ريال مدريد هو الرقم الصعب في دوري أبطال أوروبا. هل هناك أي مجال للشك؟ هذا ما أثبته الفريق مجدداً في موقعته أمام باريس سان جيرمان أول من أمس، بتحقيقه الفوز 3-1 وسط معاناته في «الليغا» والانتقادات والضغوط التي يتعرّض لها.
مجدداً أثبت ريال مدريد أن «التشامبيونز ليغ» بطولته، أنه الرقم الصعب في مسابقة دوري أبطال أوروبا التي يحمل الرقم القياسي في عدد ألقابها. كثيرون راهنوا أن سقوط الفريق آن أوانه بعد أن وقع في قرعة دور الـ 16 في مواجهة باريس سان جيرمان الذي دخل البطولة بكل ثقله بعد ضم كيليان مبابي والبرازيلي نيمار واضعاً اللقب ولا شيء سواه نصب عينيه. حال «الميرينغي» في «الليغا» وسقطاته الكثيرة وابتعاده الكبير عن صدارة غريمه برشلونة فضلاً عن خروجه المفاجئ من كأس إسبانيا وعدم الاستقرار في صفوفه والضغوطات الكبيرة، كل هذه العوامل عزّزت فكرة أن الريال سيسقط هذه المرة ولو حتى في ملعبه التاريخي «سانتياغو برنابيو» ذهاباً. إلا أن الريال رد على الانتقادات وأفشل التوقعات وأكد أنه الفريق الذي يصمد في بطولته المفضّلة رغم الضغوط، ليخرج بفوز ثمين 3-1.
ما يزيد من قيمة هذا الفوز فضلاً عما تقدّم هو أن الريال وجد نفسه متأخراً بين جماهيره بهدف نظيف أمام خصم بدا حتى تسجيل هذا الهدف الطرف الأفضل، إلا أن رفاق البرتغالي كريستيانو رونالدو انتفضوا وقلبوا النتيجة رغم قوة الضيف. التأكيد الآخر على تخصص الريال في دوري الأبطال أنه لم يخض أمسية الأربعاء مباراة مثالية لكن ما يُحسب له (دوماً) أنه يعرف كيف يصل إلى هدفه. هي الخبرة والتجربة والتمرس في هذه البطولة ما يصبّ في مصلحة الريال رغم حالته المعنوية الأخيرة واستمرار غياب فعالية مهاجمه الفرنسي كريم بنزيما، وهذه نقطة مهمة. ليس بجديد على الريال هذا المشهد الأوروبي في السنوات الأخيرة، وتحديداً في تلك التي أحرز فيها لقب البطولة. ففي عام 2014 ظل متأخراً بالنتيجة في المباراة النهائية أمام جاره الغريم أتلتيكو مدريد 0-1 حتى الوقت بدل الضائع قبل أن يسجل سيرجيو راموس هدف التعادل ويجهز على خصمه في الشوطين الإضافيين 4-1. المشهد تكرر في عام 2016 عندما تسلم المدرب الفرنسي زين الدين زيدان فريقاً مفككاً من سلفه رافاييل بينيتيز إلا أن الريال ظهر بصورة الوحش في أوروبا وألحق الهزائم بدءاً من دور الـ 16 حتى النهائي بفرق روما الإيطالي وبايرن ميونيخ الألماني ومانشستر سيتي الإنكليزي وأتلتيكو مدريد على التوالي ليحرز اللقب، ثم أتبعه بلقب ثانٍ على التوالي في العام الماضي بإسقاط نابولي الإيطالي وبايرن وأتلتيكو مجدداً ويوفنتوس على التوالي. وكما الحال مع الريال، فإن رونالدو أثبت مجدداً أن «التشامبيونز ليغ» هي بطولته المفضّلة حيث تمكّن أول من أمس من التفوّق على الثلاثي المرعب في النادي الباريسي «أم سي أن» المكوّن من مبابي ونيمار والأوروغوياني إيدينسون كافاني بتسجيله هدفين رغم معاناته في «الليغا»، ليرفع رصيده إلى 11 هدفاً هذا الموسم في صدارة ترتيب الهدافين.
وبطبيعة الحال فإن هذا الفوز سيكون له مردوده الإيجابي على الفريق ككل، وهو جاء في توقيت مناسب. لكن من الواضح أن زيدان هو أكثر المستفيدين من هذا الانتصار إزاء الانتقادات التي وُجِّهت إليه والتي وصلت إلى المطالبة بإقالته رغم كل ما قدّمه للفريق، فضلاً عن الضغوط التي دخل بها المباراة، إلا أنه تمكّن من إدارتها بأفضل طريقة تحديداً عبر تبديلاته في المنعطف الأخير من المواجهة بإخراج بنزيما وإيسكو والبرازيلي كاسيميرو وإدخال الويلزي غاريث بايل ولوكاس فاسكيز وماركو أسينسيو بدلاً منهم، حيث صنع الأخير هدفي الفوز في الدقائق الأخيرة. لا شك بأن سان جيرمان تعلّم درساً أمسية الأربعاء في «سانتياغو برنابيو» بأن «التشامبيونز ليغ» لها أساتذتها، والريال في طليعتهم.