فجأةً ومن دون مقدّمات، استبعد الاتحاد اللبناني لكرة القدم المدرب المساعد في منتخب لبنان محمد الدقّة من بعثة المنتخب التي ستغادر إلى العاصمة الأردنية عمّان في أيلول المقبل، للقاء منتخبي الأردن وعُمان، ضمن الاستعدادات لبطولة كأس آسيا «الإمارات 2019». البعثة التي سيترأسها الأمين العام للاتحاد جهاد الشحف، سيغيب عنها المسؤول الإعلامي وديع عبد النور أيضاً، كما أن المستشار الفني يوسف محمد (دودو) قد يُستبعد هو الآخر، على رغم ورود اسمه في تعميم الاتحاد الأخير، كمدربٍ مساعد للمونتنيغري ميودراغ رادولوفيتش. الأخير لم يُبلّغ بهذه القرارات، وبطبيعة الحال، لم يُؤخذ برأيه باستبعاد مساعده الوحيد المقرّب من اللاعبين، وبالمستشار الفنّي، الذي أيضاً له علاقات طيّبة بلاعبي المنتخب، وله دور في التمارين. هذه القرارات تأتي قُبيل أولى استعدادات منتخب لبنان للبطولة الآسيوية التي تنطلق بعد خمسة أشهر، وغالباً، لن يكون من بعدها سوى مرحلتين استعداديتين، واحدة منها تتخللها مباريات وديّة. النتيجة هي أن بعثة المنتخب ستُغادر إلى الأردن بمساعدٍ واحدٍ للمدرب، هو مواطنه ميليتش كورسيتش، البعيد من أجواء اللاعبين، ومن دون مسؤولٍ إعلامي. لم يُستبدل مساعدٌ بآخر، ولا مستشار فنيّ بغيره، ولم يحضر مسؤولٌ إعلامي بديل. ولا تدعى وسائل الإعلام للمشاركة في تغطية نشاطات المنتخب، ولا من يدعون.هي المرّة الأولى التي يُذكر فيها في أحد بنود تعميم الاتحاد تشكيل البعثة التي تُغادر لبنان من أجل استحقاق ما منذ فترة. عادةً، كان يتكفّل «المسؤول الإعلامي» بمهمة إفادة الصحافة والإعلام بهذه الأمور قبل نحو أسبوع على السفر، مضيفاً أسماء اللاعبين المستدعيين. اليوم، غياب صاحب هذه المهمّة يعني انقطاع التواصل مع الإعلام، إلا إذا كانت للمدرب أو طبيب المنتخب أو المسؤول عن التجهيزات مهامٌ جديدة. أساساً، يغيب المنتخب عن السمع كُلّما غادر لبنان حتى بوجود مسؤولٍ إعلامي، ولنا في مباراة كوريا الشمالية ضمن التصفيات الآسيوية في أيلول 2017 ذكرى، حين نُشر في وسائل الإعلام اللبنانية أن نتيجة اللقاء انتهت بالتعادل السلبي، فيما كانت المباراة شهدت تسجيل أربعة أهداف!
منذ نحو أسبوعين عاد رادولوفيتش إلى لبنان. اجتمع مع مساعده الدقّة، وحضر مباراتين في كأس النخبة للوقوف على مستوى اللاعبين الدوليين، منتظراً انتهاء مباراة كأس السوبر الأحد المقبل حتى يُباشر التمارين قبل السفر إلى الأردن. هو كما الجمهور، علم بقرار استبعاد مساعده والمستشار الفني بعد صدوره في تعميم الاتحاد. لم يسأله أحد عن رأيه بهذه المسألة المهمّة، في خطوة فيها من عدم الاحترام للمدرب من جهة أولى، وهو الذي يعمل مع هذا الجهاز الفني حتى قبل انطلاق تصفيات البطولة الآسيوية، وعدم احتراف من جهة ثانية، إن كان باستبعاد المدرب المساعد، أو باستبداله في هذه الفترة.
لا تبدو هذه القرارات «فنّية»، وحُججها واهية. استبعاد مساعد المدرب بحجة أنه يعمل مدرباً في أحد الفرق ليس مقنِعاً، خصوصاً أنه عُيّن في حين كان يعمل مديراً فنيّاً في الصفاء في الموسم الماضي. والزعم أن القرار جاء بسبب السلوك (السهر مع اللاعبين) أيضاً غير مقنع، لأن العقوبة في هذه الحالة يجب أن تُفرض على الجميع، بمن فيهم اللاعبون، الذين كانوا ينشرون صورهم كل ليلة في معسكرات المنتخب الخارجية وإلى جانبهم الأركيلة والمأكولات السريعة، وبِعلم عضو الاتحاد الذي يترأّس البعثة. أما إذا كان الاستغناء عن المسؤول الإعلامي بداعي تكاليف السفر، فهذا يعني أن المنتخب في أزمة مالية يجب الوقوف عندها، إلا إذا كان الأمر يتعلّق بـ«تصفية حسابات» لا ترتبط بالمنتخب.
أمر أخير كان لافتاً في تعميم الاتحاد الأخير، وهو الموافقة على إقامة معسكر للمنتخب في قطر خلال الفترة من 13 كانون الأول حتى 22 منه، أي أن المعسكر ينتهي قبل أسبوعين على انطلاق البطولة الآسيوية، في حين أن المنتخب القطري، هو أحد المنافسين في المجموعة الرابعة التي يلعب فيها المنتخب اللبناني، ويلعب مباراته الأولى مع نظيره القطري! هذا بعد أن كان الاتحاد أعلن سابقاً عن معسكرٍ في الإمارات، مستضيفة كأس آسيا، يتخلله مباراة ودية مع تايلند، في الشهر عينه الذي سيُقام فيه المعسكر القطري. هكذا يبدو أن الاتحاد قرر استبدال المعسكر الإماراتي بآخر قطري، ذلك لأن المتعارف عليه أن معسكرات المنتخب في قطر تكون «مجانية». لكن كيف يُجري المنتخب تمارينه الاستعدادية الأخيرة للبطولة الآسيوية على أرض المنتخب الذي ينافسه في المجموعة؟
على أبواب كأس آسيا، ينتظر الجمهور فرحةً غائبة عن كرة القدم اللبنانية. هذه القرارات الاتحادية غير المبررة لا تضرّ سوى بالمدرب واللاعبين، وبالمنتخب بطبيعة الحال، والأخير يجب ألا يدفع ثمن التخبّطات وتصفية الحسابات.