بدأ العمل «الغربي» على تنفيذ «أجندات» رياضية في فلسطين، منذ عام 1928 - 1929. في تلك السنوات، التي سبقت إِقامة كيان الاحتلال، كان ممثّلو سلطات الاستعمار البريطاني يمتلكون شَرِكَةَ «الرياضة المفتوحة» التي أَشرفت على تأسيس المنتخب «الإسرائيلي - الفلسطيني» برعاية بريطانيّة حينها. وشارك هذا المنتخب الذي تألّف في البداية من لاعبين هواة فلسطينيين ومهاجرين يهود، وبعض البريطانيين، بمباريات ودّية تمهيداً للمشاركة في مونديال إيطاليا عام 1934. المفارقة أن إيطاليا كانت فاشية آنذاك.مشاركات المنتخب «المركّب» بدأت في مصر من خلال المباريات الوديّة. وهذه مفارقة أخرى. لعب ذلك المنتخب مع المنتخب المصري والأندية المصريّة التي كانت موجودة حينها في القاهرة والإسكندرية. وبعد تأسيس الكيان الصهيوني بدعم غربي بات المنتخب الإسرائيلي مشاركاً ثابتاً في جميع المباريات التمهيديّة للمونديال، واشترك في مباريات كأس آسيا والألعاب الأولمبيّة. كان حينها يَلعَب في التصفيات عن قارّة آسيا. حلّ منتخب الكيان الصهيوني وصيفاً لبطولة آسيا في مناسبتين 1956 و1960 كما حَمل لقب البطولة مرّة واحدة عام 1964. تَوالت الأيّام وزادت الاعتراضات من الدّول العربيّة على منتخب الكيان الصهيوني وأندِيته، ومطالبتها الاتحاد الآسيوي لكرة القدم بعدم السماح لهم بالمشاركة آسيوياً، على اعتبار أنّ القوانين الدوليّة تَمنع مشاركة منتخب أو أندية تمثّل سلطة احتلال لدولة أخرى. وفي عام 1970 رفض نادي هومنتمن اللبناني مواجهة فريق هابويل تل أبيب ضمن بطولة دوري أبطال آسيا، وفي البطولة ذاتها عام 1971، انسحب فريق الشرطة العراقي من المباراة النهائيّة لرفضه الّلعب أمام فريق ماكابي تل أبيب. وأمام هذه الاعتراضات خرج اتحاد الكيان الصهيوني من آسيا في سبعينيات القرن الماضي، ولعب لفترة مع منتخبات قارة أوقيانوسيَا (أوستراليا). وفي بداية التسعينيّات انضم الاتحاد الصهيوني إلى أوروبا، إلى «المركز». ولا يزال منذ ذلك الوقت يشارك بانتظام في الدوريات الأوروبية وتصفيات بطولة أوروبا والعالم مع القارة العجوز، رغم أنه لا ينتمي جغرافياً إلى تلك البقعة. ينتمي إلى هناك ببعده الاستعماري وحسب.
رياضياً، لم يحقق أي نتائج إيجابية على المستوى الدولي منذ عام 1996. كما أن الأندية الإسرائيلية لم تتمكّن من الوصول إلى دوري أبطال أوروبا سوى في 5 مرّات عبر مكابي تل أبيب، ومكابي حيفا وهبوعيل تل أبيب.

