لا يخفى أن كرة السلة اللبناني تعيش فترة انعدام توازن وتراجع من جوانب مختلفة. لكن محاولات الإنعاش السريعة ما انفكت تنقذ هذه اللعبة في مواسم سابقة، وهي باتت برأي الكثيرين بحاجةٍ إلى انعاش من نوع آخر بعد تراجع دور اللاعب المحلي وتأثيره في نتائج المنتخب الوطني، ما فرض رأياً قائلاً بضرورة العودة إلى نظام اعتماد لاعبَين أجنبيين فقط في الملعب.وبحسب الدوائر الاتحادية الضيّقة يُعدّ رئيس لجنة المنتخبات حالياً أكرم حلبي وأمين عام الاتحاد شربل رزق من أبرز مناصري العودة إلى زمن الأجنبيين، وذلك بهدف إفادة المصلحة العامة، ورغم انقسام الرأي بشكلٍ كبير حول هذا الموضوع الحسّاس جداً والمفصلي في صورة البطولة عامةً وصورتها الفنية خاصةً.

اللبنانيون «كومبارس»

الواقع أن الدفع نحو العودة إلى هذا القانون جاءت بعدما لَمَس البعض من أصحاب القرار بأن تراجع دور اللاعب اللبناني في فريقه أثّر على تطويره، فأصبح اللاعبون الدوليون حتى تحت رحمة نظرائهم الأجانب، وكان التراجع المخيف على صعيد نتائج الأندية خارجياً والمنتخب في استحقاقاته المهمة. ففي بطولة لبنان، يمكن الاطلاع على نسبة تسديدات الأجانب في الفرق مثلاً لمعرفة مدى الدور الأساسي الذي يلعبونه على أرض الملعب، والذي حوّل اللاعبين المحليين إلى «كومبارس» في العديد من الفرق، بحيث تدور الكرة على أرض الملعب لإيصالها إلى أحد الاجانب المفترض أن يتولى عملية التسجيل. وهؤلاء الأجانب يشغلون مراكز حسّاسة على أرض الملعب تسمح لهم بـ «أكل الجوّ»، وهم يرحبون بالتأكيد بهذا الأمر كونهم يبيعون أنفسهم من خلال الأرقام العالية التي يحققونها دون الاكتراث في كثيرٍ من الأحيان إلى دور اللاعب المحلي أو حتى إلى نتائج الفرق التي يدافعون عن ألوانها. لكن الحقيقة أن مرحلة التراجع ليست وليدة الصدفة، بل إنها بدأت منذ 10 أعوام تقريباً، وقد أجبر لبنان في حينها على الذهاب لتجنيس لاعبين ذوي أصول لبنانية لملء الفراغ الذي خلّفه الشحّ في المواهب في ملاعبنا. فكان وصول لاعبين مثل مات فريجة وبريان بشارة وبول خوري. هذا في موازاة الاعتماد بعدها على لاعب مجنّس كان غالباً في مركز الارتكاز الذي ما زلنا نعاني فيه «لبنانياً» حتى اليوم وسط سيطرة الأجانب عليه، وفي ظل عدم قدرة أي نادٍ على اكتشاف «وحش» حقيقي تحت السلة.

الحلّ المنقوص

لكن هل الاعتماد على لاعبَين أجنبيين بدلاً من ثلاثة في كل فريق هو الحل الشافي؟ لا يختلف اثنان على أن اللعبة تفتقر للمواهب الجديدة، إذ بعد بزوغ نجم وائل عرقجي لم تعرف الملاعب موهبة حقيقية على شاكلته يمكن البناء عليها للمستقبل. وهذه المسألة كانت سبباً رئيساً في الذهاب نحو الاعتماد على ثلاثة لاعبين أجانب. لكن المستقبل هو ما يفترض أن يكون المشروع الكبير، إذ إن إقرار اللعب بأجنبيَين لا يفترض أن يكون القرار الوحيد الهادف إلى التطوير، بل يفترض أن يترافق مع سلسلة خطوات على هذا الصعيد، وعلى رأسها تنظيم بطولات الفئات العمرية بشكلٍ احترافي لتأمين عبور جيلٍ جديد إلى الأضواء، لكي يكمل مسيرة من سبقه إلى وضع الأسس القوية لفرقٍ ومنتخبات قوية، تعود بالنتائج الطبيعية التي اعتادت عليها كرة السلة اللبنانية.

