جاء موعد المباراة الأولى للفريق الذي يأمل الكثيرون أن يقدّم هذه السنة أداءً مميّزاً في الـ«سيري إيه». يريد عشاق ميلان أن يشاهدوا فريقهم بصورة مغايرة لما كان عليه الوضع في السنوات الأخيرة. المباراة الأولى، ميلان في مواجهة فريق الجنوب نابولي وعلى ملعب الأخير في السان باولو، الملعب الذي اكتظ بالجنوبيين، بالمشجعين المتعصبين لناديهم. أجواء اعتدنا عليها في أي مباراة للـ«سيليستي» في معقله، إضافة إلى لقطة العناق الحار قبل صافرة البداية بين مدربي الفريقين جينارو غاتوزو وكارلو أنشيلوتي، لقطة أعطتنا نوعاً من التفاؤل بمباراة ستكون ممتعة بين الفريقين. عناق وحب من الخارج، تقابلهما روح تنافسيّة من الداخل، فكل من المدربين سيحاول أن يثبت نفسه كمدرّب قادر على صناعة الفارق لناديه ولاعبيه. بدأت المباراة بالطريقة التي يجب أن تبدأ بها، استحواذ كبير على الكرة من قبل لورينزو إنسيني ورفاقه. هذا نابولي وهذا السان باولو. استمرّ الضغط النابوليتاني على مرمى الحارس الشاب جيانلويجي دوناروما، دون أن يسفر عن خطورة تذكر. حتّى جاءت الدقيقة 15 من عمر المباراة التي حملت معها الخبر السار للـ«روسونيري». هدف على طريقة لاعب ميلان السابق زلاتان إبراهيموفيتش، تسديدة «أكروباتية» من لاعب خط الوسط والذي يعتبر من بين أبرز لاعبي ميلان في السنوات الأخيرة، جياكومو بونافينتورا.تقدّم صدم به بونافنتورا جماهير الفريق الأزرق الذي كان مهاجماً منذ البداية، فلم يتوقع لاعبو نابولي ومدربهم هدفاً في الدقائق الأولى من المباراة. لم يستسلم أحفاد مارادونا، بل حاولو الوصول مراراً وتكراراً إلى مرمى الحارس دوناروما، ولكن ثنائي الدفاع، قائد الفريق أليسيو رومانيولي والأرجنتيني موساكيو كانا بمثابة الحائط الذي منع جميع كرات هجوم نابولي. هنا الأمر ليس اعتيادياً، فأن تقف في وجه هجوم فريق اعتاد على التسجيل في كل مباراة يلعبها وبأرقام كبيرة، هذا يعني أمراً واحداً، ميلان غاتوزو ناجح حتّى اللحظة التي انتهى معها شوط المباراة الأوّل.
تحركات المهاجم الأرجنتيني غونزالو هيغوايين لم تشكل خطورة على دفاع نابولي


على الورق، تشكيلة «الديافولو» ليست بالقويّة، وقرر غاتوزو أن لا يشرك سوى لاعب واحد من الصفقات الجديدة التي أبرمها خلال فترة الانتقال الصيفية الأخيرة. أبقى جينارو كلاً من الأوروغواياني لاكسالات، وجناح فياريال السابق سيمو كاستييخو على مقاعد البدلاء، حالهما كحال الصفقة الأخيرة التي أبرمها النادي قبل إقفال سوق الانتقالات، وهو الفرنسي تيمو باكايوكو. في كرة القدم كما في الحياة، كل قاعدة لها استثناء، بدأ غاتوزو المباراة بالمهاجم الأرجنتيني الوافد الجديد إلى قلعة «السان سيرو» غونزالو هيغوايين. الأخير لم يكن مرتاحاً طيلة المباراة، بل إن تحركّاته حدّ من خطورتها المدافع السينغالي كوليبالي، إضافة إلى عدم وجود صانع ألعاب حقيقي قادر على صناعة التمريرات الحاسمة في الوقت المناسب. افتقد غاتوزو أيضاً لخدمات لاعبه التركي هاكان شالهانوغلو بسبب الإيقاف. في الشّوط الثاني، استمرّ المشهد على ما انتهت عليه حصّة المباراة الأولى، ضغط من نابولي يقابله مرتدّات ميلانية. نجح الفريق اللومباردي من تسجيل الهدف الثاني عبر الظهير الأيمن دافيدي كالابريا. ومع تسجيل الظهير الإيطالي الصغير لهدف ميلان الثاني، كانت نقطة تحوّل المباراة. بدأت عجلة ضغط فريق الجنوب في الدوران من جديد، حتّى تمكن لاعب خط الوسط البولندي بياتر زيلينسكي من تسجيل هدفين حقق بهما التعادل لفريقه، وسط صدمة لاعبي ميلان. نقطة يجب التوقف عندها، الاختلاف والفارق الكبير بين مدربي الفريقين. قراءتهما للمباراة مختلفة، الشخصية من السهل أن تلاحظها. ظهر ميلان غاتوزو وكأنه يلعب على التعادل، من بداية المباراة حتى بعد أن تلقّى الهدف الثالث من البلجيكي دريس ميرتينز. لا وجود لنزعة وروح هجوميّة تجعل المشجعين يتأملون في أن ميلان قادر على العودة من جديد في المباراة. أنشيلوتي «الداهية» قام بإجراء تغييرات «ذكيّة» خلال اللقاء، أوّلها بإدخال أمادو دياوارا كلاعب ارتكاز جاهز بدنياً والثاني بإقحامه ميرتينز في مركز الجناح، لاعبان جاهزان بدنياً عززا من قدرة نابولي على محاصرة ميلان والحد من خطورة لاعبيه. مباراة انتهت عند نتيجة 3-2. نتيجة عندما يراها الـ«ميلانيستا»، يعتقد بأن فريقه قدّم مباراة بطولية أمام فريق هجومي وفي السان باولو، إلّا أن الواقع مختلف كثيراً. أسوأ مباراة لميلان من الناحية «التكتيكية» منذ وقت، أي بمعنى أدق، أسوأ مباراة لغاتوزو، الذي يواصل عجزه عن صنع ميلان مختلف، ميلان قادر على مواجهة أندية إيطاليا التي تمتلك بمعظمها مدربين قادرين على صنع الفارق. في إسبانيا مثلا هناك لاعبون قادرون على صنع الفارق، ليونيل ميسي مع برشلونة، أو أنطوان غريزمان مع أتلتيكو مدريد، ولكن من يعرف الكرة الإيطالية، يدرك أنه على المدرب أن يقدم الكثير، وهو ما يعجز عنه غاتوزو حتى اللحظة.