أقامت المجموعة اللبنانية للإعلام في قناة المنار، الاثنين الماضي، مهرجان كرة المنار الثاني والعشرين، المخصص لتوزيع الجوائز على أفضل لاعبي الموسم الكروي. بادرة «لافتة» كالعادة. لكن المهرجان لم يسلم من الاعتراضات من قبل الجمهور كحال النسَخ الماضية، بسبب الأخطاء في آلية التصويت المعتمدة، وهويات الفائزين، والتنظيم. مرة جديدة، يُخطئ المنظمون بحقِّ اللاعبين، وهم أساس اللعبة، على حساب السياسيين ورجال المال والأعمال.هي العادة دائماً في جميع «المجالس» اللبنانية مهما اختلفت ألوانها ومناسباتها، أن يُمجَّد السياسيون و«يستولوا» على الأضواء، حتى في الرياضة. كيف إذا كنا على أبواب انتخابات؟ لا بل الانتخابات على الأبواب. هكذا، وفي مهرجان كرة المنار الثاني والعشرين، المخصص لتوزيع الجوائز على أفضل لاعبي الموسم الكروي، احتل السياسيون الصفوف الأمامية في الصالة، التي استضافت المهرجان، إلى جانب إداريي الأندية والرُعاة وأعضاء اتحاد كرة القدم وغيرهم. اُبعد اللاعبون، وهم أساس اللعبة، إلى الصفوف الخلفية. إلى الصف السابع تحديداً! وما بعده.
الصدمة كانت عدم اختيار مهاجم العهد حسن شعيتو «موني» في التشكيلة المثالية

يمكن أن نتفهّم أن المهرجان يقوم على تبرّعات رجال الأعمال «الطيبين». وأن الجوائز المادية معظمها تكون من تقديمهم ــ وهم مشكورون إذا أردنا احترام نمط الإنتاج الرأسمالي ــ إنما من غير الجائز، أن يكونوا هم جُزءاً من الحدث، وعلى حساب اللاعبين. كان بإمكان القائمين على المهرجان أن يذكروا أسماء المتبرعين مرةً واحدة، أو حتى عند تقديم كل جائزة مادية، أو الاكتفاء بعرض أسماء الشركات الداعمة على اللوحة الإلكترونية. يمكن، لغياب الدولة، وبما أن التكريم صار خاصاً وليس رسمياً في العرف، أن «نساير» الاحتفال «الرأسمالي»، ولكن، أن يُبعد اللاعبون إلى الخلف تماماً، فهذا كثير. صعد رجال الأعمال إلى المنصة لتسليم الدروع والجوائز، ومرة اُخرى، غاب نجوم اللعبة. إذاً، أين المهرجان؟ لم يكن لـ«القدامى» واللاعبين والمدربين السابقين دورٌ في المهرجان، والذين حضروا منهم بقوا جالسين على المقاعد الخلفية. في دول أخرى، وفي مناسبات «تكريمية» أخرى، حيث للرياضيين قيمة، يُكرّم النجوم بحضورهم في الصف الأمامي، وتسليمهم الجوائز بأنفسهم إلى الفائزين. أما عندنا، فالذين قدّموا الكثير للعبة منسيون، إن كان من الدولة أو الاتحاد أو الأندية، وكان يجب على القائمين على المهرجان أن يلفتوا نظر الحاضرين من المسؤولين إلى اللاعبين والمدربين السابقين، وخاصةً أولئك الذين لم يفوزوا سوى بقلوب المشجعين وباتت حالتهم المادية سيئة. ألم يشاهد القيّمون على المهرجان، في حياتهم، تكريماً؟ هل رأوا في حياتهم مصرفياً أو صاحب شركة يسحب قرعة دوري الأبطال مثلاً؟

