بعد منافسة بين الثلاثي محمد صلاح المصري نجم ليفربول الإنكليزي، كريستيانو رونالدو البرتغالي لاعب ريال مدريد الإسباني السابق ونجم يوفنتوس الإيطالي الحالي ولوكا مودريش الكرواتي نجم ريال مدريد، تمكّن الأخير من الفوز بجائزة «THE BEST» المقدمة من الاتحاد الدوري لكرة القدم «UEFA».
(بن ستنسال ــ أ ف ب)

يشبه حفل توزيع الجوائز فيلماً هوليودياً يعرف الجميع نهايته السعيدة عندما ينتصر البطل على الأشرار. فكان الجميع من نقّاد ومحللين ومراقبين يعلمون بأن هذه الجائزة سوف تذهب لتستقر بين يدي الكرواتي مودريش. وأكبر دليل على ذلك هو عدم حضور المرشح كريستيانو رونالدو للحفل، ربّما بسبب معرفته بالنتيجة مسبقاً (الأمر عينه حدث في حفل توزيع جائزة أفضل لاعب في أوروبا والتي نالها مودريش أيضاً).
لم يكن الأرجنتيني نجم برشلونة ليونيل ميسي من ضمن المرشحين الثلاثة للجائزة لأوّل مرّة منذ 2006. يعتقد الكثيرون بأن ميسي كان جديراً بأن يكون من ضمن المرشحين للجائزة، إلّا أن الموسم الاستثنائي لمحمد صلاح مع ليفربول وفوز كريستيانو رونالدو بلقب دوري الأبطال أدّى إلى عدم ترشيح الموهبة الأرجنتينية لأول مرة منذ 12 سنة. تعتبر جائزة الفيفا كالتمهيد للجائزة الفردية الأهم في عالم كرة القدم، الكرة الذهبية التي تمنحها مجلة «فرانس فوتبول» الفرنسية في كانون الأول/ديسمبر. ومنح الاتحاد الدولي لكرة القدم والمجلة الفرنسية الكرة الذهبية، وذلك باتفاق مشترك بينهما بين عامي 2010 و2015. إلّا أن الشراكة انتهت منذ 2016، لتعود من جديد المجلة الفرنسية لتقديم الكرة الذهبية حصراً. وفي الغالب، كان اللّاعب الذي يختار الأفضل من الفيفا، هو نفسه الذي ينال الكرة الذهبية. حيث تقاسم «الدون» رونالدو والأرجنتيني ليونيل ميسي جائزة أفضل لاعب في العالم في السنوات العشر الأخيرة. مع وجود أفضلية للبرتغالي في السنوات الخمس الماضية (حيث نالها أربع مرات 2013، 2014، 2016، و2017).
يبدو أن اللاعب الكرواتي لوكا مودريش (32 عاماً) استحق الفوز بهذه الجائزة. كان اسم نجم خط وسط ريال مدريد من ضمن المرشحين النهائيين الثلاثة لأول مرة في تاريخ اللاعب. وهو نفسه من توج الشهر الماضي بجائزة أفضل لاعب في أوروبا من قبل الاتحاد الأوروبي «UEFA»، بعد أن تنافس أيضاً مع كل من رونالدو زميله السابق في «الميرينغي» ولاعب يوفنتوس الإيطالي حالياً، وصلاح نجم ليفربول الإنكليزي. أسباب عدّة جعلت النجم الكرواتي يفوز بالجائزة، فقد برز مودريش بشكل كبير خلال الموسم الماضي بعدما ساهم مع زميله رونالدو في قيادة فريقهم ريال مدريد إلى اللقب الثالث توالياً في أعرق البطولات الأوروبية: دوري الأبطال. وكان ذلك بالفوز في المباراة النهائية أمام ليفربول بنتيجة (3-1) في 26 أيار/مايو الماضي. وبعد هذا الإنجاز الكبير بأسابيع، انتظر لوكا إنجازاً أكبر. وجد مودريش نفسه مجدداً محاطاً بكثير من الكاميرات وكل الأنظار متوجهة إليه. اختير اللاعب الأفضل في مونديال روسيا بعد أن ساهم في قيادة منتخب بلاده كرواتيا إلى المباراة النهائية للمرة الأولى في تاريخه، قبل الخسارة أمام فرنسا 2-4.
