«شكراً لك يورغن». بهذه الكلمات ودَّعت جماهير بوروسيا دورتموند مدربها يورغن كلوب بعد 7 سنوات من العمل الشاق والناجح نسبياً. هذا النجاح الذي وصل إليه الأخير مع الفريق الأصفر والأسود، وضع المدرب الجديد توماس توشيل تلقائياً أمام تحدٍّ كبير. كلوب، أهدى في الموسم الأخير مقعداً للفريق في مسابقة «يوروبا ليغ»، بعدما نجح سابقاً في تحقيق لقب «البوندسليغا» مرتين متتاليتين، وكأس ألمانيا مرة والكأس السوبر الألمانية ثلاث مرات، إضافة الى الوصول الى المباراة النهائية لمسابقة دوري أبطال أوروبا في 2013.
لذا لا شك في أن مهمة توشيل الأولى هي إعادة الثقة للفريق، وإقناعه الجمهور بأنه قادر على العودة الى المنافسة في مختلف البطولات. ويبدو أن الرجل يسير بخطى ثابتة نحو هذا الهدف، وخصوصاً بعد تحقيقه فوزاً لافتاً على يوفنتوس بطل الدوري الإيطالي 2-0 في مباراة ودية، سجلهما الغابوني بيار إيميريك أوباميانغ وماركو رويس.
وبالحديث عن أسماء اللاعبين، يمكن القول إن نجاح توشيل في الحفاظ على نجوم الفريق، الذين كانوا ينوون الرحيل، مثل رويس وأوباميانغ وماتس هاملس وإيلكاي غوندوغان، يأتي في إطار إيمانه بأنه موجود لإعادة هيبة الفريق من جديد، وعدم الرضى بالوجود في مركز متواضع على لائحة ترتيب البطولة الألمانية. ولعل بقاء غوندوغان وتمديد عقده حتى عام 2016، هو المثال الأبرز لذلك، إذ إنه كان الأقرب الى مغادرة ملعب «سيغنال بارك».
أمل الرئيس التنفيذي لدورتموند هانز يواكيم فاتسكه، يتشابه وأمل الجماهير في أن يسير توشيل على نهج كلوب. لكن توشيل، رفض غير مرة، أن يكون شبيهاً بأحد، إذ إنه يثق بقدراته في التدريب على الصعيد الجماعي عبر استراتيجياته الخاصة، وعلى الصعيد الفردي أيضاً، إذ الى جانب التدريبات العادية، طلب توشيل تحليل معدل اللياقة البدنية بواسطة مؤسسة مختصة، إضافة الى تطويره خطط التدريبات الفردية من أجل تجنب عبء الإصابات الثقيلة التي ألمّت بالفريق الموسم الماضي، وخصوصاً إصابة نجمه الأول رويس.

قال توشيل إنه يستوحي خططه
من خطط
«غوارديولا ـ برشلونة»


يثق توشيل بنفسه، ويعتمد على إنجازاته مع فريق ماينتس الذي تولى مسؤوليته منذ عام 2009، وإيصاله أخيراً الى نفس ما حققه كلوب مع دورتموند، أي التأهل الى «يوروبا ليغ».
وهنا يمكن القول إن المدربين، كلوب وتوشيل، تشابها في الحصول على التصفيق الوداعي، بعد إعلانهما الرحيل، لكن المدربين لا يتشابهان في التكتيك تحديداً. هما يختلفان في الكثير من النواحي، إذ إن الأول يعتمد، بشكل عام، على الإيقاع السريع للعب وتأمين الدفاع قبل أي شيء آخر. أما الثاني، فيعتمد حالياً على الاستحواذ على الكرة، وإيجاد الطرق السهلة لتمريرها. في التكتيك المتبع حالياً، قال توشيل إنه يستوحي خططه من خطط «جوسيب غوارديولا – برشلونة»، لكنه لا يحاول استنساخها، ويبدو هذا منطقياً نظراً إلى الفارق الكبير في أسماء اللاعبين الموجودين في الفريقين.
لكن ما يتوقعه النقاد هو أن تكون البداية الرسمية للفريق في البطولات المقبلة متذبذبة بعض الشيء، وذلك لعدم اكتمال انسجام اللاعبين مع خطط المدرب الجديد، بعد اعتيادهم على خطط كلوب لسبع سنوات متواصلة. ويفترض أن يكون الهدف الأول لدورتموند هو الوصول الى المراكز المؤهلة لدوري الأبطال، وإعادة ترسيخ أقدامه في صراع المنافسة على لقب الدوري، وبعدها محاولة التتويج باللقب.
هذه هي فرصة توشيل لإثبات اقتران اسمه بأسماء المدربين الكبار، بعدما فشل سابقاً في التتويج بأي بطولة في مسيرته كمدرب. وإذا ما نجح سريعاً في تحقيق نتائج إيجابية عند انطلاق الدوري الألماني، فلن يكون اسم المرحلة في دورتموند «مرحلة ما بعد كلوب»، بل سيكون اسمها: «مرحلة توشيل».