الجوائز «الملتبسة»
هذا بالنسبة إلى التنظيم. الأهم، لدى الجمهور واللاعبين، هو الجوائز. هذه المرة، كانت هناك نقلة نوعية في طريقة التصويت، إذ طُرحت أسماء المرشحين عبر تطبيقٍ إلكتروني بدلاً من الورق. إلا أن المُشكلة كانت بآلية التصويت. فالمرشحون عن مركزي الظهيرين مثلاً وُضعوا في خانةٍ واحدة، حيث لا يُمكن للمُصوّت أن يختار لاعباً في كل مركز، وعليه أن يكتفي بخيارٍ واحد، وبالتالي يحصل صاحبا أعلى نسبة تصويت على الجائزتين. وهكذا، فاز الظهيرين حسين الزين ومحمد زين طحان، اللذين يشغلان الجهة اليمنى، على المركزين، وحتى إن المركز الثالث ذهب إلى نصار نصار، الذي يلعب في الجهة عينها أيضاً. الأمر نفسه تكرر في مركزي الجناحين اللذين حصل عليهما حسن معتوق وأحمد زريق. الصدمة كانت عدم اختيار مهاجم العهد حسن شعيتو «موني» في التشكيلة المثالية. ذلك رغم أن المهرجان تنظمه «المنار»، و«المنار» ــ على سبيل المزاح ــ محسوبة على نادي العهد. هنا، يجب التنويه أن القائمين على المهرجان لا يُشاركون في اختيار اللاعبين لنيل الجوائز، بل يولون المهمة إلى الصحافيين والإعلاميين والرياضيين و«الخبراء»، وأن الأمر يحدث بنزاهة. لكن «موني» هو اللاعب الذي قدّم موسماً رائعاً، مشاركاً بتسجيل 13 هدفاً في 22 مشاركة خلال الدوري، لم يكن في التشكيلة، وحلّ مكانه زميله زريق، الذي غاب عن ست مباريات، وشارك في تسجيل ثمانية أهداف. عدا عن ذلك، الأهداف التي سجلها الأخير لم تكن في شباك أي من الفرق الستة الأولى في ترتيب الدوري، ولم تساهم بالفوز سوى بثلاث نقاط بشكلٍ مباشر. أما «موني»، فزار مرمى وصيف الدوري النجمة وصاحب المركز الثالث الصفاء مرتين، والسلام زغرتا ثلاث مرات، وهو ثاني هدافي الدوري، حتى إنه كان من المرشّحين للفوز بجائزة أفضل لاعب. غيابه أثار استياء جميع الجماهير، بمن فيهم جمهور العهد، الذي احتار بين المطالبة بوجود شعيتو أو تهنئة زريق. أما الأخير، فتسلّم جائزته وأهداها إلى زميله، ربما بسبب وجوده في المستشفى بسبب الإصابة، وربما لأنه رأى أنه يستحقها هو الآخر. لن ندخل في النيات. لكن الأكيد، أن «الخبراء» أخفقوا.
كذلك، سُجلت نقطةٌ سلبيةٌ أيضاً، هي غياب جائزة «أفضل حكم» للمرة الثانية توالياً. لعلَّ غيابهم عن المباريات المهمة في البطولة والاعتماد الملتبس وشبه الدائم على الحكم الأجنبي كان له دورٌ في ذلك.



عطوي «بيكسر وبشوط»
لم يُختر متوسّط ميدان الأنصار عباس عطوي، الملقّب بـ«أونيكا»، في التشكيلة المثالية. ونال زميله السابق محمد حيدر مركز صانع الألعاب بدلاً منه. على صعيد الأرقام، اللاعب البالغ من العمر 32 عاماً تفوّق على كل المنافسين، فصنع 12 هدفاً وسجل هدفين مشاركاً في جميع مباريات فريقه.
أما حيدر، فشارك بتسجيل تسعة أهداف، مقابل ثمانية أهداف لنادر مطر. ربما وجهات النظر تختلف بالنسبة الى المصوّتين، حول أهمية الأهداف التي شارك فيها لاعب العهد، إلا أن الأداء يُقاس بموسمٍ كامل، والإحصائيات والمستوى يشيران إلى غياب حيدر عن مرحلة الذهاب، فيما كان لاعب وسط الأنصار يلعب الدورين الدفاعي والهجومي، وهو ما لا يُلزم فيه منافسه، لوجود لاعبين خلفه في الخط عينه. عموماً، من المهم إنصاف «أونيكا»، وربما كان من الأجدر أن يُرشّح إلى مركزٍ آخر، غير صانع الألعاب والارتكاز. عطوي أثبت هذا الموسم أنه يبقى من بين أفضل اللاعبين في لبنان، على الرغم من تقدّمه بالعمر. فعلاً كما قال: «بيكسر وبشوط».