروماني ليفيو تشيوبوتاريو. الاختبار هو الأول بعد بطولة آسيا الأخيرة، التي وصل إليها المنتخب عبر التصفيات، وقدم خلالها أداءً مقبولاً، في مجموعة تضمّ كلاً من قطر والسعودية. مباريات غرب آسيا التي يبدأها منتخب لبنان اليوم، ستشكل محطة مهمة للتحضير للمستقبل القريب، ولتجربة لاعبين جدد، سيشكلون عماد المنتخب في تصفيات كأس العالم وكأس آسيا. الأكيد أنّ المنتخب بعد هذه البطولة لن يكون كما قبله. المسؤولية كبيرة على اللاعبين والجهاز الفني، وعلى إدارة اللعبة أيضاً.تنطلق اليوم الثلاثاء بطولة غرب آسيا للرجال بكرة القدم 2019، بمباراة افتتاحية بين المنتخب اللبناني ومستضيف البطولة المنتخب العراقي (19:30 بتوقيت بيروت) على ملعب كربلاء الدولي. مشاركة منتخب لبنان ستكون أشبه بمعسكر تحضيري للتصفيات المزدوجة المؤهلة إلى كأس العالم «قطر 2022»، وكأس آسيا «الصين 2023». وعلى عكس باقي المنتخبات، تأخر تعيين مدرب للمنتخب، والتحضيرات لم تنطلق إلا في الأسابيع الثلاثة الماضية بتمارين على ملاعب عدة في بيروت، من دون خوض أي مباراة وديّة منذ انتهاء البطولة الآسيوية في كانون الثاني الماضي. عموماً، مباريات المنتخب الأربع ستشكّل فرصة للجهاز الفني لاختبار أكبر عدد من اللاعبين، ولو أن هذه المباريات ليست مشابهة لتلك التي ستُخاض في المجموعة التي وقع فيها لبنان ضمن التصفيات المونديالية، لكنها تبقى مهمّة.
مواجهة العراق ستكون الأولى للمدرب الروماني ليفيو تشيوبوتاريو، والأولى أيضاً لعدد من اللاعبين المحليين، الذين سيُختبَرون قبل انضمام المحترفين في الخارج إلى المنتخب خلال التصفيات المونديالية. سبعة محترفين دوليين، إلى جانبهم عدنان حيدر، ستّةٌ منهم على الأقل سيكونون ضمن حسابات الجهاز الفني، وبالتالي، المقاعد شبه محجوزة، ومن يقدّم الأداء الأفضل في هذه البطولة يضمن مكاناً له في التصفيات المزدوجة. لكن هذه المهمة لن تكون سهلة على اللاعبين، ولا على الجهاز الفني.

