خلافات كثيرة حصلت خلال السنوات القليلة الماضية بين اتحاد الأندية الأوروبيّة والقنوات التلفزيونية الناقلة للمباريات من جهة، والاتحاد الأوروبي لكرة القدم من جهة ثانية. البعض يريد تغييراً في شكل الدوريات الأوروبية ونظامها، بما يؤدي إلى زيادة العائدات من الحضور الجماهيري والإعلانات. أمّا البعض الآخر، فيرفض هذه الفكرة.يعدّ دوري أبطال أوروبا، البطولة الأكثر متابعةً على صعيد مسابقات الأندية، إذ يشكل التتويج ببطولة الـ«تشامبيونز ليغ» هدفاً رئيسياً للعديد من إدارات الأندية وجماهيرها على حدٍّ سواء. الأندية الأوروبية تتنافس أيضاً على مقعد مؤهل لدوري الأبطال، حتى بات النجاح بهذه المهمة مقياساً أساسياً لنجاح موسم نادٍ ما من عدمه، حتى وإن فشل في تحقيق الألقاب المحلية. رغم أهمية دوري أبطال أوروبا، إلّا أن الحديث كثر في الآونة الأخيرة عن التأسيس لإطلاق دوري أوروبي جديد، أكثر تنافسياً وأكثر تشويقاً، وبطبيعة الحال أكثر درّاً للأموال. وهنا الحديث عن دوري السوبر الأوروبي.
رغم عدم وجود أي شيء رسمي حتى الآن، غير أن المسوَّدة الأولى للبطولة المحتملة قد وضعت فعلاً. دوري السوبر الأوروبي عبارة عن بطولة يشارك فيها أكبر 16 فريقاً من الدوريات الخمسة الكبرى، يتنافسون فيما بينهم على غرار مسابقة «الدوري الأميركي لكرة السلة للمحترفين». تقسم الأندية الـ16 إلى قسمين من ثمانية أندية، بحيث تقام المنافسة بين الفرق بحسب كل مجموعة (يجري في المرحلة الأولى تجميع النقاط). بعد نهاية المباريات، تتأهل الفرق الأربعة الأولى من كل مجموعة إلى مراحل خروج المغلوب (الأدوار الإقصائية)، بدءاً من دور ربع النهائي، وصولاً إلى نهائي البطولة. هذه المسودة الأولى التي طرحتها اتحاد الأندية الأوروبية، المشكل من 232 فريقاً من كافة أوروبا برئاسة رئيس نادي يوفنتوس أندريا أنيلي، وقد قدم هذا الاتحاد في الاجتماع الأخير الذي عقد في مدينة نيون السويسرية المسودة الأولى للمنافسة القارية القادمة، على أن يستكمل البحث في الاجتماع المقرر الأسبوع المقبل في مدينة أمستردام الهولندية، من أجل إضافة النقاط على المشاريع المقترحة.
بدأ الحديث عن هذه البطولة في نهاية العقد الأول من الألفية الجديدة، وكان رئيس نادي ريال مدريد الإسباني فلورنتينو بيريز أول المنادين بإقامة دوري السوبر الأوروبي. من وجهة نظره، هناك أندية ضعيفة في دوري الأبطال، وهي غير قادرة على المنافسة، وبالتالي إن الفرص غير متكافئة للتأهل. رغم مرور قرابة عشر سنوات على هذا الاقتراح، بقيت البطولة ضبابية، حتى شهر تشرين الثاني من عام 2018، حين بدأ الحديث عن البطولة الجديدة يكون أكثر جديّة. مع نهاية عام 2018، كثر الحديث عن مناقشات بين مجموعة من أفضل الأندية الأوروبية التي من المحتمل انضمامها إلى فرق الستة عشر من دوري السوبر الأوروبي بحلول عام 2021، وكان على رأس تلك الأندية ريال مدريد وبرشلونة الإسبانيان، يوفنتوس الإيطالي، مانشستر يونايتد وآرسنال الإنكليزيين، وبايرن ميونخ الألماني، وذلك بحسب ما نشرته مجلة «دير شبيغل» الألمانية. أمرٌ أكده الإسباني راؤول سانليهي (مدير كرة القدم في نادي آرسنال)، حيث صرح في وقتٍ سابق بأنه شارك في المحادثات السرية حول التتغيرات المحتملة في البطولات الأوروبية، التي بحثت في إمكانية تأسيس بطولة دوري السوبر الأوروبي.
رغم كثرة الحديث عن هذه البطولة أخيراً، سيكون على القيّمين على دوري السوبر الأوروبي الانتظار حتى عام 2024 إذا ما أرادوا تنفيذ مشروعهم، وذلك بسبب وضع الاتحاد الأوروبي لكرة القدم في شهر شباط/فبراير الماضي تشريعاً جديداً يحمي النظام الحالي الذي يضم المسابقات الأوروبية حتى عام 2024. وقتٌ قد يكون كفيلاً بحسم مواقف أندية النخبة، تبعاً للضمانات التي ستقدم من منظمي البطولة الجديدة. في ظل اصطدام اقتراح إقامة دوري السوبر الأوروبي بالعديد من الصعوبات والمعوقات، قدمت الأندية الأوروبية الكبيرة حلاً بديلاً جرت مناقشته في الجمعية العامة الثانية والعشرين للاتحاد الأوروبي، ينص على وضع قواعد لإصلاح دوري أبطال أوروبا وتطويره.
الهدف الظاهري للمشروع الجديد، متعة أكبر للجمهور، أما الهدف الحقيقي، فهو مال أكثر بطبيعة الحال. مع احتمال بث هذه المباريات خلال عطلة نهاية الأسبوع، سيكون العرض أكثر جاذبية من منظور تلفزيوني، لكن المشروع سيتعارض مع أرباح شركات البث التلفزيوني نفسها، إذ إن البطولة المرتقبة ستشهد متابعة كبيرة جداً لما تحمله من مباريات تنافسية، ما سيضعف اهتمام المشاهدين بالبطولات المحلية. وهناك صعوبة أخرى تتمثل باحتمال رفض الاتحادين الأوروبي والدولي لهذا الاقتراح، وبالتالي البقاء على دوري الأبطال والدوري الأوروبي مع تعديلات عليهما.