إشكال في مباراة النبي شيت والإخاء الاهلي عاليه أوقف اللقاء لمدة 10 دقائق بسبب ركلة جزاء. مشهد مشابه في مباراة التضامن صور والسلام زغرتا أوقفها لحوالى 6 دقائق. وبين المشهدين، كانت المناوشات والاحتكاكات والتدخلات العنيفة حاضرة، إضافة إلى البطاقات الملوّنة، التي وصلت في لقاء ملعب بحمدون العاصف بين الفريقين الشمالي والجنوبي الى 8 بطاقات صفراء، وأخرى تحوّلت إلى حمراء ورفعت في وجه لاعب التضامن شادي سكاف.
كل هذا ليس في مباراة نهائية أو في لقاء على لقب الدوري أو لتفادي الهبوط، بل في مسابقة كأس لبنان، التي لطالما نظر اليها المتابعون بدرجةٍ أدنى من بطولة الدوري، لكن ليس بعد الآن بالنسبة إلى الفرق، وتحديداً منذ اعتماد الفائز فيها ممثلاً للبنان في مسابقة كأس الاتحاد الآسيوي.
من مباراة الإخاء المتأهل إلى نصف النهائي لملاقاة العهد بعد فوزه على النبي شيت 2-0 (سجلهما اليكسي خزاقة في الدقيقتين 20 و75 من ركلة جزاء)، ومن المباراة التي أهّلت التضامن لملاقاة النجمة بتغلبه على السلام زغرتا 4-3 بركلات الترجيح بعد تعادلهما 1-1 في الوقتين الأصلي والاضافي (سجل للتضامن يوسف عنبر في الدقيقة 33 وللسلام اليكس بطرس في الدقيقة 77)، يمكن استخلاص مدى أهمية الكأس بالنسبة إلى كل الفرق؛ ففي المباراة الأولى، وبعد إشارة من الحكم المساعد محمد ناصر الدين إلى الحكم الرئيسي سامر السيد قاسم لاحتساب ركلة جزاء لمصلحة الفريق الجبلي، توقّف اللقاء ودخل رئيس النادي البقاعي أحمد الموسوي الى الملعب، وسط غضب لاعبيه واعتراضهم بشدة على قرار الحكم. وفي المباراة الثانية تكرر الموضوع مع إشارة الحكم المساعد تيسير بدر إلى الحكم الاول هادي سلامة باحتساب ركلة جزاء للتضامن، لكن بعد تشاور الاخير مع المساعد الآخر حسين عيسى والحكم الرابع مصطفى سعيفان تمّ إلغاء القرار، لتنتقل الاعتراضات من لاعبي السلام الى لاعبي التضامن!
مشهدان يعكسان مدى الأهمية التي تتّسم بها مباريات الكأس حالياً، والتي انعكست روحاً قتالية كبيرة في مباراة العهد وطرابلس في منتصف الاسبوع الماضي، وبعدها بيومٍ تحوّلت الى حالة عامة زحف من خلالها الآلاف الى المدينة الرياضية لمواكبة «دربي» الانصار والنجمة. وطبعاً وصولاً إلى مباراة أمس في بحمدون وقبلها على ملعب العهد حيث ظهرت أطرافها كأنها مستعدة لإفراغ كل ما عندها على أرض الملعب بهدف التأهل إلى دور الاربعة.
وبعيداً من العهد والنجمة الطامحين إلى ثنائية، واللذين يملكان أسهماً أعلى من غيرهما لعدم الخروج من الموسم من دون أي لقب، جاءت العصبية المفرطة التي هيّجت الجمهور أيضاً في مباريات الكأس، من خلال إدراك الفرق الأخرى أن هذه المسابقة هي خيط الامل الوحيد بالنسبة اليها لإنقاذ موسمها، لا بل حتى الخروج بمكاسبٍ أكبر من تلك التي يمكن أن تحصدها من خلال المركز الذي ستنهي فيه الدوري.
وهنا الحديث عن حلم التأهل الآسيوي الذي يمكن أن ينعش خزائنها أيضاً بمبالغ جيّدة من المال، إضافة إلى «بريستيج» تمثيل لبنان على الساحة القارية. هكذا، كان لاعبو الفرق التي خسرت أصلاً السباق إلى لقب الدوري مستعدين للقتال بكل الوسائل المتاحة من أجل مواصلة المشوار، والذهاب إلى المباراة النهائية وبلوغ منصة التتويج في ختام الموسم.
لكن مسألة التمثيل الآسيوي من خلال الفوز بمسابقة الكأس تترك إشكالية كبيرة، وخصوصاً أن الفريق الفائز فيها، وفي حال كان من أندية دوري الأضواء، يلعب 4 مباريات فقط قبل أن يحصل على مبتغاه، ليتساوى منزلةً مع بطل الدوري الذي يخوض 22 مباراة ليحجز البطاقة الآسيوية. وهنا المقصود أن البعض لا يرى عدلاً في القاعدة المعتمدة التي تساوي بطل الدوري ببطل الكأس، ويذهبون في عرض أسباب هذا الكلام الى البطولات الوطنية الاوروبية حيث تكون أفضلية التمثيل محصورة بفرق المقدّمة في الدوري التي تلعب في دوري أبطال أوروبا، بينما يحصل بطل الكأس على بطاقة التمثيل في المسابقة الأقل قيمة، وهي «يوروبا ليغ».
أما الرأي الآخر المناقض فهو يرى إيجابية في القاعدة المذكورة، إذ إنه، ومن دون شك، كان «الحلم الآسيوي» في أساس إفراز مباريات نارية غلب عليها الطابع التنافسي، وحرّك ركود بعض الجماهير التي كانت قد تعبت من النتائج السلبية لفرقها وابتعدت عن مواكبتها، فكانت النقطة الإيجابية التي صبّت في خانة «المصلحة العامة» للعبة.