سجل فابيو غروسو ركلة الترجيح الاخيرة لايطاليا في مرمى فابيان بارتيز ليتوّج "الآزوري" بطلاً للعالم للمرة الرابعة. تتويج حمل معه أنباءً سارة لفابيو كانافارو الذي توّجه "الفيفا" بعدها بجائزة افضل لاعب في العالم لعام 2006. منح كانافارو الجائزة المرموقة لا يزال يثير الجدل حتى اليوم، فهو حصل عليها في موسم قدم فيه رونالدينيو أفضل ما لديه ليتوّج مع برشلونة الاسباني بدوري ابطال اوروبا. كما قدّم زيدان مونديالاً سيبقى خالداً في ذاكرة كرة القدم.
الامر عينه تكرر في مونديال 2010 عندما توّجت اسبانيا باللقب، حيث قدّم اندريس اينييستا وشافي هرنانديز نفسيهما على أنهما الافضل في العالم، لكن ميسي فاز بالجائزة رغم أنه لم يتوّج سوى بالدوري الإسباني. وفي مكانٍ آخر، كان الهولندي ويسلي سنايدر الذي خسر نهائي كأس العالم قد حقق كل الالقاب الممكنة مع ناديه انتر ميلانو، لكنه لم يكن أحد المنافسين الجديين على الجائزة (بنظر الفيفا)!

احتكار ميسي ورونالدو
بعدها بعامين، بدأت الهيمنة الثنائية على كل ما يخص جائزة الأفضل في العالم بين النجمين الارجنتيني ليونيل ميسي والبرتغالي كريستيانو رونالدو. عشرة أعوام تقاسم فيها كل منهما الجائزة بالتساوي (5 لكل منهما). والغاية من هذا الطرح ليس التشكيك في قدرات الثنائي، لأنه لا خلاف على أن مستواهما في كفة والبقية في كفة أخرى، لكن السؤال الذي يطرح نفسه ما هي المعايير التي تُمنح على أساسها جائزة أفضل لاعب في العالم، وتحديداً في العام المونديالي؟
الاتحاد الدولي لكرة القدم لم يكن واضحاً حيال هذا الأمر. فإذا كان دوري أبطال أوروبا هو المعيار، فلما لم يتوّج بها الفرنسي فرانك ريبيري أو الهولندي أريين روبن عندما توّجا مع بايرن ميونيخ الالماني بالثلاثية، لتعلو الانتقادات القائلة بأن المعيار على ما يبدو هو اللعب في برشلونة أو مواطنه ريال مدريد. أما إذا كانت كأس العالم هي الحدث الأكبر لـ«الفيفا»، فمن المفترض أن يخرج لاعب العام من البطولة التي تنظّم كل أربع سنوات.
وبعيداً من كل الفرضيات، فإن ميسي ورونالدو خرجا من دور الـ16 في مونديال روسيا، من دون أن يقدما ما هو متوقّع منهما، أي قيادة بلديهما الى المجد.
إذا كان المونديال المعيار فإن أحد الأبطال المقبلين سيكون الأفضل في العالم


كذلك فإن المنافس الثالث لهما على جائزة الافضل، أي البرازيلي نيمار، فإنه لم يظهر حتى الآن بالمستوى الكبير، وهو رغم تسجيله هدفين مهمين، فقد عابته الحركات «الطفولية» التي يقوم بها، لكنه يملك فرصة ليكون على عرش الكرة اذا ما عاد بالكأس إلى ريو دي جانيرو، ليسير على خطى رونالدو الذي منح البرازيل لقبها الخامس في 2002، علماً بأن «الظاهرة» عامذاك قضى معظم موسمه مصاباً، لكنه مُنح جائزة أفضل لاعب في العالم بعدما سجل سبعة أهداف، ليحرز لقب هداف لمونديال كوريا واليابان.
من هنا، خلت الساحة أمام أسماء أخرى لتقترب أكثر من تحقيق الإنجاز بالفوز بلقب كأس العالم، آملة تكرار ما حدث مع كانافارو والفوز بجائزة الافضل أو الكرة الذهبية التي تمنحها بدورها مجلة "فرانس فوتبول" الفرنسية.

مودريتش يقدّم نفسه
ولطالما كان لاعب وسط الميدان، «رجل الظل» في الفريق إذا صح التعبير، لأن انجازات ناديه والأداء الجيد لفريقه يعودان بالأضواء إلى من يسجل الأهداف ويلعب في الهجوم. وهذا هو حال الكرواتي لوكا مودريتش في ناديه ريال مدريد، ولكن في كرواتيا الأمور مختلفة الى حدٍّ كبير. يقدّم مودريتش واحداً من أفضل المونديالات في مسيرته، حيث يلعب في كأس العالم للمرة الثالثة بعد 2006 و2014. واستطاع شبيه «الهولندي الطائر» يوهان كرويف قيادة منتخب بلاده إلى الدور الثاني للمرة الأولى منذ أن وصلت كرواتيا إلى نصف نهائي فرنسا 1998 وحققت المركز الثالث.
مودريتش يقدّم نفسه اليوم مرشحاً لجائزة افضل لاعب في العالم، وخصوصاً اذا ما فازت كرواتيا باللقب، ليضمّه بالتالي الى لقب دوري الابطال الذي أحرزه مع الريال. هو يحيي اليوم ذاكرة الكرواتيين، معيداً اليهم حلم زفونيمير بوبان ودافور شوكر، عندما بلغت كرواتيا بقيادتهما ربع النهائي في مونديال فرنسا. ومثلهما يجعل وجوده أداء من حوله أفضل، وقد سجل هدفين في البطولة ومرر كرات صحيحة بنسبة 86% في 4 مباريات، كما اختير لجائزة أفضل لاعب في مباراتين.

مبابي «المراهق الذهبي»
«المراهق الذي أخرج الأرجنتين». هكذا كان أبرز عناوين المباراة بين فرنسا والأرجنتين، وذلك بعدما ظهر ذاك الفتى الذي يدعى كيليان مبابي (19 عاماً) ليسجل هدفين في مرمى «راقصي التانغو»، ويثبت أنه ليس مجرد لاعب تسلطت عليه الأضواء فقط لأنه ذهب إلى العاصمة باريس ولعب في سان جيرمان منتقلاً بمبلغ كبير، بل لأنه يستحق ذلك. قدّم مبابي أداءً رائعاً ليصبح أصغر لاعب يسجل هدفين في كأس العالم بعمر 19 عاماً و6 أشهر، منذ مايكل أوين في كأس العالم 1998 بعمر 18 عاماً و6 أشهر، فهو أظهر شخصيته القوية في مباراة الأرجنتين حيث لعب بثقة واضحة. وإذا وصلت فرنسا إلى النهائي وحصل «الديوك» على نجمتهم الثانية وبقي أداء مبابي كما كان في المباراة الأخيرة، فقد يكون مرشحاً جديّاً لجائزة أفضل لاعب في العالم، كما حصل مع زيدان في مونديال 1998.
باختصار، حمل مونديال 2018 الكثير من المفاجآت، منها خروج المانيا والبرتغال والأرجنتين مبكراً، وإقصاء روسيا لإسبانيا، فلمَ لا يحمل معه مرشحاً أو وجهاً جديداً لجائزة أفضل لاعب في العالم؟