أربع مبارياتٍ خلال عشرة أيّام، وهذا يعني منطقياً أن المدرب من المفترض أن يدخل البطولة وفي حساباته تشكيلتان أساسيتان، أي أنّ جميع اللاعبين سيشاركون، باستثناء حارس مرمى واحد ربما، حتى مهدي خليل لن يخوض جميع المباريات بطبيعة الحال.
تشيوبوتاريو سيكون أمام خيارين: إما مواجهة العراق بتشكيلة من اللاعبين الدوليين، أي ممن لعبوا للمنتخب الأوّل في فترة سابقة، وهؤلاء عددهم 12 فقط، ويخاطر بمواجهة سوريا بوجوهٍ جديدة لإراحة المشاركين في المباراة الأولى، وإما أن يوزّع الأدوار على المباراتين، وهو الحل الأكثر منطقية. في كلتا الحالتين، سيكون المدرب أمام اختبار صعب في اختيار لاعبي خط الوسط، في ظل غياب هيثم فاعور، لاعتزاله الدولي المفاجئ قبل أيام قليلة، وعدنان حيدر لغيابه عن التمارين، ووجود ثلاثة لاعبين بمهمات دفاعية، اثنان منهم استُدعيا للمرة الأولى، هم حسين منذر، يحيى الهندي وأحمد جلول، إلى جانب نادر مطر. وهذا الأمر يعني غالباً أنّ خيار الاعتماد على رسم (3-5-2) الذي اعتمده المدرب المونتنيغري ميودراغ رادولوفيتش واردٌ جداً الآن، خاصةً أن في القائمة عدداً لا بأس به من المدافعين، ولو كان في هذا الخط نقص تحدّث المدرب الروماني عنه، وهو في مركز الظهير الأيسر، الذي لا يشغله سوى حسن شعيتو «شبريكو»، وهو أيضاً من بين الذين لم يخوضوا سابقاً أي مباراةٍ دولية، على الرغم من استدعائه الدائم من قِبل المدرب السابق. هذه مثلاً، مشكلةٌ من مشكلاتٍ عدّة تركها المدرب السابق خلفه، لا تتعلّق بمركزٍ واحدٍ تحديداً، بل في الاعتماد على الأسماء عينها طوال فترةٍ طويلة.
عموماً، اختيارات المدرب الروماني منطقيّة إلى حدٍّ بعيد. هي المرة الأولى منذ فترةٍ طويلة، التي يقتنع فيها الجمهور اللبناني بالعناصر المستدعَين لتمثيل المنتخب الأول، ولو أن البعض طالب بعناصر آخرين، وهو أمرٌ متوقّعٌ بطبيعة الحال، إذ لا يُمكن الإجماع على قائمة واحدة، ولو أن تشيوبوتاريو اختار اللاعبين من بين مجموعةٍ عُرضت عليه، وقد يُستدعى لاعبون آخرون في الفترة المقبلة، على الرغم من أن بطولة الدوري تترافق مع بداية التصفيات. القائمة شملت استدعاء حارس واحد جديد، هو علي السبع، وثانٍ جالس على مقاعد البدلاء فترة طويلة من دون أن يشارك، وهو مصطفى مطر. الحارسان اختيرا بدلاً من شاكر وهبي وأحمد التكتوك.
اختيارات المدرب الروماني ليفيو تشيوبوتاريو منطقيّة إلى حدٍّ بعيد في هذه البطولة


للمرة الأولى، استُدعي الظهير الأيمن حسين زين، في ظل غياب علي حمام. رادولوفيتش أشار سابقاً في حديث مع «الأخبار» إلى أن غياب زين الدائم عن تشكيلته طوال ثلاث سنوات، عائد إلى أن حمام يشغل مركز الظهير الأيمن، وهو الأكثر خبرة. طبعاً، لو المدرب المونتنيغري السابق للمنتخب استدعى لاعب العهد قبل ثلاث سنوات، لاستفاد من المشاركات، وبات يتمتع بالخبرة الدولية اللازمة، علماً أنّ اللاعب شارك مع فريقه بأكثر من 100 مباراة محلية، إلى جانب مشاركته في كأس الاتحاد الآسيوي والبطولة العربية.
المدافع القوي خليل خميس، هو الآخر من بين المستدعَين الجُدد إلى المنتخب، يرافقه حسن بيطار في الدفاع أيضاً، ويتقدّم عليهما في الهجوم أحمد حجازي وعلي علاء الدين. الأخيران هما الهدّافان اللبنانيان في البطولة المحلية، ومعهما يلعب سوني سعد ومحمد قدوح. الخيارات الهجوميّة كثيرة، في الوقت الذي كان المدرب السابق يبحث دائماً عن مهاجمين ويعوّل عادة على هلال الحلوة الذي يلعب في دوري الدرجة الثالثة الألماني الآن. هؤلاء الأربعة قادرون على شغل مركز المهاجم الصريح إلى جانب مراكز أخرى، ومع وجود لاعب الأنصار الجديد وقائد المنتخب حسن معتوق، بالإضافة إلى محمد حيدر وربيع عطايا وحسن شعيتو «موني»، فإن تسجيل هدف في البطولة سيكون مسألة وقت فقط.