أم بالنسبة إلى رونالدو، الذي يعتبر اليوم بمثابة المرشح «الاعتيادي» لهذه الجائزة سنوياً، نظراً إلى مساهمته الكبيرة وخصوصاً على صعيد تسجيل الأهداف، في التتويج الثالث توالياً لفريقه في دوري أبطال أوروبا. ولكن غيابه عن التسجيل في الثلاث مباريات الأخيرة للـ«ميرينغي» في دوري الأبطال (مبارتي نصف النهائي أمام البايرن والمباراة النهائية أمام ليفربول)، حدّ من كونه مرشّحاً فوق العادة للظفر بالجائزة. سبب آخر يجعل المتابعين متيقنين من فكرة عدم فوز نجمهم المفضّل رونالدو بالجائزة، هو أن كريستيانو (33 عاماً) لم يقدم الأداء المتوقع في بطولة كأس العالم الأخيرة في روسيا. وعلى رغم تسجيله أربعة أهداف في الدور الأول بينها «هاتريك» ضد المنتخب الإسباني في الجولة الأولى (3-3)، لم يستطع نجم يوفنتوس الحالي في إيصال أبطال أوروبا 2016 إلى أبعد من الدور ثمن النهائي ( حيث خسرت البرتغال أمام الأوروغواي 2-0).
بالنسبة إلى المرشح الثالث، الفرعون المصري محمد صلاح، كان «أبو مكة» أقل المرشحين الثلاثة حظاً في رفع هذه الجائزة الفردية. وذلك لأسباب عدة لعل أهمّها عدم تحقيق أي لقب مع فريق ليفربول في الموسم الماضي. صحيح بأن «أبو صلاح» تمكن من الفوز بجائزة أفضل لاعب في العام في «البريميرليغ»، إضافة إلى حصوله على جائزة هدّاف الدوري، إلّا أنه وعلى ما يبدو، أن «الفيفا» تنظر وتجمع ما بين أمرين: الأداء الفردي إضافة إلى الإنجازات مع المجموعة ككل. وهذا ما شاهدناه من قبل قائد المنتخب الكرواتي لوكا مودريش الذي جمع بين الأمرين. من الأمور التي كانت مفاجئة في الحفل يوم أمس، هو أن لائحة المرشحين لم تتضمّن أي لاعب من التشكيلة الفرنسية التي أحرزت لقب مونديال 2018 (للمرة الثانية في تاريخ البلاد بعد 1998 في فرنسا). وكان أبرز المنتقدين لذلك هو المهاجم الفرنسي أنطوان غريزمان لاعب أتلتيكو مدريد الإسباني، الذي أحرز لقب كأس العالم، ولقب الدوري الأوروبي «يوروبا ليغ» مع فريقه، إضافة إلى الفوز بكأس السوبر الأوروبية على الغريم التقليدي ريال مدريد. وسأل غريزمان (27 عاماً) في مقابلة مع صحيفة «ليكيب» الفرنسية مع بداية هذا الشهر: «إنه أمر غريب، مؤسف. هذه جائزة يمنحها فيفا أليس كذلك؟ وكأس العالم ينظمها فيفا أليس ذلك صحيحاً؟». تصريح عبّر فيها الأشقر الفرنسي عن استيائه من هذا الحدث الغريب كما وصفه.
أخيراً، كل هذا الكلام من قبل غريزمان وغيره لن ينفع الآن، فهناك فائز وحيد بهذه الجائزة، وفائز استحق هذه الجائزة بسبب ما قدمه مع فريقه ومنتخب بلاده خلال السنة الماضية. على لوكا أن يفتخر بجائزة كسر من خلالها احتكار اللاعبين رونالدو وميسي عليه في آخر عشر سنوات. وكان ذلك عبر بوّابة المنتخب الوطني الكرواتي، الذي يقول نشيده: «أنا الكرواتي أحب بلدي، طالما قلبه الحي ينبض».
ورغم أن صلاح كان يعرف أن «حظه قليل»، لكن كان لافتاً أن التشكيلة المثالثة للعام، لم تضم أحد المرشحين الثلاثة لأفضل لاعب في العالم. هذا ما استدركه مودريش، الذي وجه التحية إلى محمد صلاح عند تسلّمه الجائزة قائلاً: «أمامك وقت للفوز بجائزة أفضل لاعب في العالم». وكأن قرارات الفيفا «السوريالية» ظنّت أن مراضاة محمد صلاح بجائزة أفضل هدف ستسهم في هضم «الفضيحة». لكن الفضيحة وقعت، ولم يكن أحد المرشحين الثلاثة لجائزة أفضل لاعب في العالم، لم يكن بين أفضل 11 لاعباً، وجرى «إسقاط» البلجيكي ادين هازار بدلاً منه. لم تحتفل «فيفا» بوجود «عربي» في أفضل 11 لاعباً في العالم؟ ربما. وقد فعلتها من قبل مع الجزائري رياض محرز، في مِثل الحفل الرأسمالي الذي أقامته أمس، وتقيمه كل عام. لكن ما حدث يبقى فضيحة، على مستوى عالٍ هذه المرة، فضيحة إلى درجة تثير الغثيان.