انتهاك للقوانين الدوليّة
قرار الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» بنقل مشارَكَة منتخب الكيان الصهيوني إلى أوروبا وقبلها إلى قارّة أوقيانوسيا، شكّل تجاوزاً للقوانين التي تنص على عدم السماح لمنتخب معيّن باللعب بعيداً عن الأراضي التي يقوم عليها. والقصة من سيئ إلى أسوأ: يستمرّ الاتحاد الدولي بتغاضيه عن خرق أندية الكيان الصهيوني والمنتخب للقرارات الدوليّة. ومنذ أكثر من سنتين يواصل الـ»فيفا» رفضه دراسة توصيات إنسانية، من بينها تقارير لمنظمة «هيومن رايتس ووتش» التي تندد بممارسات كيان الاحتلال في مناطق الضفة الغربية المحتلّة، ورعاية الاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم للمباريات في مناطق الضفة على الأراضي الاستيطانيّة، وهو ما يعتبر مخالفة للقانون الدولي، إذ لا يحق لدولة القيام بنشاط رياضي على أرض محتلّة من دولة أخرى. وتطالب «هيومن رايتس ووتش» الاتحاد الدولي لكرة القدم بحماية حقوق الإنسان، والضغط على اتّحاد الكيان الصهيوني لإجبار أندية المستوطنات على نقل نشاطها. ويطال هذا الخرق ستّة أندية مُقامة على أراضي استيطانيّة تشارك في الدوريات الإسرائيليّة المختلفة، إضافة الى المشاركات الخارجيّة، وهو الأَمر الذي يُخالِف قوانين الاتّحاد الدولي والأمم المتحدة باعتبار أنّ تلك الأَراضي تقع تحت الاحتلال، ولا يجوز للسلطات المحتلّة مُمارسة أَي نشاط رسمي عليها. وتَقَع هذه الأندية في مستوطنات «معاليه أدوميم» - «أرييل» - «كريات أربع» - «جبعات زئيف» - «آرفوت هياردين» والمعروفة بـ»وادي الأردن».
وطبعاً، يأتي دعم أندِيَة المستوطنات من «فيفا» على حساب النشاط الرياضي الفلسطيني، حيث تهدم سلطات الاحتلال على الملاعب الشعبيّة الفلسطينيّة. ولا تسمح بتأسيس أندية رياضيّة وملاعب جديدة سواء مُغلقة أو مكشوفة في أراضي الضفة الغربية المحتلة. كما تعمل على قضم الأراضي وتحويلها إلى تجمّعات استيطانيّة، ثم تؤسس عليها أندية رياضيّة للمستوطنين. والأنكى أن الاتحاد الدولي اعترف بهذه الفرق. وقبل أقلّ من عام أوقفت سلطات الاحتلال العمل في ملعب مدينة سلفيت شمالي الضفة الغربيّة المحتلة، بعدما اقتحمت المنطقة المخصصة لإقامته، ووضعت يدها عليها، لتكون في المستقبل امتداداً لمستوطنة «أريئيل»، التي تمّ بناؤها على أراضي أهالي سلفيت. وكان الفلسطينيون قد تبرعوا بهذه الأرض التي تبلغ مساحتها أكثر من أربعين ألف متر مربّع، لكي يتم بناء ملعب وتأسيس نادي رياضي عليها لصالح الشبان الفلسطينيين، ولكن صادره المستوطنون.
بطبيعة الحال، في دولة «استيطانية»، تتلقّى أندية المستوطنات دعماً كبيراً من حكومة الاحتلال. وفي مقدّمة هذه الأندية هو فريق «بيتار القدس»، المدعوم مباشرةً من اليمين الصهيوني، حيث أنّه النادي الأكثر قرباً من رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير الأمن أفيغدور ليبرمان، اللذين يتصرفان كشخصين طبيعيين ويُشاهدان مباريات الفريق باستمرار. يتصرفان كرئيس وزراء طبيعي ووزير طبيعي، كما لو أنهما في دولة طبيعية، لا في دولة احتلال. و«الفيفا» موافق.


الفيفا يخرق القانون الدولي
في تشرين الثاني من العام الماضي أَعلَنَ الاتّحاد الدولي لكرة القدم «فيفا»، من الهند، حيث كان يجتمع، موقِفَه النهائي من قضيّة أَندية المستوطنات، وهو وقوفه على الحياد ورفض فرض أيّ عقوبات على ستة أندية صهيونيّة تلعب بدعم من اتحاد كيان الاحتلال رغم مخالَفَتِها للقانون الدولي. وتغاضت الفيفا بهذا القرار عن ثلاث توصيات رفعتها لجنة دوليّة عَمِلَت لأكثر من سنتين على الملف، وطالبت حينها هذه اللجنة بمعاقبة الأندية التي تلعب على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 على اعتبار أنّ هذا الأمر مخالف للقانون
الدولي.
وعزا رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم السويسري جياني إنفانتينو قرار الفيفا حينها إلى أن القضية «معقدة بشكل استثنائي»، ورأى أن «أي تدخّل في الستاتيكو القائم في هذه الأراضي، في كل المنطقة، بما يتعلق بكرة القدم، سيكون له أثر مفاقم» للمشكلة. وقال إنّ «هذه القضيّة لن تخضع لأي نقاش إضافي حتى يتغير إطار العمل القانوني/الفعلي».


لاعبون عرب خانوا فلسطين
على مدى السنوات لعب عدد من اللاعبين العرب مع أندية المستوطنات ومنتخب الاحتلال. ومن أبرز هؤلاء كان رفعت ترك الملقّب بـ»جيمي»، المولود في يافا. لعب نحو 12 موسماً مع «هبوعيل تل أبيب»، وكان أوّل عربي يلعب لمنتخب الكيان الصهيوني وشارك معه في أولمبياد 1976. وبعد اعتزاله كرة القدم عمل كمعلق رياضي... في تلفزيون الاحتلال. وليد بدير، ابن منطقة كفر قاسم، كان أيضاً من اللاعبين العرب الذين لعبوا لمنتخب الاحتلال، حيث شارك في 74 مباراة وسجّل 12 هدفاً لمنتخب الكيان الصهيوني، كما لعب لصالح «مكابي حيفا». ولعب أيضاً سليم طعمة ابن مدينة اللد لصالح نادي «هبوعيل تل أبيب». وكان زاهي أرملي لاعب «مكابي حيفا» من أفضل اللاعبين في تاريخ كيان الاحتلال وهو عربي من مواليد شفاعمرو في منطقة الجليل. ولعب للمنتخب الصهيوني أيضاً عباس صوّان منذ عام 2004 كما كان لاعباً مع اتحاد أبناء سخنين واشتهر في تسجيله هدف التعادل في مرمى إيرلندا في الدقيقة الأخيرة من مباريات الدور التمهيدي لمونديال عام 2006.