ما قدمه نادي أياكس أمستردام هذا الموسم في دوري أبطال أوروبا، كان في نظر العديد من المتابعين شيئاً أقرب إلى الخيال من كونه واقعاً يتحقق. مسيرة أحفاد «العرّاب» يوهان كرويف مرت بالكثير من المراحل المؤثرة، على غرار إقصائهم لريال مدريد في معقله السانتياغو بيرنابيو، إلى معجزة ملعب «آليانز» والتي أدّت إلى إقصاء أحد معالم هذه البطولة، الحديث هنا عن نجم ريال مدريد السابق ولاعب يوفنتوس البرتغالي كريستيانو رونالدو. الأخير، حقق البطولة في ثلاثة مواسم متتالية، لتقف مسيرته أمام قصّة لا تقلّ جمالاً عن تلك التي قدمها نادي ليستر سيتي عبر فوزه بلقب الدوري الإنكليزي. لكل قصّة ناجحة أسباب واضحة، ومعالم بارزة يتحدث عنها الجميع، والكلام هنا يخصّ كلاً من نجم خط وسط الفريق، والذي وقّع على عقده مع النادي الكاتالوني برشلونة، فرانكي دي يونغ. أضف إلى ذلك المهاجم الوهمي دوشان تاديتش، وصانع الألعاب المغربي حكيم زيّاش، ولا يمكن نسيان «الصخرة» الهولندية ماتياس دي ليخت. كلها أسماء تركت بصمتها على أرض الملعب، إن كان من ناحية الأهداف أو من ناحية الأداء خلال دقائق المباراة.لكن في الوقت عينه، يوجد في زاوية «معتمة»، لاعب لا يقل قيمة عن من تم ذكرهم أعلاه، لاعب بعيد جداً عن عدسات الكاميرات، التي كان اهتمامها الأكبر يصبّ على كل من دي يونغ وزياش. دوني فان دي بيك، الشاب الصغير الذي سجّل هدف التعادل أمام يوفنتوس في مباراة الإياب، والذي كان نجماً لتلك الموقعة عن جدارة واستحقاق. لاعب يشبه كثيراً النجم البلجيكي ولاعب مانشستر سيتي الإنكليزي كيفين دي بروين. قوي البنية، يتميز بالتسديد من مسافات بعيدة، ويبدو أن منظومة الفريق، لا يمكنها العمل من دونه. هو المحرك الأهم في تشكيلة المدرب الهولندي إيرك تان هاغ، بعد الصربي المميز تاديتش. بسبب الأضواء التي خطفها الباقون، يبقى فان دي بيك من بين أسرار نجاح هذه التجربة الهولندية الشابة، التي خرج فان دي بيك من مدرستها المميزة. كان والده أندريه فان دي بيك مشجعاً متيّماً بفريق أياكس، حتّى أن شغفه بهذا النادي، أدّى إلى إقحام ابنه دوني بمدرسة أياكس للشباب، والتي بدأ فيها بعمر الخمس سنوات فقط. لغة الأرقام تنصف هذا الشاب الهولندي المميز، حيث سجّل هذا الموسم 15 هدفاً إضافة إلى 11 تمريرة حاسمة. بكل بساطة، هو «ماسة» لم يتم التنقيب عنها بعد، لتنضمّ إلى باقي الجواهر التي ظهرت في الموسم الحالي من فريق أياكس أمستردام.
سيعتمد المدربان على فان دي بيك وهيونغ مين سون في نصف النهائي


على الجهة المقابلة، وتحديداً في منطقة «الحي اليهودي» في شمال العاصمة البريطانية لندن، انفجر هذا الموسم النجم الكوري هيونغ مين سون مع فريقه توتنهام، ليقدّم ابن قارة آسيا أحد أفضل مواسم حياته. ساهم وبصورة كبيرة في بلوغ فريقه المباراة نصف النهائية، بتسجيله لثلاثة أهداف في مرمى مانشستر سيتي في مجموع مباراتي الذهاب والإياب. سون، من بين اللاعبين البعيدين أيضاً بدورهم عن مواقع التواصل الاجتماعي، كما عن وسائل الإعلام. «سونالدو»، كما يلقّب، أثبت أنه حجر أساس في تشكيلة المدرب الأرجنتيني ماوريتسيو بوكيتينو، بستجيله حتى الآن، 20 هدفاً، إضافة إلى عشر تمريرات حاسمة، ساهم من خلالها في منافسة «السبيرز» على مقاعد دوري الأبطال في الـ«بريميرليغ»، وفي تأهل فريقه لنصف النهائي أيضاً. الأضواء كلها تذهب نحو الثنائي الإنكليزي ديلي آلي وهاري كاين، وذلك بكل بساطة، لأن «اللاعب الإنكليزي بسمنة، والآخرين بزيت»، فكيف إذا كان آسيوياً أيضاً، أي من العرق الذي لا يفضّله إعلام «الرجل الأبيض» الأوروبي والعالمي.
ستكون المواجهة على الورق متقاربة جداً، وسيعتمد كل من المدربين على مفاتيح لعبه التي ستخوّله الفوز بالمباراة. والحديث هنا عن كل من دوني فان ديبيك، وهيونغ مين سون، اللاعبان اللذان يسرحان خلف الظلال، ليسطع نجوم آخرون، يأخذون كل التقدير، ويبقى أبناء الظل في الظل، ينتظرون فرصهم، ليستغلوها على أكمل وجه، محاولين جاهدين إثبات أنفسهم بأقدامهم التي تغرس في أرض ميدان ملعب «وايت هارت لاين» الجديد اليوم (سجّل سون الهدف الأول في الملعب الجديد في بطولتي الدوري الإنكليزي ودوري أبطال أوروبا، ليدخل النجم الكوري تاريخ الفريق اللندني من أوسع أبوابه)، بعيداً عن الأضواء مغشوشة الاتجاه. (مباراة ذهاب نصف النهائي تلعب اليوم الساعة 22:00 بتوقيت بيروت)