بداية، لا يمكن إنكار أن منتخباً كالمنتخب الأوروغواياني، قد مرّ في السنتين الماضيتين بمرحلة «تغيير جلد»، المرحلة التي استغنى فيها عن «الحرس القديم»، واستبدله بجيل شاب يمتاز بالطموح الكبير، والموهبة المميزة. أسماء كثيرة تركت «سيفها ودرعها»، وسلّمتها لأجيال جديدة صاعدة. من بين هذه الأسماء، لاعب أتلتيكو مدريد السابق كريستيان رودريغيز، لاعب بورتو ماكسيميليانو بيريرا، صانع الألعاب غاستون راميريز، الجناح الأيمن كارلوس سانشيز، لاعب الإرتكاز إيجيديوا أريفالو ريوس، وغيرهم الكثير. في الوقت عينه، لا يزال بعض لاعبي الخبرة يحملون راية المنتخب الوطني، وهم يقدمون مستوى مميّزاً أيضاً في مختلف الدوريات الأوروبية. دييغو غودين، قائد أتلتيكو مدريد السابق، الذي أعلن الرحيل عن ناديه نهاية الموسم المنصرم، يعتبر من بين أفضل مدافعي العالم في الوقت الرّاهن، وذلك على الرغم من تقدّمه في السن (33 عاماً).يكفي المتابعين مشاهدة دموع نجم أتلتيكو مدريد الفرنسي أنطوان غريزمان ومدربه الأرجنتيني دييغو سيميوني، لمعرفة كم أن قيمة غودين كبيرة في «الأتلتي»، وكيف أنهم سيخسرون الكثير من دونه. إلى جانب غودين، لاعب يمتلك «خبرة» وخصالا مميزة، والحديث هنا عن مهاجم برشلونة لويس سواريز. «لويسيتو»، يبقى من بين المهاجمين الذين يصنّفون من بين الأفضل في العالم، فأرقامه تتحدّث عنه. لا شك أن مهاجم المنتخب الأوروغواياني يعاني من تراجع ملحوظ في مستواه، وتحديداً في الموسمين الماضيين، إلا أنه يبقى أحد أهم اللاعبين في المنتخب على صعيد الخبرة، وحسن الاختيار في الوقت المناسب.
قاد أوسكار تاباريز منتخب الأوروغواي في خمس نسخ لـ«كوبا أميركا»


ما يميّز منتخب المدرب الكبير أوسكار تاباريز، أنه في هذه النسخة البرازيلية من «كوبا أميركا»، يمتلك خط وسط مميّزاً جداً. خط وسط مكوّن من لوكاس توريرا لاعب ارتكاز فريق آرسنال الإنكليزي، ورودريغو بنتانكور نجم يوفنتوس الإيطالي. لاعبان في خط الوسط، يتمناهما أي مدرب في تشكيلته، نظراً الى صغر السن، والمستقبل الكبير الذي ينتظر هذا الثنائي، ولإمكاناتهما الكبيرة في قطع الكرات وبناء الهجمات. بالنسبة الى الشق الدفاعي، وتحديداً إلى جانب دييغو غودين، يوجد مدافع نادي أتلتيكو مدريد، خوسيه ماريا خيمينيز، المدافع الذي شكّل ثنائياً قوياً إلى جانب قائده السابق في النادي المدريدي. وهذا ما يدعو الى التفاؤل، لأنه من أهم أسس نجاح ثنائي الدفاع، هو الانسجام وهذا ما يتميّز به ثنائي أتلتيكو مدريد.
لا يمكن أيضاً إغفال الثبات على مدرب واحد خلال فترة زمنية طويلة. أوسكار تاباريز، مدرب تمكّن من الانتصار على المرض وعلى حالته الصحيّة الصعبة، بهدف الاستمرار في منصب المدير الفني للمنتخب الأوروغواياني. الثبات على مدرب أثبت جدارته في تدريب هذا المنتخب، هو أحد أبرز الأسباب في نجاح منتخب الأوروغواي، رغم عدم تتويجه بالألقاب. منتخب الـ«سيليستي» لا يزال من بين المنتخبات الأقوى في أميركا الجنوبية، وكل هذا بفضل تاباريز واللاعبين وقائد الفريق دييغو غودين. ومن بين العوامل التي تضع الأوروغواي من بين المرشحين، هو تاريخ هذا المنتخب في بطولة «كوبا أميركا»، التاريخ الذي يضعه في صدارة ترتيب المنتخبات الأكثر تتويجاً بلقب البطولة القارية، بواقع 15 لقباً. الأداء الذي قدّمه هذا المنتخب في المباراة الافتتاحية من النسخة الحالية، والتي انتهت بفوز زملاء نجم باريس سان جيرمان إيدنسون كافاني بنتيجة (4-0)، تبشر بالخير للشعب الأوروغواياني، الذي لطالما كان مسانداً لمنتخب بلاده، تماماً كغيره من الشعوب اللاتينية المتعلّقة بكرة القدم وبمنتخبهم الوطني.



المدرب الأسطورة


قاد أوسكار تاباريز (72 عاماً) منتخب الأوروغواي في أربع نسخ لكأس العالم، كما أنه كان مشرفاً على تدريب منتخب «السيليستي» في خمس مناسبات في «كوبا أميركا»، إضافة إلى كونه صاحب رقم قياسي في الأوروغواي وفي أماكن عديدة بالعالم، لعدد الفرق التي تولى تدريبها. لم تشهد مسيرة تاباريز التي يمكن وصفها بالناجحة أي أسرار تكتيكية لا يعلمها غيره من المدربين، حيث اعتمد هذا المدرب الكبير بصورة دائمة على العمل الجاد وعلى «البراغماتية» (الجدية في الأداء وعدم الالتفات الى جمالية اللعب). هذا ما مكّنه من أن يقنع اللاعبين بالعديد من القيم في عالم كرة القدم أو أي رياضة أخرى، كالإخلاص، الالتزام، الولاء والتضحية من أجل الفريق رغم الصعوبات التي من الممكن أن يواجهوها. بعد الفترة السيئة التي عاشها المنتخب خلال العقود الماضية، أعاده تاباريز الى الواجهة من جديد. الواجهة التي استحقها من خلال الفوز بالمركز الرابع في مونديال 2010 في جنوب أفريقيا، ليكون أول مركز متقدم للمنتخب في البطولات القارية منذ مونديال 1970 في المكسيك. تمثل بطولة «كوبا أميركا» الحالية فرصة جيدة لتتويج جهود 13 عاماً قضاها تاباريز على مقاعد بدلاء المنتخب والإشراف على جميع منتخبات الشباب والناشئين في الأوروغواي. كانت أبرز إنجازات تاباريز مع منتخب بلاده الفوز بالمركز الرابع في بطولة كأس العالم 2010 والفوز بلقب «كوبا أميركا» في 2011. كما نال تاباريز احتراماً وتقديراً من الجميع داخل الأوروغواي وعلى الساحة الدولية بصورة عامّة.