تعد مباراة الـ«أولد ترافورد» واحدة من كلاسيكيّات الكرة الأوروبيّة. المباراة الـ«نوستالجية» تحمل في طياتها العديد من الذكريات الأليمة للطرفين، من خسارة مانشستر لنهائيي 2009 و2011 أمام برشلونة، إلى هدف بول سكولز عام 2008 الذي أخرج برشلونة من دور نصف النهائي، وأهّل مانشستر إلى النهائي، ثم الفوز بالبطولة على حساب تشيلسي. الكفة تميل إلى أحد الطرفين قبل بداية اللقاء على غير المعتاد. منذ تلك «الملاحم» الكروية، تغيرت المعادلة بعض الشيء. لم يلتق الكبيران كثيراً في الآونة الأخيرة، وذلك بعد فشل يونايتد في التأهل إلى دوري أبطال أوروبا، أو خروجه من الأدوار الأولى في أغلب المواسم الماضية. سبع سنوات كانت كفيلة بنزول أسهم مانشستر يونايتد في أوروبا، إذ دخل النادي الإنكليزي في أزمةٍ حقيقية بعد اعتزال السير أليكس فيرغسون. نسخٌ باهتة قدمها اليونايتد بعد رحيل السير. بات طموح الفريق أصغر اليوم؛ تحقيق أحد لقبي الكأس المحليين، والمشاركة في دوري أبطال أوروبا على أبعد تقدير. رغم الأوضاع الصعبة التي يعيشها النادي أخيراً، تمكّن من إطاحة باريس سان جيرمان في دور الـ16 بطريقةٍ أو بأخرى. الوضع أصعب في مباراة اليوم، إذ يستوجب فوز اليونايتد جاهزية اللاعبين كافة لاستغلال «متلازمة» الدور ربع النهائي التي يعاني منها برشلونة في السنوات الثلاث الماضية، وهو ما يصعب تحقيقه في ظل تراجع أداء العديد من اللاعبين، على رأسهم أليكسيس سانشيز. يمر اللاعبون بفتراتٍ ضبابية، تؤدي إلى تذبذب مستواهم. منهم من يعود تدريجياً إلى مستواه المعهود ومنهم من يتأرجح مستواه من مباراةٍ إلى أخرى. غير أن سانشيز لم يبرز في مانشستر منذ قدومه، ماذا أصابه؟
يجب أن يكون اليونايتد جاهزاً لاستغلال «متلازمة» الدور ربع النهائي التي يعاني منها برشلونة


مواسم جيدة قدمها الفتى التشيلي في برشلونة، استكمل خلالها أداءه الرائع مع أودينيزي. بعد جلوسه على مقاعد البدلاء مراراً وتكراراً، رأى سانشيز في آرسنال نافذةً لخروجه إلى الضوء من جديد، وكان له ما أراد. أسهمت البيئة الخصبة في لندن في إظهار إمكانيات اللاعب التشيلي، حتى بات في فترةٍ وجيزة أحد أفضل لاعبي الدوري الإنكليزي. مواسم ناجحة على الصعيد الفردي انتهت بانتقال اللاعب إلى مانشستر يونايتد بعد أن عجز عن التتويج بألقاب الكبيرة في لندن. في مانشستر، فقد سانشيز الألقاب والأداء على حدٍّ سواء. وقع اللاعب القوي بدنياً ضحيةً لدفاع مورينيو المبالغ فيه، ما أفقده الكثير من وهجه، إذ سجل خمسة أهداف فقط في 41 مباراة مع مانشستر يونايتد. مع قدوم المدرب النرويجي أولي غونار سولشاير، أملت جماهير يونايتد خيراً بعودة سانشيز على غرار أغلب لاعبي الفريق، غير أنّ الإصابات المتكررة للاعب التشيلي كانت أقوى من تأثير المدرب النرويجي.
منذ قدومه، شكل سانشيز عبئاً كبيراً على النادي تخطّى الجانب الفني؛ فرغم جلوسه أغلب الأوقات على مقاعد البدلاء، يبلغ الراتب الأسبوعي لابن الـ30 عاماً 505 آلاف يورو. أمرٌ دفع حارس المرمى ديفيد دي خيا ومتوسطي الميدان أندير هيريرا وبول بوغبا إلى طلب زيادة على رواتبهم، وهو ما سيشكل عبئاً على ميزانية إدارة النادي. على غرار سانشيز، كان بوغبا ضحية لأسلوب مورينيو الدفاعي، الذي حدّ كثيراً من إمكانيات ابن الـ26 عاماً، ما حال دون بروز النسخة «الخارقة» من اللاعب الفرنسي التي ظهر عليها برفقة يوفنتوس. تكمن المفارقة في أن بوغبا عاد من جديد مع سولشاير. أخيراً، تصدّر بوغبا عناوين الصحف الإسبانية، حيث أظهرت التقارير اقتراب اللاعب من الانتقال إلى ريال مدريد، بعد أن أصبح على رأس قائمة المدرب زين الدين زيدان. مسرح الأحلام سيكون اليوم بمثابة منصة، يقدم من خلالها بوغبا أوراق اعتماده.
برشلونة ليس باريس سان جيرمان، لكن مانشستر هو مانشستر. الجانب الفني يصبّ في صالح برشلونة، غير أن التاريخ يرفض استبعاد مانشستر يونايتد من التأهل، حتى لو احتاج إلى معجزة لتحقيق ذلك.