على عكس ما يُتداوَل، سيكون المنتخب اللبناني الأقوى من حيث الأسماء، مقارنةً بمنافسيه. هذا لا يعني أنه المرشّح الأول لتصدّر مجموعته، لكن منتخب لبنان يعتمد كثيراً على الأسماء التي تلعب محلياً. فالشقيقان ألكسندر وفليكس ملكي، على سبيل المثال، لم يلعبا إلا مباراة واحدة مع المنتخب قبل المشاركة في بطولة كأس آسيا الأخيرة، وباسل جرادي لطالما كان مستبعداً، وعمر بوغيل لازم مقاعد الاحتياط، وسمير أياس كان يلعب مع العهد، ما يعني أن جوان العمري وهلال الحلوة، هما اللاعبان المحترفان الوحيدان اللذان كان يُعتمد عليهما، في حين أن باقي التشكيلة كانت من اللاعبين المحليين. أما المنتخبات المنافسة، فتفتقد عدداً لا بأس به من لاعبيها الأساسيين، لارتباطهم مع أنديتهم. الاتحاد الدولي لكرة القدم وافق على اعتماد بطولة غرب آسيا بطولةً دولية رسمية، لكن الكتاب المُرسل إلى الاتحاد العراقي، الذي يتضمّن هذه الموافقة، جاء قبل ثلاثة أيام من موعد المباراة الافتتاحية، ما يعني أنّ الاتحادات المحليّة باتت قادرة على إلزام الأندية بالاستغناء عن لاعبي المنتخبات في فترة إقامة البطولة، وأن المباريات ستدخل ضمن تصنيف الـ«فيفا».
عموماً، مواجهة العراق ستكون هي الأصعب، ولقاء سوريا لن يكون أسهل أيضاً، فيما تبدو الكفّة متعادلة بين المنتخب اللبناني ونظيره الفلسطيني، أما المنتخب اليمني، فهو الحلقة الأضعف في هذه المجموعة على الورق.
هذا ويلعب في المجموعة الثانية منتخبات الأردن، السعودية، الكويت والبحرين. ويتأهّل متصدّر كل مجموعة إلى المباراة النهائية التي تُلعب في 14 آب/ أغسطس المقبل.

استعداد عراقي


ينظر الاتحاد العراقي الى هذه البطولة كاختبار تنظيمي بالدرجة الأولى في سعيه لإقناع الـ«فيفا» برفع الحظر عن ملاعب العاصمة، ولا سيما في ظل التحسّن اللافت للأوضاع الأمنية. وبحسب ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية، فقد رأى نائب رئيس الاتحاد العراقي علي جبار، أن نجاح البلاد في تنظيم البطولة، سيدعم المطالب من أجل رفع الحظر. وقال «نتطلع لنجاح تنظيمي لافت يسهم في دعم مطالب العراق لرفع الحظر عن ملاعب بغداد، وكذلك استعداد العراق لاستضافة أي تجمع كروي». وعلى المستطيل الأخضر، يرى مدرب المنتخب العراقي السلوفيني ستريشكو كاتانيتش أن «خوض ما يقارب خمس مباريات في مثل هذه البطولة فرصة طيبة لرفع مستوى التحضير قبل دخول معترك تصفيات آسيا المزدوجة، وتشكيل رؤية فنية واضحة عن اللاعبين». ويخوض المنتخب منافسات البطولة بتشكيلة يغيب عنها علي عدنان وجستن ميرام ومهند علي لارتباطهما مع نادييهما وايتكابس الكندي وأتلانتا يونايتد الأميركي على التوالي.
من جهته، حض رئيس اتحاد الكرة السوري فادي الدباس على هامش ختام معسكر «نسور قاسيون» بقيادة المدرب فجر إبراهيم على «بذل الجهد المطلوب لتحقيق نتائج مشرفة والمنافسة على لقب البطولة ومصالحة الجمهور. قبل الاستحقاق المنتظر المتمثل بالتصفيات المشتركة لآسيا وكأس العالم».
بدوره، كان المنتخب الفلسطيني أول الواصلين الى مدينة كربلاء، حيث شدد مدربه الجزائري نور الدين ولد علي على المراهنة «على لاعبينا الشباب الذين نأمل منهم تقديم مستوى طيب».