العودة إلى القانون القديم تحمل سلّة إيجابيات فهي ستعيد الاعتبار إلى اللاعب المحلي

ووفق مصادر «الأخبار»، فإن هناك حلولاً عدة مطروحة على الطاولة، منها الاعتماد على أجنبيَين اثنين وآخر على مقاعد البدلاء، أو تحديد زمن تواجد الأجنبي على أرض الملعب بحيث لا يخوض الدقائق الـ 40 الكاملة. وهذه الحلول لا تكفي بنظر العديد من الخبراء الذين يرون فيها التفافاً جديداً لتحجيم دور اللاعب المحلي.

سلّة إيجابيات وسلبيات

العودة إلى القانون القديم تحمل سلّة إيجابيات، فهي ستعيد الاعتبار إلى اللاعب المحلي، وخصوصاً لاعبي المنتخب الوطني. سجّل بعضهم تراجعاً على المستوى الشخصي بسبب انكفاء أدوارهم في فرقهم أمام المدّ الأجنبي. وهذه النقطة دفعت لاعبين سابقين أمثال نجم الرياضي والحكمة ومنتخب لبنان سابقاً بدر مكي، الذي خَبُر اللعب مع الأجانب على كافة المستويات، إلى المطالبة بالذهاب نحو اعتماد لاعب أجنبي واحد حتى! لكن في المقابل هناك سلبيات عدة على هذا الصعيد، تبدأ من انخفاض المستوى الاستعراضي والتنافسي في البطولة، بحيث قد لا نشهد العديد من المباريات المتقاربة، عندما يكون أحد طرفيها فريقاً يملك خزاناً من اللاعبين المحليين المميزين، وهو الذي دفع بعض الفرق إلى التمسّك بالقاعدة الحالية.
وهذه الفرق نفسها وعددها ليس بقليل، تصرّ على بقاء الحال على ما هو عليه، لأنه من سلبيات العودة إلى فترة الأجنبيين هي في ارتفاع عقود اللاعبين اللبنانيين وسط عدم وجود عددٍ كبيرٍ منهم بالمستوى المتقدّم لملء الفراغ الذي سيخلفه الأجانب خلفهم. إذاً، المسألة ليست مسألة خيارات أو اقتراح قانون يتناسب وفق أهواء هذا الفريق أو ذاك، بل إن مستقبل لعبة يرتبط بقرارٍ عام يأخذ بعين الاعتبار المصلحة العامة قبل أي شيء آخر، لكي لا تتكرر صورة الخيبات التي عرفناها أخيراً.




اللويزة «يصفّي» أجانبه!

تنسحب الأزمة المالية في كرة السلة اللبنانية على نادي اللويزة، الذي كان منذ البداية يرصد ميزانية «متواضعة» للبطولة، بالمقارنة مع بقية أندية الدرجة الأولى. وأكدت مصادر في النادي أنّ التوجه الآن سيكون بالتخلي عن خدمات اللاعبين الأجانب، وفسخ العقود معهم بالتراضي، بهدف تخفيف الأعباء الماليّة، على أن يَتم استكمال الموسم باللاعبين اللبنانيين. ولم ينفِ النادي إمكانية عدم المشاركة في بطولة الدرجة الأولى الموسم المقبل، لما يترتب على الأمر من أعباء ماليّة كبيرة. وكان اللويزة حقق مستويات جيّدة هذا الموسم وبقي لفترات طويلة في «المنطقة الدافئة». من جهة ثانية تستمر معاناة نادي التضامن الذوق «الجريح»، والقابع في المركز الأخير، بسبب عدم القدرة على تأمين التمويل اللازم للفريق وتحقيق الاستقرار المطلوب.
فعلى الرغم من تدخل أهالي المنطقة وعدد من المستثمرين لدعم النادي، إلا أن المشكلات الماليّة في تزايد. ويخشى المتابعون أن يغيب النادي عن البطولة في العام المقبل، بالنظر إلى حجم
الأزمة.