عادت الحياة إلى مدينة تورينو، وتحديداً إلى عشاق نادي يوفنتوس. قبل أسابيع فرحت المدينة بقدوم النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو من ريال مدريد، ولكن عشاق «السيدة العجوز» عاشوا 24 ساعة عصيبة، عقب الكلام عن إمكانية رحيل الأرجنتيني باولو ديبالا عن النادي بداية الأسبوع. الأخبار كاذبة، وديبالا باق مع اليوفي ليواصل اللعب إلى جانب رونالدو. قصة يتمنى عشاق يوفنتوس أن تكون نهايتها سعيدة، وأن تتكلل بالألقاب. الكل انتظر مشاركة رونالدو إلى جانب ديبالا. في أول مباراتين ظهر الـ«دون» منسجماً مع المجموعة. ومنذ اليوم كان الاهتمام منصبّاً على ثنائيته مع باولو ديبالا، «الجوهرة» سيلعب الآن إلى جانب «الدون» بعد أن فشلت تجربته مع ليونيل ميسي. «أهلاً بك رونالدو». بهذه التغريدة سبق الأرجنتيني باولو ديبالا الجميع في يوفنتوس للترحيب بزميله الجديد البرتغالي كريستيانو رونالدو. قد يبدو هذا الترحيب عادياً وطبيعياً من لاعب في فريق لزميله الجديد، لكن عندما يكون من ديبالا لرونالدو ويسارع «الجوهرة» إليه فيمكن أن يأخذ أبعاداً أخرى هنا.
في البداية كان ديبالا يرحب قبل كل شيء بشريكه الجديد في هجوم «اليوفي». الكل كان يعلم أن مواطنه غونزالو هيغواين سيخرج من «البيانكونيري» مع وصول «الدون» البرتغالي، وهذا ما حصل بالفعل عندما حلّ على ميلان. في اللقاء الأول لرونالدو مع زملائه الجدد في صالة التمارين الرياضية كانت التحية لافتة بين الأرجنتيني الشاب والبرتغالي. الصورة نالت إعجاب كثيرين وبدأ الحديث حينها عن الثنائية التي سيشكّلها ديبالا ورونالدو. في تدريبات الفريق استعداداً للموسم الجديد كان «الجوهرة» و«سي آر 7» يتدرّبان أكثر الوقت سوياً. بدا واضحاً أن ثنائيتهما تلوح في الأفق في يوفنتوس ولكن! لعب ديبالا ورونالدو مع بعضهما في مباراة كييفو، بدا الانسجام واضحاً بين اللاعبين، وقدم البرتغالي مباراة طيّبة. أما في المباراة الثانية مع لاتسيو فقد غاب ديبالا عن اللقاء، بحجة أن المدرب يقوم بتغيير الأسلوب. قال حينها المدرب ماسيميليانو أليغري أنه «بدون ديبالا، تصبح الأمور أكثر صعوبة، في الانتقال بين الخطوط، لكننا دافعنا بشكل جيد، وتمكنا من الظهور بشكل جيد في الشوط الثاني، أنا سعيد بالأداء، كانت أول مباراة مباشرة لنا مع أحد الأندية الكبرى بالبطولة، وسارت بشكل جيد». وقال أليجري: «ما يشغلني حالياً هو اختيار التشكيلة الأساسية للسيدة العجوز في كل مباراة، بيرنارديسكي يربط بين الخطوط مثل ديبالا، لكن الذين شاركوا في كأس العالم، وصلوا متأخرين لمعسكر اليوفي». ما جرى في مباراة لاتسيو لم يرُق كثيراً للاعب الارجنتيني الذي لم يخف غضبه من عدم إشراكه في اللقاء. وبحسب صحيفة «كورييري تورينو» الإيطالية، فإنَّ ديبالا كان جاهزاً تماماً للمشاركة في المباراة، التي فاز بها البيانكونيري بهدفين دون رد. وجاء في الصحفية «ديبالا أصيب بخيبة أمل لعدم وجوده في التشكيلة الأساسية في المباراة، حيث دفع ماسيميليانو أليجري بالثنائي ماريو ماندزوكيتش، وكريستيانو رونالدو».
