وداعاً سالا... «والطيّار»

  • 0
  • ض
  • ض
وداعاً سالا... «والطيّار»
الطيار رحل بصمت والعالم لم يتحدّث عنه (أ ف ب )

قبل شهرين سجّل إيمليانو سالا هدفه الأخير في مسيرته الكروية. حينها كان لاعباً أرجنتينياً ضمن صفوف «نانت» الفرنسي، لم يسبق أن ارتدى قميص الـ«تانغو»، وقضى حياته يتنقّل بين الأندية الفرنسيّة. بعدها بشهرٍ واحدٍ بات الصفقة الأغلى في تاريخ نادي «كارديف سيتي» الإنكليزي، لكنه كان لا يزال لاعباً أرجنتينياً لم يُمثّل منتخب بلاده ولم يلعب خارج فرنسا. في ذلك الوقت، عنونت صحيفة «تيليغراف» البريطانيّة، «إيمليانو سالا.. من هو صفقة كارديف التي كلّفت 15 مليون يورو؟»، وأجابت، «وُلد في سانتا فيه، محافظة مدينة روساريو، حيث وُلد ليونيل ميسي». هكذا كان تعريف الصحيفة قبل التطرّق إلى مسيرته الكروية. بعدها بيومين فقط، فُقدت الطائرة التي تقلّ اللاعب الأرجنتيني من مدينة نانت، حيث كان يودّع زملاءه، إلى كارديف، بيته الجديد. عندها، لم يعد سالا لاعباً أرجنتينياً مغموراً، بل بات حديث الإعلام وجمهور كرة القدم. الكل صار يعرف قصّة الشاب العشريني. أُضيئت الشموع، ووقف الجميع دقيقة صمتٍ في ملعب كارديف، علّها تُسمع في السماء. ورود المحبّين ذبُلت على أبواب الملعب الذي لم يستقبل النجم الموعود بعد. سألت الصحافة كثيراً وتابعت حادثة اللاعب، وتضامن الملايين مع نجم الـ«بريميرليغ» المنتظر. حتّى لكلب سالا نصيبٌ من الحادثة الأليمة أيضاً. لكن ثمّة قصة أخرى. عائلةٌ ثانية تبكي على فقدان ابنها. شخصٌ اختُصِر بأي عنوان خبرٍ يخصّ حادثة سالا، بكلمةٍ وحرف عطف: «..والطيار». ديفيد إيبوستون، أو «أفضل أبٍ قد يتمناه أحد» بكلمات ابنته فيكي، مات أيضاً. ربّان الطائرة سقط معها برفقة سالا. أخته هيلين جلّ ما تتمناه أن ترى وجهه المبتسم مرة جديدة، وابن أخيه تيم كان يسأل أن تصحبه الملائكة إلى المنزل. لم يعد إيبوستون، بل وقع اللوم عليه في الحادثة أيضاً. شُكك في رخصته، دُقق في حياته وفي حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي، وعُلم أنه يعمل منسّقاً موسيقياً أيضاً. لكن الضحية كان يملك رخصة، إلا أنها ليست تجارية. لا بدّ من إلقاء اللوم على أحد. رسالة سالا الإلكترونية الأخيرة وهو على متن الطائرة عززت فرضية أن تكون غير جاهزة للطيران، وتعليقٌ من الطيار على «فايسبوك»، يُشير فيه إلى وجود بعض الصدأ على جهاز الهبوط الآلي للطائرة، أثار الشكوك أكثر، لكن التحقيقات لم تُفضِ إلى شيءٍ بعد. أهالي بلدة ديفيد وضعوا الورود في الساحة العامة وودّعوا «الرجل الطيّب». الإنكليزي الذي لم يعرفه العالم، أو لم يهمه أن يتعرّف عليه، لا قبل الحادثة ولا بعدها. هو، كإيريك سوافر، قائد طائرة مالك نادي ليستر سيتي السابق فيشاي سريفادانابرابها، واثنين من طاقم الطيارة، كافيبورن بونباري ونوسارا سوكناماي، وزوجة الطيّار روزا، رحلوا بصمتٍ أيضاً، وغيرهم كثيرون، كانوا شخصياتٍ ثانوية في قصصٍ مؤلمة، و«هُمّشوا»، من دون عمد، لأنهم ليسوا النجوم. رحل سالا، ورحل ديفيد أيضاً، والعالم سينسى والحياة ستمضي.

0 تعليق

التعليقات