مفاجآت كرة السلّة اللبنانيّة لا تنتهي. فبعد أيّام على انتخاب أكرم الحلبي رئيساً للاتحاد اللبناني للعبة وإعادة عجلة الحياة بعد حوالى سنتين من الخلافات، عادت المفاجآت مرّة أخرى إلى كرة السلّة وهذه المرّة من بوابة المنتخب الأوّل. مصادر في لجنة المنتخبات الوطنيّة تحدّثت عن توجه الاتحاد لفسخ عقد مدرب المنتخب الأوّل (رجال) باتريك سابا بالتراضي، نتيجة تفاقم المشاكل بينه وبين بعض لاعبي المنتخب. وكانت قد حصلت مشادة كلاميّة خلال مباراة لبنان وسوريا الأخيرة ضمن المرحلة الثانية من تصفيات كأس العالم التي جمعت المنتخبين على ملعب مجمّع نهاد نوفل في ذوق مكايل، بين سابا ولاعب نادي الرياضي بيروت السابق ونادي بيروت الحالي علي حيدر، دفعت المدرب إلى إبعاد حيدر عن التشكيلة التي خاضت المباراة حينها. وتحدّثت مصادر قريبة من لجنة المنتخبات أن المشاكل بعدها تفاقمت بين سابا وبعض اللاعبين داخل المنتخب، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى إبعاد سابا عن المنتخب، نتيجة سوء الأجواء داخل المنتخب الأوّل، قبل أن يخوض المرحلة الثالثة والحاسمة من تصفيات كأس العالم المقررة في الصين عام 2019. وسيواجه لبنان منتخبات الصين ونيوزلندا وكوريا الجنوبيّة، إضافة إلى الأردن وسوريا. والجدير ذكره أنّ سابا حقق نتائج إيجابيّة خلال الأشهر القليلة التي قضاها مع المنتخب، مقارنة بنتائج المدرب الليتواني السابق راموناس بيتاوتاس. وحقق سابا فوزاً على الأردن بفارق نقطة ضمن تصفيات كأس العالم وفوزين كبيرين على سوريا والهند. إذ معروف عن سابا خبرته الكبيرة، وأسلوبه الدفاعي المحكم.
إنجازات الرياضي خلال الموسمين الماضيين وفوزه في آسيا هو نتاج لما زرعه المدرب اليوناني

وفي حال تمّ الاستغناء عن خدمات سابا، فإنّ الاسم الأقرب المتوقّع أن يترأس الجهاز الفني للمنتخب الأوّل هو مدرب نادي الرياضي بيروت السابق اليوناني ـ المونتينيغري سلوبودان سوبوتيتش المعروف بـ«بيكسي». ويعتبر سوبوتيتش من أهم المدربين في الوقت الحالي في بلدان منطقة حوض المتوسط، نتيجة الخبرة الكبيرة التي يمتلكها. وكان سوبوتيتش قد درّب نادي الرياضي بيروت بين عامي 2012 و2016 وحقق معه عدداً من البطولات المحليّة الآسيويّة، كما كان له الفضل بزرع بذرة اللعب المنظّم المعروف بـ«كرة السلّة الأوروبيّة» في لبنان، وهي كرة السلّة الحديثة التي تعتمد على الخطط والتكتيك العالي. وباعتراف عدد كبير من خبراء كرة السلّة المحليين، فإن إنجازات الرياضي خلال الموسمين الماضيين وفوزه في بطولة آسيا هو نتاج لما زرعه المدرب اليوناني في نادي المنارة، دون الانتقاص من الجهد الكبير للمدرب أحمد فرّان. واكتسب «بيكسي» خبرته الطويلة من الملاعب الأوروبيّة، إذ بدأ مسيرته التدريبية في عام 1994 مع إيراكليس اليوناني، وأشرف على أندية كبيرة في أوروبا مثل باناثينايكوس اليوناني بين 1997 ـ 1999 وأولمبياكوس اليوناني أيضاً بين 2002 و2003، إضافة إلى منتخب سلوفينيا وغيرها من الأندية.
وعلى ضوء ما يقال، فإنّ سؤالاً كبيراً يُطرح اليوم في حال تولّي سوبوتيتش لهذه المهمة، وهو قدرته على إدارة المنتخب وبعض اللاعبين اللبنانيين (أصحاب الرؤوس الحامية) وهنا لا نتحدّث عن علي حيدر بل على مجموعة من اللاعبين اللبنانيين الذين يتصرّفون منذ سنوات بأسلوب بعيد عن الاحتراف إلى حدّ كبير، إذ إنّه من المعروف عن المدرب اليوناني قوّة شخصيّته وعدم تهاونه مع اللاعبين خلال التدريبات أو المباريات، وهو ما أدى خلال فترة تولّيه تدريب الرياضي بيروت إلى حصول خلافات بينه وبين بعض اللاعبين بينهم فادي الخطيب حينها، وخرج من نادي المنارة نتيجة تراكم الخلافات كما هو معلوم في ذلك الوقت.
رحيل سابا وقدوم سوبوتيتش يبقى حتى اللحظة في إطار حديث المكاتب بانتظار صدور قرار رسمي من اتّحاد اللعبة الذي عقد اجتماعاً مؤخراً برئاسة الرئيس الجديد أكرم الحلبي وضم رؤساء ومسؤولي أندية الدرجة الأولى للرجال والسيدات، وتناول البحث الشق المالي المتعلق بالنقل التلفزيوني وأموراً تتعلق ببطولتي لبنان للدرجة الأولى (رجال وسيدات)، واستفسر الحاضرون من رئيس الاتحاد حول عدد من المواضيع. ولكن لم يؤت على ذكر إقالة سابا. وفي حال تم التخلي عن سابا والتعاقد مع سوبوتيتش أو أي مدرّب آخر فإنها ستكون مخاطرة حقيقيّة للاتحاد «المتجدد» برئاسة الحلبي قبل أسابيع من المرحلة الثالثة والحاسمة من تصفيات كأس العالم 2019، إذ إن الفترة لن تكون كافية للمدرب الجديد لوضع بصماته وفلسفته على المنتخب الأوّل.