حمل المؤتمر الصحافي الذي عقده المدير الفني لمنتخب لبنان الروماني ليفيو تشيوبوتاريو، خبراً صادماً للجمهور اللبناني. هيثم فاعور يعتزل دولياً. أفضل لاعب ارتكاز في لبنان على مدى سنوات. بطل لبنان، وعنصر أساسي في التشكيلة المثالية الموسمية على مدى سنوات، بات خارج المنتخب. أحد أعمدة خط الوسط، وفي بعض الأحيان الدفاع، وأحد صانعي إنجاز التأهل إلى نهائيات كأس آسيا هذا العام خلع قميص منتخب لبنان وقرر إنهاء مسيرته الدولية.قرار فاعور نزل كالصاعقة، لكنه في الوقت عينه كشف عن واقع صعب، يخافه اللاعبون بعد اعتزالهم الكرة. يتخطى قرار هيثم البعد الكروي، إلى البعد الاجتماعي وهاجس الخوف من المستقبل. قد تكون صور عشرات اللاعبين الذين عانوا الأمرين بعد اعتزالهم كرة القدم، حاضرة أمام أعين الكابتن هيثم. أسماء عديدة يفضل عدم ذكرها حفاظاً على مكانة وصورة مَن أعطوا من قلبهم للعبة والأندية والجماهير، وفيما بعد وجدوا أن الجميع أداروا ظهرهم لهم.
ابن التاسعة والعشرين عاماً، أكد في حديث مع «الأخبار» أن قراره نهائي ولا رجعة عنه، «أفكر في مستقبلي ما بعد كرة القدم، ولا أريد أن ألقى مصير العديد من اللاعبين الذين سبقوني حيث عانوا الأمرّين بعد اعتزالهم كرة القدم».
لا يبدو فاعور سعيداً بقراره. مجبرٌ أخوك لا بطل، عبارة تصحّ على حال فاعور. «قرار الاعتزال قد يكون الأصعب، ليس على أي لاعب كرة قدم فقط، بل على أي رياضي. لكن لا بد من بدء الإعداد لما بعد كرة القدم. الجميع يعلم كيف كان مصير الكثير من اللاعبين، وبعد وقت قصير سأجد نفسي مجبراً على إنهاء مسيرتي، فماذا سأفعل حينها؟ الجميع يعرف الوضع الصعب في لبنان، وإذا لم أبدأ في الإعداد للمستقبل، فسأجد نفسي في موقف صعب».
يؤكد بطل لبنان أن قراره يتعلق بمستقبله فقط، ولا وجود لأي مشكلة تتعلق بالمنتخب. «عمري 29 عاماً وبعد سنتين أكون قد اقتربت من نهاية مسيرتي، وحينها يجب أن يكون هناك بديل يؤمن حياة كريمة. اتخذت قراري الآن، وتحديداً قبل مسابقة غرب آسيا، حتى لا يفسَّر القرار أنه نتيجة أمور حصلت في هذه البطولة. أبلغت المسؤولين عن المنتخب قراري، ولن أتراجع عنه»، يضيف الكابتن هيثم في حديثه مع «الأخبار».
جاء قرار فاعور بالاعتزال الدولي كي يهتم بمستقبله بعد كرة القدم


ويشرح قائد فريق العهد أن روزنامة الموسم على صعيد فريقه حافلة بالاستحقاقات، وإذا أضاف إليها استحقاقات المنتخب الوطني، فحينها لن يكون هناك وقت للاهتمام بالمشاريع التي يجري الإعداد لها للمستقبل. هي متنوعة بين كرة القدم وخارجها، لكنها تحتاج إلى تخصيص وقت كبير كي تبصر النور، وبحسب فاعور «هذا يتطلب تقليص الالتزامات حتى أستطيع تحقيق الأهداف التي وضعتها».
مدرب فاعور في العهد، وأحد الأشخاص الرئيسيين في وصول اللاعب إلى النجومية منذ كان مدربه في الفئات العمرية، باسم مرمر، أبدى أسفه لقرار فاعور. «نصحته بالبقاء لما بعد بطولة غرب آسيا، خصوصاً مع وجود مدرب وجهاز فني جديدين وأجواء مختلفة، لكنه أكد أن قراره لا يرتبط بواقع كروي معين. فهو يرى أن علاقته بالمدرب السابق ميودراغ رادولوفيتش كانت جيدة، وبالتالي قراره يتعلق بمستقبله، لا بالحاضر».
ويكشف مرمر لـ«الأخبار» أن فكرة الاعتزال الدولي ليست وليدة ساعتها. «منذ أكثر من أسبوعين فاتحني هيثم بالموضوع، وكان ينتظر الفرصة المناسبة لطرحها على الإدارة في العهد. ومع اقتراب استحقاق غرب آسيا، شعر فاعور أكثر بالضغط، فجلس مع أمين السر محمد عاصي وأبلغه بقراره»، يقول مدرب فريق العهد.
ولا يخفي مرمر أنه ضد قرار قائد فريقه، إذ «ما زال هيثم قادراً على العطاء، وأنا طلبت من المدرب المساعد في المنتخب الكابتن جمال طه الجلوس معه ومحاولة إقناعه، لكن يبدو أن قراره نهائي. ومن يعرف هيثم، يعلم تماماً أن اتخاذه مثل هذا القرار يعني أنه حسم أمره، وهذه ليست مناورة».
قرار اعتزال فاعور لم يكن صادماً للجمهور فقط، بل للمدير الفني للمنتخب تشيوبوتاريو. فالأخير عبّر عن حزنه وصدمته لاعتزال فاعور. «هو لاعب مهم جداً في المنتخب، وقرار اعتزاله خسارة كبيرة. حاولت الاتصال به للاستفسار ومحاولة ثنيه عن موقفه، لكني لم أستطع الحديث معه»، يقول تشيوبوتاريو رداً على سؤال عن قرار فاعور خلال المؤتمر الصحفي.