إسبانيا ــ علي حيدر | بعد يوم على زيارة المناضلة الفلسطينيّة عهد التميمي لمقر نادي ريال مدريد الإسباني وتسلّمها قميصاً باسمها من إدارة النادي الملكي، إضافة إلى زيارتها مبنى بلدية العاصمة الإسبانية، تلبية لدعوة من السلطات الرسميّة وإدارة بطل أوروبا، فإن ردود الفعل لا تزال مستمرّة بين مرحّب بالزيارة ومعارض لها. وعلى الرغم من كل المحاولات من اللوبي الصهيوني للتصويب على الزيارة إلّا أن الرأي العام في إسبانيا والصحافة هناك رحّبت بالزيارة ورفضت كل محاولات تشويه الصورة من الكيان الصهيوني، والتصويب على الزيارة وعلى عهد التميمي.لم تكن زيارة عهد التميمي إلى مدريد السبت الماضي كزيارة أي ناشطة إنسانية أخرى، فقد خلف هذا الحدث موجة ردود فعل رسمية وشعبية واسعة وغضباً إسرائيلياً عارماً. استقبال بلدية مدريد لعهد ووالدها إضافةً لكلمات ماوريسيو فالينتي عضو المجلس البلدي، كانا أساس الموقف الإسباني الرسمي الداعم للقضية الفلسطينية. فالينتي، وفي المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقده عقب الزيارة، أشار إلى تضامن بلدية مدريد مع الشعب الفلسطيني وأدان عمليات اعتقال الأطفال المنافية لأبسط حقوق الإنسان. وتحدثت المناضلة عهد التميمي، التي أجمعت الصحافة الإسبانية على وصفها كرمز القضية الفلسطينية، عن معاناة الشبان والشابات في الأراضي المحتلة على الصعد كافة وحثت على مواصلة النضال من أجل إطلاق سراح الأطفال من وراء قضبان سجون الاحتلال.
لم ترضخ السلطات الإسبانيّة للبروباغندا الصهيونية


مصدر الامتعاض الإسرائيلي لم يكن هذا الحدث وحسب، بل إقدام نادي العاصمة ريال مدريد على دعوة التميمي إلى مقر النادي وملعبه «سنتياغو برنابيو»، حيث استقبلها مدير العلاقات في النادي وأسطورة الفريق السابق إميليو بوتراغينيو وأهداها قميصاً يحمل اسمها. النادي الملكي لم يُصدر أيّ بيان رسمي حيال هذه الزيارة، بل انشغل بتغطية أحداث الديربي المتزامنة معه، غير أن ذلك لم يقلل من حجم التفاعل على مواقع التواصل الاجتماعي في إسبانيا التي انفجرت بالتعليقات. تغريدة دانييل كوتنر، سفير دولة الاحتلال في إسبانيا، أخذت الحيز الأكبر من التفاعلات بحوالى 1500 تعليق، النسبة الأكبر منها معارضة للسفير الذي قال: «عهد التميمي ليست مناضلة سلميّة، بل تدافع عن العنف والإرهاب. المؤسسات التي استقبلتها واحتفت بها تشجع بطريقة غير مباشرة على العدوان وليس الحوار والتفاهم اللذين نحتاج اليهما»، واختتم تغريدته بإعلانه عدم الذهاب إلى البرنابيو لمشاهدة مباراة الديربي التي جمعت ريال مدريد وجاره أتليتيكو مدريد. ولم يكتفِ سفير دولة الاحتلال بتلك التغريدة، بل توجّه بكتاب رسمي إلى رئيسة بلدية مدريد مانويلا كارمينا حصل عليه موقع أوروبا بريس، أعرب فيه عن قلقه وانزعاجه إزاء ما حدث وأشار إلى أن «مواقف عهد التميمي تلقى إعجاب منظمات إرهابية كالجهاد الإسلامي وحزب الله» حسب قوله. أما الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية، فقد وصف استقبال ريال مدريد لعهد التميمي بالعار، وأيد السفير بعدم ذهابه إلى ملعب نادي ريال مدريد. التعامل الإسباني مع القضية كان ملفتاً، ولم يرضخ للبروباغندا الصهيونية، حيث أن الصحافة طرحت الموضوع بشفافيّة مطلقة وتناولت انتهاكات الجنود الصهاينة بحق الفلسطينيين، وإقدامهم على اعتقال عهد آنذاك وإطلاق النار على ابن عمها البالغ من العمر 15 عاماً. أما على الصعيد الشعبي، وهو الأهم، فقد لاقت تغريدات المسؤولين الصهاينة انتقادات لاذعة وقاسية تدل على وعي الرأي العام ودرايته لحقيقة ما يحدث بالفعل في الأراضي المحتلّة، بدليل أن محاولات تلميع الصورة أمام الرأي العام لم تعد فعالة كالسابق. أما وجهات النظر المضادة، فهي موجودة بطبيعة الحال، سواء من إسرائيليين مقيمين في إسبانيا، أو من إسبان يجهلون الواقع، أو من الفئة التي لا تكترث سوى لمصالح إسبانيا الخاصّة في علاقتها مع الكيان الصهيوني.
يمكن القول إن زيارة عهد التميمي لبلدية مدريد وللنادي الملكي آتت بثمارها على الصعيدين الشعبي والرسمي، والقلق الإسرائيلي ما هو إلا خير دليل على هذا، على أمل أن تستثمر الرياضة أكثر في ميادين النضال اليومي من أجل رفع صوت معاناة الشعب الفلسطيني.