صفقة اخرى ناجحة تسجّل لبايرن ميونيخ بطل الدوري الالماني لكرة القدم، وقرار خاطئ آخر يسجّل نقطة سوداء في سجلات برشلونة بطل اسبانيا. عنوان الصفقة والخطأ هو تياغو الكانتارا، الذي يمكن اليوم تفسير سبب قول الاسباني جوسيب غوارديولا مدرب بايرن تعليقاً على رصده لاعباً واحداً فقط بعد وصوله الى النادي البافاري: «اريد تياغو أو لا احد. اعرفه جيداً، واعرف امكاناته، هو لاعب سوبر ويمكنه بسهولة تامة شغل ثلاثة، لا بل اربعة او خمسة مراكز على ارض الملعب».
وقتذاك قيل ان «بيب» يريد ان ينسخ الثقافة التي خطّها في برشلونة عبر استقطاب عدة لاعبين من «البلاوغرانا»، لكن الرجل اكتفى بلاعبٍ واحدٍ فقط من «البرسا» هو تياغو، الذي اكد في مباراة بايرن ميونيخ امام اينتراخت فرانكفورت (5-0) اول من امس أنه سيجرّ الالمان الى ثقافته، فارضاً اسلوباً سيؤثر من دون شك في طريقة مقاربة زملائه للمباريات في الفترة المقبلة.
ببساطة، حطّم تياغو، الأحد، رقمين قياسين في «البوندسيلغا»، الاول عندما تمكن من لمس وتمرير 185 كرة في مباراة واحدة. وبهذا الرقم كسر تياغو الرقم القياسي المسجّل باسم زميله في الفريق الألماني باستيان شفاينشتايغر، الذي لمس او مرر الكرة 157 مرة في 73 دقيقة.
وحطّم تياغو أيضاً رقماً قياسياً آخر بتمريره 159 كرة ناجحة خلال المباراة، ليكسر رقماً قديماً حمله الألماني رويل بروفيرز لاعب بوروسيا مونشنغلادباخ الذي قام بتمرير 137 كرة ناجحة في مباراة واحدة.
وبغض النظر عن هذه الارقام او عن الهدف الرائع الذي سجله من «دابل كيك» في الوقت القاتل، مانحاً بايرن فوزاً جديداً على شتوتغارت، فإن ثقل تياغو في خط وسط بايرن بدأ يظهر كثيراً، اذ عاد البرازيلي المولد اقوى مما كان عليه، وهو الذي توقّع كثيرون ان يكون صفقة فاشلة بسبب قوة الاصابة التي تعرض لها بعد وصوله الى «أليانز أرينا».
الا ان ما فات الجميع وبرشلونة على وجه الخصوص، أن كابتن منتخب اسبانيا تحت 21 سنة لا يزال في مقتبل العمر، ولا يزال لديه الكثير لتقديمه، وهو سبق ان قدّم عيّنة عمّا يملكه من امكانات في كل مرة حصل فيها على فرصة اللعب بقميص برشلونة، اضافة الى ذاك المستوى الابداعي الذي ظهر فيه خلال بطولة اوروبا للشباب العام الماضي، ما جعل بايرن يضعه على لائحة اهدافه.
لكن هناك في «كامب نو»، لم تبذل ادارة النادي الكاتالوني اي مجهود لإغراء تياغو بالبقاء، وكان كلام الرئيس السابق ساندرو روسيل غبياً عندما ضرب طموحات نجل البرازيلي مازينيو (بطل العالم عام 1994) بقوله إنّ عليه ان ينتظر دوره ويجهد كما فعل شافي هرنانديز واندريس إينييستا لحجز مركزٍ اساسي في تشكيلة الفريق.
لكن ما حصل هو خطأ رهيب، وقد يكون تاريخياً بالنسبة الى برشلونة. هو خطأ قد يوازي ذاك الذي ارتكبه البرشلونيون عام 1997 عندما سمحوا برحيل النجم البرازيلي رونالدو الى انتر ميلانو الايطالي. خطأ قد يؤكد تلك المقولة بأن برشلونة لا يعرف الحفاظ على نجومه، لا بل قد يقود الى شيء اسوأ في المستقبل القريب، وهو عدم ايمان اللاعبين الصاعدين من «لا ماسيا» بأن مستقبلهم سيكون في ناديهم الأم وسط عدم اكتراث الادارة التي كما ذكرنا سلفاً بأنها لم تقم بالمجهود المطلوب لابقاء تياغو، وهذا ما قد يفتح الباب امام هجرة خارجية على غرار ما حصل سابقاً برحيل جيرارد بيكيه وسيسك فابريغاس الى مانشستر يونايتد وأرسنال الانكليزيين، قبل ان يصحح «البرسا» خطأه ويعيدهما الى صفوفه.
لكن المهم هو ان تياغو يصنع صورة لنفسه في بايرن ميونيخ، صورة لا تقلّ شأناً عن تلك التي رسمها شافي مثلاً مع برشلونة، فهو اختار القميص الرقم 6 تماماً على غرار الاخير، حيث كان من المفترض ان يكون خليفة له في المستقبل، وذلك في رسالة موجّهة الى من فشل في تقويم قيمة ديناميكيته وحيويته وذكائه الفطري على ارضية الميدان، ما يجعله واحداً من اولئك «الشياطين» في خط الوسط، حيث يصعب التكهن بما سيخرج به عندما تكون الكرة في حوزته.
اما الاهم، فإن تياغو سيقدّم اكثر مع بايرن؛ لأن من يلعب حوله لا يقلّون شأناً عن شافي او إينييستا او سيرجيو بوسكتس، بل هم شفاينشتايغر وطوني كروس وماريو غوتزه والاسباني الآخر خافي مارتينيز والفرنسي فرانك ريبيري والهولندي أريين روبن.
نعم، هو خطأ مميت ارتكبه برشلونة، خطأ سيكلّفه الكثير، اذ لا بدّ ان يحضّر أضعاف الـ 25 مليون يورو التي قبضها من بايرن إن فكّر في استعادة تياغو كما فعل مع فابريغاس.

يمكنكم متابعة شربل كريم عبر تويتر | @charbel_krayem