سبق أن لعب رونالدو مع هيغواين لكن الأمور ستختلف مع ديبالا


في مدريد، سبق أن لعب رونالدو مع هيغواين، لكن الأمور ستكون مختلفة مع مواطنه ديبالا، إذ إن «الدون» يبحث دائماً عن اللاعب الذي يقدّم له الكرات ويصنع له الأهداف. ديبالا يمتلك القدرة الفائقة على فعل ذلك، أما الـ «بيبيتا» فمهمّته مختلفة. الجميع ينتظر كيف سيؤدّي الثنائي الأرجنتين البرتغالي. لكن ما يهمّ ديبالا هنا أنه سيلقى لاعباً يستطيع التفاهم معه ولا يحصل تداخل في الأدوار بينهما، إذ سيلعب «الجوهرة» إما وراء «الدون» كلاعب «تسعة ونصف» أو إلى جانبه أو في الجهة اليمنى بحسب خطط وتكتيكات المدرب ماسيميليانو أليغري. ولكن الخوف في إيطاليا اليوم أن يتكرر سيناريو مباراة لاتسيو، وأن لا يشارك الأرجنتيني أساسياً في المباريات المقبلة.
عند الحديث عن ثنائية رونالدو وديبالا يحضر ليونيل ميسي. هي مفارقة وضعت «الجوهرة» إلى جانب «الدون» في «اليوفي»، وهو في الوقت ذاته زميل لغريم البرتغالي و«غريمه» هو أيضاً، إذا صح القول، ميسي في منتخب الأرجنتين.
بطبيعة الحال هنا، فإن ثمة تحدياً لديبالا في لعبه إلى جانب رونالدو. المسألة تتعلّق بالمشاكل التي طفت إلى السطح قبل مونديال روسيا أو حتى منذ بروز موهبة ديبالا بينه وبين «ليو».
ديبالا عاش، ولا يزال، أياماً صعبة مع ميسي في «الألبيسيليستي». وصل الأمر بأن خرج بتصريح علني قال فيه بأنه لا يمكنه أن يلعب إلى جانب ميسي، وهذا ما استدعى توضيحاً من «ليو»، بعد أن أثار التصريح ضجة في الأرجنتين، ذكر فيه أنه و«الجوهرة» يلعبان في المركز ذاته ويؤدّيان الدور ذاته. لم تنجح بين الفينة والأخرى إشادات أحدهما بالآخر. في النهاية، على أرض الملعب، كانت الكلمة لميسي حتى قيل إنه كان سبباً في إحدى الفترات في إبعاد زميله عن صفوف المنتخب. في مونديال روسيا، فشلت الأرجنتين بقيادة ميسي. خرج ميسي أكبر الخاسرين، ومعه كان ديبالا خاسراً حيث بقي على مقعد البدلاء ولم يشارك إلا لدقائق معدودة. كان «الجوهرة» واقعاً بين فكّي خورخي سامباولي من جهة وميسي من جهة ثانية. ظلّت موهبة ديبالا في الظل، هي التي لمعت أمام ميسي نفسه عندما قاد يوفنتوس قبل عامين للإطاحة ببرشلونة من ربع نهائي دوري أبطال أوروبا بتألقه اللافت وتسجيله هدفين رائعين. خطف حينها «الجوهرة» الأضواء تماماً من «ليو».
الأمور تبدو مختلفة الآن مع ديبالا إلى جانب غريم ميسي رونالدو، وهنا أيضاً ليس مستبعداً أن يسعى «الدون» من جهته لمساعدة زميله الجديد وذلك لتسجيل نقطة في «حربه» مع ميسي ولو أنهما لن يكونا وجهاً لوجه من الآن فصاعداً. ولكن في المقابل ربما يكون لاليغري رأي آخر، ربما يفضل مدرب اليوفي إعطاء دور لرونالدو على حساب ديبالا، فيكون بذلك الأرجنتيني خرج من الظل إلى الظل. فنياً على أرض الملاعب ليس هناك تداخل في مراكز كل من ديبالا ورونالدو، ولكن ربما معركة النجومية تعود لتلوح في الأفق.
ولكن في نظرة هادئة، يمكن التكهن أن الكلمة الفصل هي عند اليغري، على اعتبار أن الحديث عن منافسة ستنشأ بين رونالدو وديبالا الطامح ليكون النجم الأوحد وأيقونة يوفنتوس فهو غير دقيق، إذ إن الأخير يُدرك صعوبة تخطيه رونالدو لاعتبارات عديدة حتى لو تفوّق عليه في الملعب، بالإضافة إلى أن وجود «الدون» في «اليوفي» سيكون مرحلياً لتقدّمه في السن فيما ستكون السنوات المقبلة أمام ديبالا، لا بل العكس فهو سيكسب من اللعب إلى جانب رونالدو، إذ إن نجاح البرتغالي في «اليوفي» يعني نجاح ديبالا. هذا ما يدركه الاثنان جيداً.