هو "الدربي" الذي رأى فيه النجماويون خطوة إضافية نحو لقب الدوري اللبناني لكرة القدم. لكنّه كان في نهاية المطاف "دربي" الدعسة الناقصة بالنسبة إلى "النبيذي" الذي سيجد اللقب يبتعد عنه في حال فوز العهد المتصدر على السلام زغرتا في مباراتهما المؤجلة بعد غدٍ الأربعاء.و"الدعسات الناقصة" كانت كثيرة بالنسبة إلى النجمة وحرمته من تحقيق الانتصار، الذي لم يكن يستحقه هذه المرة بحكم الأداء المميز للأنصار في هذا اللقاء، إذ كانت الخسارة لتكون ظالمة للفريق الأخضر الذي كان بإمكانه الفوز لولا إهداره لركلتي جزاء!
والخطوة المتعثّرة الأولى كانت عبر الاستراتيجية التي اعتمدها ثيو بوكير في هذه المباراة، إذ نادراً ما أخطأ "الثعلب الألماني" في قراءته منذ عودته إلى النجمة حيث عرف كيفية توظيف لاعبيه، أساسيين كانوا أم احتياطيين، في المكان والزمان المناسبين.
ربما أخطأ بوكير في حساباته لكنها كانت مفروضة عليه في ظلّ النقص في صفوفه


القصة بدأت قبل يومين على المباراة عندما أوقف بوكير الحصة التدريبية وطلب من لاعبيه الاجتماع في إحدى غرف الملعب حيث أخبرهم بأن الخطة المُعتمدة في اللقاء أمام الأنصار ستكون 4-4-1-1. تفاجأ اللاعبون كونهم اعتادوا على خطة قوامها 4-3-3 منذ وصوله، إذ ليس من السهل تطبيق نظام تكتيكي مختلف، وخصوصاً في ظلّ تبديل مراكز بعض اللاعبين لسدّ ثغرات الغيابات الحاصلة. لكن المفاجأة كانت أكبر عندما خسر الأساسيون باستراتيجيتهم الجديدة أمام الاحتياطيين في الحصة التدريبية المستكملة، من دون أن يغيّر هذا الأمر من الفكرة الطارئة!
الواقع أن هذا العرض ليس لانتقاد بوكير، إذ رغم أن البعض يتّهمه بأنه يفشل غالباً في المراحل الحاسمة بعدما سبق له أن خسر ألقاباً في لبنان ومصر وليبيا في الأمتار الأخيرة، فهو كان أسير خياراته المحدودة، والتي أجبرته على نقل لاعبين مهمين إلى مراكز أخرى من دون أن تفرز هذه التغييرات أي إفادة إيجابية.
من هنا، لا يمكن اعتبار بوكير مذنباً لإشراكه حسين شرف الدين أساسياً، وهو الذي بدا منذ قدومه غير مقتنعٍ بقدراته كمدافعٍ بمستوى الأساسيين، لكن مع إصابة علي حمام الذي شغل مركز قلب الدفاع في اللقاء أمام الصفاء بعد إصابة المقدوني ياسمين ميتشينوفيتش، كان المدرب مجبراً على تغيير شكل دفاعه من جديد. والدعسة الناقصة في هذه المسألة لم تكن بإشراك شرف الدين، وهو المدافع الوحيد الموجود بين الخيارات المتاحة، بل في "قتل" نادر مطر بإعادته إلى مركز الظهير الأيمن، الذي يكرهه أصلاً، فأصبح الأخير أسيراً لواجبه الدفاعي في غالبية فترات المباراة من دون أن يستفيد منه النجمة هجومياً كما جرت العادة.

ينتظر كثيرون مباراة حاسمة بين العهد والنجمة(هيثم الموسوي)

وعند مركز الظهير الأيمن يمكن التوقف حيث كان بالإمكان إشراك حسن العنان الذي يجيد شغل هذا المركز أو الاعتماد على علي بزي الذي لم يقتنع به بوكير كظهير رغم أنه شغله لفترةٍ غير قصيرة مع المدرب السابق جمال الحاج.
والتعديل على التشكيلة بإشراك بزي ثم الدفع بمطر إلى مركزٍ متقدّم كان متأخراً بعض الشيء، خصوصاً بعدما شلّ الأنصار حركة حسن معتوق في المركز الحرّ الممنوح له، وعزل المهاجم النيجيري كبيرو موسى عبر حصارٍ دفاعي بثلاثة مدافعين ثابتين في مراكزهم غطوا المساحات الفارغة حيث يمكن للأخير ملاحقة الكرات الساقطة فيها. كما أن التأخير كان حاضراً في عدم استبدال علي الحاج، فصاحب الموهبة الكبيرة واجه صعوبات في مواجهة لاعبٍ أسرع وأكثر خبرة منه هو نصار نصار الذي قدّم مباراة كبيرة على غرار غالبية لاعبي الأنصار. لكن مجدداً عانى بوكير من ضعف خياراته على مقعد البدلاء المليء باللاعبين الصغار السن، والذين لا يمكنهم تغيير مجرى مباراة كبيرة من هذا النوع.
وحده الحارس علي السبع صنع نجوميته بيديه، إذ بعيداً من تصديه لعددٍ من الكرات والانفراديات الخطرة، ارتكب خطأين تسبّبا بركلتي جزاء، لكنه تصدى ببراعة للسنغالي الحاج مالك وعلاء البابا. وباستثناء السبع لم يأتِ النجمة إلى المباراة، وهي العبارة التي كانت على لسان الكثيرين بفعل عدم تشكيل النجماويين لخطورة حقيقية على مرمى الحارس ربيع الكاخي. لكن لا بدّ من الإشادة بما قدّمه الأنصار الذي أخرج خصمه اللدود من اللعبة منذ الدقائق الأول بخطة ذكية من قِبل المدرب التشيكي فرانتيتشيك ستراكا، الذي كان جريئاً في إبعاد بعض الأسماء والاعتماد على أخرى، كما في استغلاله عدم التوازن في التشكيلة النجماوية لينطلق إلى الهجوم ويهدّد مرمى السبع أكثر من مرّة.
إذاً هي دعسة ناقصة قد «تكسر» قدم النجمة لما تبقى من هذا الموسم، فالتعادل كان بطعم الخسارة، التي قد تُخسّر الدوري أيضاً عرساً ختامياً حيث ينتظر كثيرون مباراة حاسمة بين العهد والنجمة في المرحلة الأخيرة من عمر البطولة، وأمر فرضها بات على ما يبدو بين يدي "قاهر النجماويين"، السلام زغرتا.